الله عز وجل جعل كلمة التوحيد لعباده حرزا وحصنا وجعل البيت العتيق مثابة للناس وأمنا وأكرمه بالنسبة إلي نفسه تشريفا وتحصينا ومنا وجعل زيارته والطواف به حجابا بين العبد وبين العذاب ووقاية . يقول الدكتور فتحي عثمان الفقي أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون إن الحج من بين أركان الإسلام ومبانيه عبادة العمر وختام الأمر وتمام الإسلام وكمال الدين فيه أنزل الله عز وجل اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا المائدة:.3 قال أهل الكتاب: لو أنزلت هذه الآية علينا لجعلناها يوم عيد, فقال عمر رضي الله عنه: أشهد لقد نزلت هذه الآية في يوم عيدين اثنين يوم عرفة ويوم جمعة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة, وقال صلي الله عليه وسلم( اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج) وفيه قال صلي الله عليه وسلم: من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا فأعظم بعبادة يعدم الدين بفقدها الكمال ويساوي تاركها غير المسلمين في الضلال, وأجدر بها أن تصرف العناية إلي شرحها وتفصيل أركانها وسننها وآدابها وفضائلها وأسرارها. ويضيف الدكتور فتحي أن الحج لغة القصد إلي من تعظمه, وشرعا قصد مكة وعرفة لعمل مخصوص في زمن مخصوص ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة, فأما الكتاب فقوله عز وجل: ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين.., وقوله تعالي وأتموا الحج والعمرة لله وأما السنة فمنها مافي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:( بني الإسلام علي خمس: شهادة أن لا إله إلا الله, وأن محمد رسول الله, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا), ومنها حديث عائشة رضي الله عنها قالت:( يا رسول الله هل علي النساء من جهاد؟ قال: نساء عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة), وإذا قلت ذلك في حق النساء فالرجال أولي والأخبار الواردة في فضله كثيرة مشهورة فمنها ما في الصحيحين عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه قال) سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله, قيل ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله, قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور) وعنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه وعنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:( العمرة إلي العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). وعن عائشة رضي الله عنها قالت:( قلت يا رسول الله نري الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ فقال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور). ولفظه قالت:( قلت يا رسول الله هل علي النساء من جهاد؟ قال: عليهم جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة). وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة) وقال أبو هريرة: حجة مبرورة تكفر خطايا سنة, وغير ذلك من الأحاديث والآثار. (يضيف د. فتحي إن الحج فرض سنة تسع من الهجرة عند أكثر العلماء, وقيل سنة ست وقيل خمس ولم يحج النبي صلي الله عليه وسلم بعد هجرته إلي المدينة سوي حجة واحدة وهي حجة الوداع,. وأشار القرآن الكريم إلي أهداف هذا التشريع الإلهي المهم بصورة مجملة قال الله عز وجل: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات علي ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير, وهذه الآية صريحة في اشتمال الحج علي منافع للناس, ولابد أن هذه المنافع والفوائد تشكل جزءا من فلسفة الحج وأهدافه المنشودة ولو أردنا إلقاء الضوء علي المنافع المتصورة للحج لوجدناها كثيرة ومتنوعة لا تكاد تجتمع في غيرها من العبادات, وهذه المنافع بعضها عبادية وبعضها تربوية, وأخري اقتصادية وتربوية وسياسية واجتماعية, ووحدوية, وأهداف أخري كثيرة ومنها أن الحج عبادة العمر وختام الأمر وتمام الإسلام وكمال الدين فيه كذلك تاركه يساوي غير المسلمين في الضلال فضلا أنه الركن الخامس من أركان الإسلام وأفضل الأعمال إلي الله تعالي بعد الإيمان به وبرسوله صلي الله عليه وسلم, والجهاد في سبيل الله تعالي. ويقول الدكتور عاصم القبيصي مدير عام المساجد الأهلية بالأوقاف إن الحج إلي بيت الله الحرام من أجل العبادات والشعائر التي تعبد الله عز وجل بها عبادة وهي واجبة علي كل مسلم ومسلمة مكلف قادر متي توافرت له الاستطاعة وهي الزاد والراحلة وأمن الطريق إلي بيت الله الحرام. يجب في العمر مرة واحدة ودليل وجوبه قوله تعالي إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين آل عمران96,.97 وقوله تعالي وأتموا الحج والعمرة لله ويؤكد ذلك قوله صلي الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث ابن هريرة رضي الله عنه انه قال خطبنا رسول الله فقال: يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا: فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتي قالها ثلاثا فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال: ذروني ما تركتم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم علي أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه. ويضيف القبيصي أن للحج منافع كثيرة ويقول الحق تبارك وتعالي ليشهدوا منافع لهم ومن هذه المنافع أنه مكفر للذنوب والخطايا فإذا حج العبد راجيا من الله عز وجل أن يغفر له رجع وقد غفر له جميع ذنوبه ففي الحديث الشريف يقول عليه الصلاة والسلام من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه والمنافع التي يشهدها المسلمون في الحج كثيرة منها منافع دينية ومنافع اجتماعية, المنافع الدينية هي فيما يقوم به الحاج من أداء المناسك ومنها ما يتحصل من العلم النافع وكذلك النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله أما المنافع الاجتماعية فهي ما يتحصل به الحاج من تعارف بين الناس وائتلاف قلوبهم واكتساب بعضهم من أخلاق بعض وحسن المعاملة والتربية ومن المنافع أيضا في الحج ما يتحصل من تبادل التجارة بين المسلمين وانتفاع كثير من المسلمين في هذا الزمان من الخدمات التي تقدم لحجاج بيت الله الحرام وصدق الله العظيم إذ يقول ليشهدوا منافع لهم.