دول حرموا علينا عيشتنا..وكل حاجة عندهم حرام..هكذا يعبر قطاع واسع من المصريين,بعفوية وتلقائية شديدتين,عن سيل الفتاوي الهادر,الذي ينتجه شيوخ التيار الإسلامي علي تنوعهم واختلاف توجهاتهم,خاصة دعاة الفكر السلفي,عبر المواقع الإلكترونية التابعة لهم,أو من خلال شاشات الفضائيات الناطقة باسمهم. وبمحاولة بسيطة لاستعادة الفتاوي التي أثارت جدلا كبيرا خلال الفترة الماضية,ستجد علي سبيل المثال لا الحصر,الفتاوي الصادرة عن دعاة جماعة الإخوان الإرهابية بتحريم المظاهرات في عهد المعزول محمد مرسي,بينما اعتبر الدعاة أنفسهم أن المشاركة في المظاهرات لإعادة مرسي إلي قصر الاتحادية,جهاد في سبيل الله ورسوله!! واستمر مسلسل الفتاوي المستفزة..التي حظيت بمناقشة واسعة,سواء علي المستوي الإعلامي أو الاجتماعي,منها فتوي القيادي بالحركة السلفية الجهادية,مرجان الجوهري,بإباحة هدم الأهرام وأبو الهول,معتبرا أنها أصنام كفرية تتعارض مع تطبيق الشريعة الإسلامية..ناهيك عن الفتوي الصادرة عن الداعية السلفي أبو اسحاق الحويني,التي اعتبر فيها أن دراسة الفتيات في الكليات التي فيها اختلاط حرام,وأن جميع الفتيات اللواتي يدرسن في كليات مختلطة آثمات..وهو نفسه الذي قال في رأي سابق: إنه لا ضرورة لتعليم المرأة,وأن النساء ناقصات عقل ودين,ولم يخلقن إلا للزواج والإنجاب ورعاية الأسرة! بينما انتشرت فتاوي الكراهية ضد الأقباط,قبل أسبوع من حلول الكريسماس واحتفالات رأس السنة,إذ أفتي عدد من الدعاة والشيوخ المحسوبين علي التيارات السلفية والإخوانية والوهابية,بحرمة تهنئة الأقباط بأعيادهم ومناسباتهم الدينية المختلفة, معتبرين الإفتاء بغير ذلك أشد حرمة من شرب الخمر وفعل المنكرات والفواحش,بخلاف اعتبار من يقول بغير هذا الرأي آثما. كما صدرت فتاوي عديدة,بشأن لعب أو مشاهدة كرة القدم,ويفتي نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي:أن الساحرة المستديرة تلهي الشعوب وتتضمن محرمات دائما,وأن عامة من ينشغل بهذا واقع في المحرمات..ويستطرد عبدالآخر حماد, احد مشايخ السلفية:لابد من ستر العورة عند ممارستها,ويقول الشيخ السلفي مصطفي العدوي:هذه مهزلة,وشعوبنا مازالت سفيهة وبعيدة عن الدين,وما الفائدة كي يقف شخص ملتح يكون مبسوطا لأن مصر فازت,فسحقا لمنتخب مصر!..وتتجلي هذه الفتاوي,عندما تكون هناك مباراة هامة في بطولة للمنتخب,أو مباريات داخل مصر كنهائي الكأس أو الدوري,أو مباراة تجمع قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك. بينمامازالت عبارة آه لو لعبت يا زهر تشغل السلفيين وتثير حفيظتهم حتي الآن,فمنذ فترة ظهر أحد القيادات السلفية في فتوي غريبة ولافتة, محرما هذه المقولة المتصلة بالذهنية الشعبية والاعتياد أكثر من الاعتقاد,ومحرما أيضا كلمات الأغنية التي تم طرحها منذ شهور,إلا أن الأزمة تجددت مرة أخري بعدما أفتي برهامي:بأن المقولة عقيدة فاسدة,وهو ما رد عليه علماء أزهريون,مؤكدين أن الزهر ليس قمارا أو ميسرا,وأن المصريين يقولون هذه المقولة للحديث عن أوجاع ومشكلات حياتهم اليومية,متمنين أن تكون الأيام المقبلة أفضل,كما أن هذه المقولة ليست إيمانا بقدرة للزهر علي تغيير الأحوال أو سخطا علي قدر الله عز وجل,فالأعمال بالنيات,والمصريون عندما يقولون هذه الجملة فإنهم يعتمدون أيضا علي الله,لأنه سبحانه وتعالي القادر علي تحويل الفقر لغني,ولكن عندما يقولون هذه العبارة فإنهم يشكون الظروف بطريقة هزلية ساخرة او يقولونها علي سبيل التسلية فقط. ونأمل أن يأتي مشروع قانون تنظيم الفتوي الذي تقدم به الدكتور عمرو حمروش,أمين سر لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب,بعدما التفت لفكرة الفتاوي التي تثير بلبلة وتستخدم في التوظيف السياسي بما يخدم مصالح تيار بعينه,ليهدد عرش مملكة هؤلاء المشايخ,أو بمعني أصح يكسر كهنوتهم,ليبقي إصدار الفتوي من اختصاص الدولة,ممثلة في هيئة كبار العلماء من دار الإفتاء والأزهر الشريف ووزارة الأوقاف او من يرخص لهم;لمنع غير المتخصصين في الفقه الإسلامي وأصوله من التصدي للفتوي,وكذلك منع استخدام واستغلال الفتوي لتحقيق أغراض شخصية أو سياسية.