يعكس مهرجان الفنون الإسلامية الذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة, مرة كل عام في منتصف شهر ديسمبر, حيوية الفنون الإسلامية وعمقها التعبيري كلغة فنية عالمية باعتباره حدثا فنيا دوليا متخصصا. يعني هذا المهرجان الذي تأسس في العام1998, بمنجز الفن الإسلامي في بعديه الحضاري والراهن, حيث يعرض كل عام لأنماط الفن الإسلامي الثرية والمتنوعة في الزمان والمكان. كما يترجم المهرجان رؤية الشارقة في تأصيل الفنون الإسلامية وتجديدها وترسيخ حضورها علي الساحة العالمية المعاصرة للإبداع البصري,الذي يقام بشكل دوري مدة شهر,بتوجيه ورعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلي حاكم الشارقة. ويحتضن المهرجان في الشارقة بكل مدنها ومناطقها تجارب فنية دولية ضمن معارض فردية, تقام في متحف الشارقة للفنون, تعكس تنوعا في الأطروحات الفنية في المضمون والشكل, يرافقها فعاليات مختلفة في أماكن متعددة, كالندوة الفكرية, وعرض الأفلام التخصصية, وتنظيم الورش العملية. وتتوجه هذه الدورة للمهرجان بصورة أعمق من فكرة البناء للتوصل إلي كيان مرئي وملموس, علي الرغم من هذا المسمي بنيان, إنه يحاكي المتواري في حالة هذا البناء الذي يرسخ فكرة أي بنيان, والذي ندركه من خلال قيمة المبتكر كإنجاز وصيرورة, فالحالة الإبداعية التي ينتج عنها أي منجز تجذبنا للخوض في أسرارها. ومفهوم البناء بما فيه من منظومات يخضع لها كل وجود كوني, نراه محورا جاذبا للخوض فيه, كما يدفعنا للكشف عن خفايا البنيان كمفهوم والذي يلازم أي كيان أوجده البشر, هذا الوجود الذي لم يكن ليتحقق لولا حالة من الخلق, والحالة الخلاقة تاريخيا هي شرط ينبئ بكل منجز إبداعي, وبنيان هذا المنجز هو الصورة البصرية والذهنية التي تتحقق بها غايات الإبداع والخلق, وهو الذي يختزل مراحل النشاط المتفرد للإنسان وروافده من الروحانيات, إذن فلنتحدث بصريا عن حالة الإبداع هذه التي ندركها أينما التفتنا, ولنخوض فيما يؤدي لأي بنيان, إنما من بوابة الفن المعاصر ومعاينته للفنون الإسلامية ومكوناتها بكل أنواعها وأطيافها الفنية. وعلي سبيل المثال لا الحصر, إن الذي نراه شاخصا بناء معماري له هويته هو مادة ثرية بين أيدينا كفنانين, لمحاكاتها بصريا, والإبحار من خلالها في مفاهيم أتينا عليها قبل أسطر, من قبيل الإبداع, والخلق بكل ما فيه من بناء وابتكار بتأثير الحدس وما يلتقط من أفكار, وإلحاح الخيال وما يذهب إليه من دراما, في حضرة الإدراك والعقل. كيف يري الفنان المعاصر الذي أوجد ذاته الفنية علي هذا النحو وتلك الخصوصية بعد أن التجأ لمفهوم البناء, وغدا بهذه الشخصية, كيف يري حالة الإبداع في الفنون الإسلامية ومن ضمنها العمارة, انطلاقا من مفهوم البنيان, وهو الذي يبتكر عمله أي الفنان وفق مراحل متراكمة لرؤية المبني البصري الذي ينجزه العمل الفني. ثمة منجز إبداعي نترقب وجوده, والمحفز علي إبداعه هو البنيان الشاخص في أماكن لا حصر لها, معماريا كان أم نوعا فنيا آخر, والذي أثرت فيه الحضارة الإسلامية بكل ما يعتري فنونها من أفكار جمالية, والسؤال, كيف ينظر الفنان المعاصر لهذه البني المعمارية, ويحللها, ويكتشف عناصرها؟, إلام يقاربها؟, هل يعيد صياغة مكوناتها من جديد كأعمال فنية برؤي مغايرة؟ أم يري في بنيانها سبيلا لمنظومة بصرية جديدة ومعاصرة؟, غير أن الفنان المعاصر ربما يري معني جديدا للبنيان في هيئة بصرية مغايرة بعيدة عن العمارة. إن مهرجان الفنون الإسلامية في دورته المقبلة يضع هذا المفهوم بنيان عنوانا لبحث بصري يقدم صياغة جديدة لما في دواخل الفنانين من رؤي. لذا نأمل من الفنانين تناول البحث البصري القادم للمهرجان ضمن هذا المفهوم وهذه التيمة, وفق ما ينسجم مع لغاتهم البصرية عبر كل أشكال التعبير البصري المعاصر من تجهيز بالفراغ التركيب والنحت أو الاشتغال وفق بعدين كالسطح التصويري اللوحة أو الفن الرقمي أو البيئي ضمن الاتجاهات المعاصرة والحديثة من مفاهيمية وغيرها.