الشكر خلق عظيم من أخلاق الإسلام وحث عليه القرآن الكريم بأساليب شتي وكذلك السنة النبوية, وكان النبي صلي الله عليه وسلم نموذجا عمليا للصابر الشاكر, وهو من أخلاق الربوبية كما قال سبحانه وتعالي وكان الله شاكرا عليا ويغفل الكثيرون من الناس عنه لذلك حكم القرآن الكريم علي كثير من الناس لذلك قال تعالي في سورة سبأ وقليل من عبادي الشكور.يقول الدكتور سمير عبد المنعم عثمان بكلية الدعوة جامعة الأزهر بالقاهرة أن الشكر عبارة عن معروف يقابل النعمة سواء كان باليد أو اللسان أو بالقلب وقيل أيضا هو الثناء الحسن بذكر إحسانه الذي هو نعمه, والله يشكر العبد أي يثني عليه بقبول إحسانه الذي هو طاعته. وقيل أيضا الشاكر الذي يشكر علي الوجود والشكور الذي يشكر علي المفقود, وقيل إن الشاكر الذي يشكر علي العطاء والشكور الذي يشكر علي البلاء. والشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح فالقلب للمعرفة والمحبة واللسان للثناء والحمد والجوارح لاستعمالها في طاعة المشكور وكفها عن معاصيه. والشاكر أيضا الذي يشكر علي النفع والشكور الذي يشكر علي المنع. ويضيف الدكتور سمير عبد المنعم عثمان أن للشكر فضائل كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة حيث أكد الله سبحانه وتعالي بتحقيق المزيد من النعمةمع الشكر قال تعالي لئن شكرتم لأزيدنكم سورة ابراهيم(7), وأمر الله سبحانه وتعالي عباده أن يتحلوا بهذا الخلق العظيم فقال في سورة البقرة فاذكروني أذكركم وأشكروا لي ولا تكفرون وقال تعالي بل الله فاعبد وكن من الشاكرين الزمر(66). والقرآن الكريم يحث ويحرض علي الشكر خاصة بعد التذكير بنعم الله تعالي علي الانسان ينادي لعلكم تشكرون كقوله تعالي وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون النمل78 وقوله تعالي وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون الحج26, ويبين القرآن الكريم أن مقتضي الإحساس بقيمة النعم هو التحلي بخلق الشكر كقوله سبحانه إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور سورة ابراهيم(5). ويبين القرآن الكريم أن الشكر يقابل الكفر فإذا لم يشكر الانسان فقد جحد الفضل وكفر النعمة قال تعالي فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون البقرة(152), وقال تعالي ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني حميد النمل(40). وقد ضمن الله سبحانه وتعالي ثواب الشاكرين وجزاءهم العظيم فقال سبحانه وسيجزي الله الشاكرين آل عمران(144) وأن الأنبياء والرسل جميعا يتصفون بالشكر فهو خلق من أخلاق النبوة, وقال سبحانه عن نوح عليه السلام في سورة الإسراء ذرية من حملنا مع نوح انه كان عبدا شكورا كما يؤكد الإسلام أن هذا الخلق الكريم يجب أن يكون بين الناس فيشكر الانسان أخاه المسلم علي ما قدم له من خير. قال تعالي هل جزاء الإحسان إلا الإحسان الرحمن(60), وهذا الخلق الكريم يجب أن يكون مع الوالدين قال تعالي أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير لقمان14 وعن أبي هريره رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر وقال عليه الصلاة والسلام من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء وعن معاذ بن جبل, رضي الله عنه. أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أخذه بيده وقال يا معاذ والله إني لأحبك. فقال أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة تقول اللهم أعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. ويشير عبد المنعم إلي أثار فضل الشكر. قال الحسن البصري: إن الله يمتن بالنعمة علي من ما يشاء فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابا ولهذا كانوا يسمون الشكر الحافظ لأنه يحفظ النعم الموجودة والجالب لأنه يجلب النعم المفقودة. وقال أيضا اكثروا من ذكر هذه النعم فإن ذكرها شكر. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إن النعمة موصولة بالشكر والشكر يتعلق بالمزيد وهما مقرونان في قرن لن ينقطع المزيد من الله حتي ينقطع الشكر من العبد. وقال عمر بن عبد العزيز قيدوا نعم الله بشكر الله وعن النعمان بن بشير قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله. والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر, والجماعة رحمة والفرقة عذاب وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ما من عبد يشرب الماء القداح فيدخل بغير أذي ويخرج بغير أذي إلا وجب عليه الشكر. ويقول الشيخ محمد عبد العظيم شعلان وكيل وزارة أوقاف البحيرة أن الشكر أنواع منها شكر القلب وهو تصور النعمة والإخلاص لله ومحبته والخوف منه ورجاؤه. قال تعالي وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ومعني تأذن أعلم عباده بذلك وأخبرهم إذا شكروا زادهم. وكذلك شكر اللسان وهو الثناء علي النعم ومنه قوله صلي الله عليه وسلم أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله ومن الشكر باللسان التحدث بنعمة الله تعالي عليك وحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: رسول الله صلي الله عليه وسلم علي المنبر من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله والعبادات كلها في نفسها الشكر. كذلك الشكر برضا الله. قال تعالي إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضي لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم. وأخيرا الأمن من العذاب. فالأمن من عذاب الله تعالي في الدنيا والآخرة بسبب شكر نعم الله تعالي قال تعالي ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم ويوضح شعلان أن الشكر يبني علي خمس قواعد أولا خضوع الشاكر للمشكور ثانيا حب المشكور ثالثا اعتراف الشاكر بنعمة المشكور رابعا ثناء الشاكر للمشكور خامسا استعمال النعمة فيما يرضيه وعدم استعمالها فيما يكرهه ويغضبه. ويؤكد أن هناك أمورا معينة علي الشكر منها إمعان النظر في كثرة النعمة التي يترفه فيها ليلا ونهارا سرا وجهرا ومنها النظر في أمور الدنيا إلي ما هو دونك وفي أمور الآخرة إلي من هو فوقك, وكذلك مقارنة ما نحن فيه من النعم وما كان عليه سلفنا وكذلك الاقتصاد في النعمة واستعمالها في الخير, وكذلك التحدث بالنعم, قال تعالي وأما بنعمة ربك فحدث يقول حسن البصري: اكثروا من ذكر هذه النعم فإن ذكرها شكر. والرسول عليه الصلاة والسلام هو نموذج للقدوة والأسوة الحسنة. فعندما دخلت عليه السيدة عائشة رضي الله عنها فوجدته يعبد الله تعالي حتي تفطرت قدماه. فقالت يا رسول الله ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.. لقوله تعالي ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال عليه الصلاة والسلام أفلا أكون عبدا شكورا. وهذا الموقف من النبي عليه الصلاة والسلام يعلنها أن النبي يكثر من العبادة والطاعة لله شكرآ له ويجعلنا نتأسي به فنجتهد في العبادة ليلا ونهارا شكرا لله علي نعمه التي لا تعد ولا تحصي.