سيكون من العسير جدا أن تتخيل تاريخ السينما المصرية بدون أبناء' قصدي ذو الفقار' ضابط الشرطة, ووالد عز الدين ومحمود وصلاح الذين قدموا نسبة لا بأس بها من أهم أفلامنا. مبكرا جدا بدأ محمود ذو الفقار حياته الفنية بعد تجربتين فاشلتين في عالم الوظيفة, ودخل السينما من باب التمثيل, في فيلم' بياعة التفاح'(1939, إخراج حسين فوزي الذي أعاد إخراج القصة في فيلم تمر حنة) لعب ذو الفقار بطولة الفيلم أمام عزيزة أمير رغم فارق السنين ال13 بينهما, ففي حين ولد هو في17 فبراير1914, كانت هي من مواليد.1901 واستمر زواجهما حتي توفيت عام1952, فتزوج مريم فخر الدين رغم فارق السنين بينهما( في الاتجاه العكسي) وكان زواجهما قصيرا لم يتزوج بعده. زادت أفلام' ذو الفقار' كممثل علي العشرين, عرض آخرها بعد وفاته( الإخوة الاعداء,1974 إخراج أحمد السبعاوي) ورغم ذلك, ورغم شبهه بشقيقه النجم صلاح ذو الفقار, فإن وجهه غير معروف للجمهور, فقد ارتبط اسمه بالإخراج. كان أول أفلام ذو الفقار كمخرج هو فيلم' هدية'1947, ثم قدم بعده47 فيلما, كما أنه كتب عشرين فيلما وأنتج خمسة. وذو الفقار له علامتان من علامات السينما المصرية, علامة اجتماعية هي فيلم المرأة المجهولة, وعلامة سياسية هي فيلم الأيدي الناعمة. ففي عام1959 قدم ذو الفقار فيلما مقتبسا من فيلم عالمي هو' المرأة إكس' حمل نفس العنوان تقريبا المرأة المجهولة, وكتب السيناريو للفيلم المصري محمد عثمان. ورغم أن الفيلم ينتمي إلي عالم الميلودراما الفاقعة, حيث مساحة شاسعة من الظلم الذي يحيق بالبطل, وعدد من المآسي القدرية غير المبررة المبنية علي الصدفة, إلا أن اعتماد القصة علي العطاء الأمومي غير المحدود جعل الفيلم يكتسب شعبية جارفة في مجتمع عاطفي مثل المجتمع المصري. وما يزيد من حالة التعاطف الشعبي مع الفيلم هي الجرأة المشتركة بين مخرج الفيلم وبطليه شادية وكمال الشناوي, حين قدمهما كعجوز وشمطاء في أخريات العمر, وذلك في وقت طويل من زمن الفيلم, رغم أنهما كانا في عز الشباب والجمال والوسامة, مما رشح الفيلم ليكون أيقونة عيد الأم. اما فيلم الأيدي الناعمة1963 عن قصة توفيق الحكيم وتأليف يوسف جوهر فقد تبني الحلم الناصري في دولة العمال, الدولة المؤسسة علي فكرة البيت المبني ب' طوبة دهب وطوبة فضة.. الطوبة الدهب هي الحب والطوبة الفضة هي الكفاح'. ونجحت الرومانسية المفرطة التي تعامل بها ذو الفقار مع الرواية والقصة في مداعبة مشاعر وعقول واحلام جيل الستينيات لسنوات قبل أن يفيقوا مع النكسة, وإن بقي الفيلم هو أيقونة عيد العمال. ولا يمكن أن ننسي ونحن نمر علي علامتي محمود ذو الفقار المتوفي22 مايو1970 أن الفيلمين قدما عددا من الأغنيات التي تحولت بدورها إلي علامات ومنها سيد الحبايب, والدوامة وبا فتحة با بحبك.