يا أخضر بقيت كل الألوان إلا الأخضر هذا البيت المتكرر في قصيدة للراحل فؤاد حداد سيطرق رأسك ملخصا تفاصيل بصرية عديدة ستبقي في ذاكرتك بعد مشاهدة معرض ألوان من اثيوبيا المقام حاليا في قاعة دروب للفنان جلال الحسيني. في معرضه الذي افتتحه مساء أمس الأول د. أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية والوزير المفوض بالسفارة الاثيوبية ايلي ليري جيجامبو نيابة عن السفير الاثيوبي في مصر. ينقل جلال الحسيني رؤية انسانية للدولة البعيدة التي احتلت عناوين الصحف المصرية علي مدي الأشهر القليلة الماضية لتزعمها لمحور الدول المدافعة عن اتفاقية عنتيبي التي تنتقص من حقوق مصر التاريخية في مياه النيل بعد أن ساءت العلاقات بينها وبين مصر بسبب الدبلوماسية التي انتهجتها حكومات الحزب الوطني المنحل المتعاقبة تجاه دول القارة. يقول جلال الحسيني: زرت اثيوبيا خلال جولة طفت فيها عدة دول, وكان نصيب اثيوبيا من رحلتي عشرة أيام طفت فيها مدنها السبع الكبري, الا اني في هذه الأيام العشرة بهرت كما لم انبهر في أية دولة أخري زرتها حتي في ايطاليا والهند. لهذا قدمت في المعرض خمسين لوحة رسمتها بمجرد عودتي لم انقل فيها الكنائس الاثرية ولا منطقة المسلات. فعندما تأملت الصور الفوتوغرافية التي التقطتها هناك. خرجت بانطباعات مختلفة عمادها الانبهار بالبشر وبساطتهم وعنايتهم بالجمال في كل تفاصيل حياتهم رغم الفقر المنتشر في هذه الدولة ذات الحضارة العريقة. ينقل الحسيني في معرضه صورا لأسواق اثيوبيا وبائعاتها اللاتي يرتدين ألوانا وحليا صاخبة الألوان دون اهمال للتناسق, تحتل اللوحات وجوه افريقية قريبة الشبه من مواطني جنوب مصر. ولقطات لبحيرة تانا التي تنساب مرورا بها مياه النيل إلي السودان ومصر. الرؤية الانسانية التي نقلها جلال الحسيني كانت سببا في سعادة إلي ليري المستشار الثاني لسفير أثيوبيا في مصر الذي حضر الافتتاح وقال لالأهرام المسائي: هذه هي المرة الأولي التي يذهب فيها فنان مصري لاثيوبيا ويعود ليقدمها لبني وطنه, وعندما نظرت للوحات شعرت بسعادة شديدة لأن المعرض يخرج أجمل ما في أثيوبيا للمواطن المصري. هكذا ينبغي أن يكون التعاون بين الشعبين اللذين يجمعهما تاريخ وحضارة قديمتان, فأثيوبيا حمت الإسلام عندما احتضنت رسل النبي محمد كما حمت مصر المسيحية, الدولتان مشتركتان في الدين والعلاقات التاريخية التي تعود لمصر الفرعونية, هذه الأسس من المحبة والتشابه الحضاري هي ما يجب ان تقوم عليه العلاقات بين البلدين عوضا عن التعالي الذي كانت تقابل به اثيوبيا من قبل النظام السابق. من المهم ان نستمع لبعضنا البعض, ونتعاون في الفن والتنمية. وينفي جلال الحسيني أن يكون هذا المعرض مقصودا لمواكبة الظروف السياسية التي تمر بها العلاقات المصرية الاثيوبية, مؤكدا ان المعرض جري تأجيله لإصراره علي ان يكون اسمه ألوان من اثيوبيا. الا ان موعد افتتاح المعرض تم تحديده في منتصف مارس الماضي قبل ان تبدأ العلاقات المصرية الاثيوبية في التحسن عقب زيارة الوفد الشعبي المصري لاثيوبيا منذ أيام.