ما أن أعلن حكم المحكمة الإدارية العليا صباح أمس الأول بحل الحزب الوطني حتي بادر مجموعة من الشباب الذين شاركوا بثورة الخامس والعشرين من يناير بالدعوة إلي تحويل مقاره بالمحافظات إلي مكتبات عامة بعد أن آلت ملكيتها للدولة. الناشط السياسية ماريان ناجي, إحدي شركاء مركز الجسر للتنمية, أسست مجموعة علي موقع فيس بوك بعنوان معا لتحويل مبني الحزب الوطني في التحرير إلي مكتبة القاهرة العامة ومتحف, بناءا علي اقتراح من الناشط هاني جورج الذي يقول: قبل الثورة كنت أفكر كلما مررت بجوار المقر الرئيسي للحزب الواقع بجوار المتحف المصري, أن هذا الموقع يليق بمكتبة عامة كبري في وسط القاهرة يسهل الوصول إليها من سكان كل الأحياء. وبعد أن صدر الحكم بإعادة هذه المقار التي استولي عليها الحزب للدولة, وجدت وأصدقائي أن هذه الفكرة صارت قابلة للتنفيذ عبر مشروع متكامل سنعمل علي اتمامه والتقدم به لوزارة الثقافة كي يتحول هذا المقر إلي متحف لثورة الخامس والعشرين من يناير ومكتبة عامة كبيرة مفتوحة لكل المصريين. وفور تدشين المجموعة علي الفيس بوك انضم إليها عدد كبير من المؤيدين الذين بدأوا في طرح أفكار حول المتحف والمبني, ففي حين طالب المؤرخ ماجد فرج بأن تتم إزالة المبني لتعود أرضه إلي ما كانت عليه قبل استيلاء الحزب الوطني عليها حديقة متحفية تابعة للمتحف المصري قال هاني جورج إن وجود هذا المبني يجب أن يستمر شاهدا علي حقبة مهمة في تاريخ مصر الحديث وأن ثورة الشعب المصري من أجل الحرية والعدالة يجب أن يتم توثيقها في موقع يليق بها خاصة أن المبني يطل علي ميدان التحرير الذي صار بؤرة سياحية دولية مهمة, وأضاف طالب الهندسة الشاب أن تاريخ مصر الذي يضمه المتحف المصري متصل بحاضرها الذي سيتجسد في هذا المتحف القادر علي تنشيط السياحة بمنطقة وسط القاهرة خاصة أن المادة الوثائقية التي تجمعت بالفعل عن الثورة في هذه الشهور الأولي كبيرة وبحاجة إلي كيان متحفي ضخم وعصري كي يضمها ويكون شاهدا عليها. وتقول ماريان ناجي مؤسسة المجموعة إن العمل يجري حاليا علي إعداد مشروع متكامل يتم طرحه علي الحكومة علي أن يعكس هذا التصميم مفاهيم الحرية والمعرفة وأن يتم وضع هذا التصميم علي كل مباني الحزب التي ستتحول إلي مكتبات في حال نجاح المشروع ليذكر المصريين دائما بما صنعوه وما كانت ترمز إليه هذه المباني وما صارت إليه. كان المقر الرئيسي للحزب الوطني الديمقراطي الذي تولي رموزه حكم مصر منذ انشائه عام1978 في عهد الرئيس الراحل أنور السادات, قد تعرض للحرق من قبل متظاهرين غاضبين مساء يوم الجمعة الثامن والعشرين من يناير الماضي المعروف باسم( جمعة الغضب) وتوالي بعدها حرق مقار الحزب الوطني في مختلف محافظات الجمهورية خاصة في السويس والإسكندرية وسوهاج وبني سويف, تعبيرا عن الغضب الشعبي العارم تجاه الحزب ورموزه وسياساته, وقد حاول أعضاء الحزب الوطني عقب تنحي الرئيس حسني ميارك الماثل الآن للتحقيق بتهمة التحريض علي القتل أن يعيدوا الحياة للحزب عبر إجراءات عدة تضمنت فصل رموزه الكبار ومنهم الرئيس المخلوع وولداه, وكبار مساعديه ومنهم صفوت الشريف وزكريا عزمي وفتحي سرور وأعضاء لجنة السياسات التي أعلن الحزب قبل حله عن إلغائها, وكانت آخر الإجراءات الرامية لانقاذ الحزب هي استقدام النائب السابق بمجلس الشعب طلعت السادات لتولي رئاسة الحزب استثمارا لمصداقيته كوجه معارض للرئيس السابق وحكوماته المتتالية. ومع مطالبة البعض ببقاء المبني محترقا كما هو رأي البعض الآخر أن ترميم المبني ضرورة وإن كان يجب الابقاء علي بعض أجزائه المحترقة ترمز إليه من كراهية الشعب لفاشية هذا الحزب الذي أفسد كل أوجه الحياة في مصر عبر ثلاثين عاما أو يزيد توالت فيها حكوماته التي افقرت مصر وسهلت نهبها وأسهمت في انتشار الفقر والمرض والجهل بين أفراد الشعب المصري. وأعرب أعضاء المجموعة التي تضم تخصصات مختلفة من الإعلاميين والمهندسين ودارسي التاريخ والفلسفة عن استعدادهم للتطوع في هذا المشروع ووضع تصميم يعمل علي إعادة تهيئة مباني ومقار الحزب الوطني المنحل التي آلت للدولة كي تتحول إلي مكتبات بأقل تكاليف ممكنة مع التفكير في أن يتضمن مشروعهم فتح باب الاكتتاب كي يتولي الشعب بناء هذه المكتبات العامة لتكون شاهدة علي أن المصريين يتحينون الفرصة الحقيقية للاسهام في بناء بلدهم.