الحمد لله العلي الوهاب, اصطفي الأمة المسلمة لوراثة الكتاب( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا), وجعلها خير أمة أخرجت للناس بما تحمل من رسالة, وما تقوم به من وظيفة , وما تؤديه من أمانة, وما تقيمه من موازين العدل والرحمة في حياة الناس, وتقوم سلوكهم بشرع الله- عز وجل- لأنها الأمة الوسط بما تمتلك من قيم الوحي السماوي السليم. والصلاة والسلام علي الرسول النبي الأسوة الحسنة, الذي جاء للعالمين( هاديا ومبشرا ونذيرا. وداعيا إلي الله بإذنه وسراجا منيرا) سيدنا محمد بن عبد الله وآله وصحبه ومن اتبعه ووالاه, وبعد فقد كرم القرآن الكريم سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم تكريما متفردا لم يسبق ولن يلحق, ومن ذلك أن الله- عز وجل- خاطبه وأخبر عنه بالنبوة والرسالة فقط عدا مواطن أهمها:- 1- في وصفه ووصف أصحابه:- قال تعالي:( محمد رسول الله والذين معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم), الآية29 من سورة الفتح. 2- في بعض ما يسري عليه يسري علي البشر: قال سبحانه:( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل), الآية144 من سورة آل عمران. 3- مهمة إبلاغ الرسالة للعالمين:-( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) الآية40 من سورة الأحزاب. 4- التبشير به من قبل من سبقوه من الأنبياء: قال عز وجل:( وإذ قال عيسي بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) الآية6 من سورة الصف. وذلك تحقيق لدعوة ابراهيم عليه السلام( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم) سورة البقرة. 5- خاطبه ربه بقوله:( يا أيها النبي)( يا أيها الرسول) ولم يقل يا محمد. لقد اجتمعت في سيرة النبي صلي الله عليه وسلم أبرز الصفات التي وجدت في الأنبياء والرسل عليهم السلام من قبله. فيه صبر نوح عليه السلام وطول نفسه, ومع ذلك لما تمادت قريش في إيذائه وذهب إلي أهل الطائف يدعو أهلها إلي الإسلام استقبلوه بالشتائم والسخائم, فلم يدع عليهم بشر, بل توجه بضراعة وشكاية إلي من لا تخفي عليه خافية:(( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني علي الناس يارب المستضعفين أنت ربي إلي من تكلني إلي بعيد يتهمني أو قريب ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي, ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له الظلمات أن يحل بي سخطك أو ينزل بي عقابك لك العتبي حتي ترضي ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)). وقال عليه الصلاة والسلام لملك الجبال بعدها:( اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون, عسي الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به). شبه ابراهيم عليه السلام في وضوح رؤيته ورفض المساومة وأنصاف الحلول( والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري علي أن أترك هذا الأمر ما تركته حتي يظهره الله أو أهلك دونه). وقال تعالي:( قل يا أيها الكافرون, لا أعبد ما تعبدون). فيه عزيمة موسي عليه السلام, في شدته علي أعداء الحق( أمرت أن أقاتل الناس حتي يقولوا لا إله إلا الله, وأني رسول الله, ويقيموا الصلاة, ويؤتوا الزكاة, فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام. وحسابهم علي الله). فيه رقة عيسي عليه السلام:( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). وتفرد سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بعالمية الرسالة( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا). الآية28 من سورة سبأ,( وأرسلناك للناس رسولا) الآية79 من سورة النساء.