قادت المداخلات ندوة سرديات الانترنت والثورة التي اقامتها لجنة القصة بالمجلس الاعلي للثقافة الي وجهة جديدة انتهت بالهجوم علي الندوة. حيث رأي الكاتب السوداني الشاب حمور زيادة ان الندوة وجهت كل اهتمامها لبحث المدونات الادبية عوضا عن تدارس سرديات الانترنت كما يقول عنوانها, وهو ما يراه زيادة مفهوما اعرض من ان يجري قصره علي المدونات الادبية دون غيرها. كانت الندوة التي ادارها الكاتب يوسف القعيد المهتم بالمدونات الادبية قد ضمت في جلستيها الاولي والثانية لتغيب الباحثين محمد العبد وسيد قطب. وشهدت الندوة مداخلات عدة من الباحثين د. سامي سليمان مقرر الندوة, واحمد عبدالعظيم, وأحمد يحيي وعلاء عبدالمنعم فقسم الباحث د. سامي سليمان المدونات الي ادبية واخري سياسية وقارن بين السرد الادبي في المدونات واختلافه عن السرد الادبي في وسيط النشر الورقي, مفرقا بين الكتابة علي المدونة والكتابة في الصحيفة. وحدد سليمان الاختلاف الرئيسي في كون المدونات لاتجمعها اشكال مؤسسية, رغم ان هناك هياكل مؤسسية صارت تدير مجمعات للمدونات او تنقل عنها وفقا لمنهج تحريري كمؤسسة اصوات عالمية وشبيهة لها مؤسسة ميدان العربية. كما تحدث سليمان عن الحرية الفردية التي تضمنها الكتابة علي المدونات متضمنة حرية الكتابة وحرية التلقي بالاضافة لرجع الصدي( رد الفعل) الفوري. وقال سامي سليمان ان الكتابة علي المدونات تفتقر الي عدد من المحددات الرئيسية للكتابة الادبية ومنها التخييل والعناية بجماليات اللغة. بل ينطلق من مواقف يومية عادية ليطرح من خلالها وجهة نظر المدون ورؤيته للعالم. وتساءل في ختام القائه لورقته البحثية حول الدور الذي يمكن ان تلعبه المدونات في مستقبل الادب. أما د. احمد يحيي فطرح في بحثه اخر سرديات الانترنت من نطاق شاشة الكمبيوتر الي الواقع مبينا ان الانترنت كما الواقع يحمل سياقات عديدة فالثورة لم تكن كلا واحدا متماسا فهناك فريق ثوار التحرير وهناك متظاهرو الاستقرار في مصطفي محمود وهناك قطاع واسع لا يأبه بالثورة ولا بالتغيير ولا يهتم سوي بالاستقرار ودوران عجلة الانتاج اما الفريق الرابع فهم متسلقي الثورة من المتلونين والمنتفعين, كل هذه الفرق وجدت في الواقع بكتلة مغايرة لكتلتها علي الانترنت. أما د. علاء عبدالمنعم فوجد في المدونات ارهاصة للثورة فقد كانت بوابة كسر من خلالها الشباب القرار السياسي الهادف الي تكبيلهم وغلق ابواب حرية التعبير في وجوههم فاحتشدوا علي الانترنت ومارسوا البوح والنقد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ليزيدوا من هامش الوعي خالقين لحالة من الوعي والارادة الثوريين. وصنف احمد يحيي علاقة النقاد بالمدونين كعلاقة الشباب بالسلطة, فالنقاد يسعون لفرض قيمهم ومعاييرهم ذات النبرة الاستعلائية علي المدونين ولا يقرأون انتاجهم الكتابي لا في سياقه الظرفي ولا في طبيعة الوسيط المستخدم ولا حتي في سياقه الزمني المتبدل. فالتقاليد الادبية في ذاتها نظام يود هؤلاء الشباب ان يتحدوه وان ينتهوا من محاولاته لفرض نمط ما عليهم. وقدم علاء عبدالمنعم في بحثه المعنون ببلاغة البوح الشبابي في المدونات وقراءة في احدي قصص مجموعة ارز باللبن لشخصين التي نقلت بعضا من كتابات المدونة رحاب بسام. وخلص من النص ان كتاباتها الادبية البسيطة ذات اللغة الطفولية تعد في ذاتها حالة من حالات الثورة من حيث تعريفه الخاص للثورة بكونها حلما ورغبة في التغيير تدفع الثائر لحركة ما لاحداث ما يراه تعديلا جذريا في واقعه. اما د. هالة البدري فقد تحدثت عن الروايات التي تنطلق من العالم الافتراضي وتجعله مسرحا لاحداثها مثل في كل اسبوع يوم جمعة لابراهيم عبدالمجيد وثورة2052 لمحمود عثمان. وعلق د. احمد عبدالله( مدون) علي ابتعاد الندوة عن مناقشة سرديات الانترنت وعلاقتها بالثورة وعاب علي الاكاديميين البطء في مواكبة الاحداث فهم مازالوا يبحثون في دور المدونات في حين لم تكن المدونات وما ينشر فيها هي الداعي المباشر للثورة بل كانت الكتابات التي تستحق نظرة تحليلية عميقة علي الشبكات الاجتماعية الاخري كالفيس بوك وتويتر الذي لم تتطرق له الندوة علي الاطلاق. وهو ما رد عليه د. سامي سليمان بقوله ان الاكاديميين يعانون البطء بالفعل في متابعتهم نظرا لانهم مازالوا محرومين من حرية حقيقية للبحث العلمي.