شهدت مصر عدة تعديلات وزارية انتهت بحكومة عصام شرف وزير النقل السابق الذي يواجه العديد من التحديات لنجاحها ولتصل بالبلد إلي بر الأمان. وكان شرف قد ألقي كلمة بين الثوار في ميدان التحرير فور تكليفه بالحكومة الجديدة, وفيها عبر أنه استمد شرعيته من الشعب متعهدا بتلبية مطالب ثورة25 يناير ومنذ توليه الوزارة, وهو يواجه الكثير من التحديات أهمها ما أثير من فتنة طائفية والحفاظ علي موارد المياه بعد اتفاقية تقسيم مياه النيل, والتصدي للانفلات الأمني في الشارع المصري وعودة الشرطة المدنية, وانتظام الحركة اليومية في جميع المؤسسات وتوفير المناخ المناسب لانتظام العمل في المصانع والشركات لدفع عجلة الانتاج وتنشيط الاستثمارات الداخلية والخارجية في مختلف المجالات, واتاحة المزيد من فرص العمل وتخفيف أعباء المعيشة عن المواطن المصري, وازالة جميع المخالفات واتخاذ جميع الاجراءات القانونية ضد المخالفين, وضمان تلبية احتياجات المواطنين في ظل هذه الظروف. وفي المقابل اصدر اتحاد شباب الثورة بيانا أعربوا فيه عن ارتياحهم لاستجابة المجلس الأعلي للقوات المسلحة لمطالب الشعب المصري وترشيحهم الدكتور عصام شرف رئيسا لمجلس الوزراء, الذي شارك الثوار في ثورتهم, واستمد شرعيته من الشرعية الثورية في ميدان التحرير, وعاهد الثوار في الميدان علي العمل من أجل تحقيق مطالب الثورة والحفاظ علي مكتسباتها. واعرب اتحاد شباب الثورة من جانب آخر عن بالغ قلقه جراء الإبقاء علي عدد من الوزراء المرتبطين بالنظام السابق, ويناشد الاتحاد رئيس الوزراء سرعة تغيير هؤلاء الوزراء المعروفين للجميع. ملاحقة الفاسدين وطالبوا باتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة حالة الاستقرار إلي البلاد في أسرع وقت ممكن وإلغاء حالة الطواريء والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين وملاحقة الفاسدين من أذناب النظام السابق بجميع الطرق القانونية وتقديمهم إلي محاكمات علنية عادلة وعاجلة, ونشر نتائج التحقيقات مع من قدموا للمحاكمات خلال الأسابيع الماضية وتكثيف جهود الجيش المصري في إجلاء المصريين العالقين علي الحدود المصرية الليبية والتونسية. كما طالبوا بإقالة المحافظين ورؤساء المدن التابعين للنظام السابق وحل المجالس المحلية وحل جهاز مباحث أمن الدولة ومحاكمة قيادته وإقالة مديري الأمن وكل من أطلق النار علي المتظاهرين ومحاكمتهم محاكمات علنية وإطلاق حرية التنظيم( أحزاب نقابات اتحادات جمعيات) علي أن يكون ذلك بالإخطار للجهات الإدارية وإلغاء لجنة شئون الأحزاب, ووضع حد أدني وحد أقصي للأجور وإنشاء صندوق عاجل لرعاية العاطلين عن العمل, وتحقيق الاستقلال الكامل للجامعات المصرية والبحث العلمي وانتخاب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات وإلغاء لائحة79 المقيدة للعمل الطلابي داخل الجامعات, وتوسيع مظلة التأمينات والتأمين الصحي والتثبيت لتشمل كل من يعمل بأجر في مصر, وإسقاط ديون الفلاحين لدي بنك التنمية والائتمان الزراعي وإلغاء الأحكام الصادرة ضدهم. وطالب الدكتور عبد الرازق عيد أستاذ بجامعة القاهرة ومتحدث باسم مجموعة من الشباب بتحقيق الرؤية السياسية المتمثلة في إسقاط النظام السابق بجميع رموزه, وملاحقة المفسدين بالطرق القانونية المختلفة لتطهير البلاد, ووضع دستور جديد للبلاد يقوم علي أساس الحرية والمساواة واستقرار المعاملات وتغليب المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة, وتبني مفهوم الدولة الديمقراطية البرلمانية المدنية, والفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية, وإلغاء مجلس الشوري, والتوسع في عضوية مجلس الشعب, تطبيق نظام القائمة النسبية في الانتخابات التشريعية, التوسع في نظام الحكم المحلي واللامركزية, إعادة بعث الدور السياسي والتنويري المصري علي الصعيد الإقليمي والعالمي من خلال ترسيخ مبدأ السيادة الوطنية لمصر واستقلالها في قرارها. أما علي المستوي الاقتصادي فيري ضرورة السعي لعدم تفاقم الدين العام للبلاد من خلال ترشيد الإنفاق, تنمية الموارد السيادية للدولة, زيادة الإنتاج بغرض التصدير, تهيئة مناخ الاستثمار, العناية الخاصة بالمشروعات الصغيرة, تبني التعليم كمشروع قومي لمصر خلال السنوات العشر القادمة حتي2021 م. فرص عمل وعلي المستوي الاجتماعي يطالب بتوفير فرص عمل كريمة وإعانة بطالة للعاطلين عن العمل, رفع الحد الأدني للأجور والمعاشات وضبط هياكلها مع ربطها بالأسعار وتشديد الرقابة علي السوق, توفير نظام عادل يكفل للمواطن الحق في التعليم والرعاية الصحية والغذاء الصحي والإسكان والمواصلات وجميع الخدمات الأساسية, تطبيق نظام ضريبي عادل وفق الدخل. ويري المستشار فتحي رجب رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشوري سابقا أن المسئولية الملقاة علي حكومة تسيير الأعمال هي في المقام الأول احياء هيكل الشرطة لتحقيق الأمن المطلوب لكل المصريين بكل قرية ومدينة, ويري أن تحقيق هذا الأمر لا يحتمل أي تأخير وقد يتحقق ذلك بسهولة فهناك عشرات الآلاف من الخريجين من الكليات النظرية والعملية ويمكن استغلالهم بتوجيههم لكليات الشرطة واعطائهم كورسات ليتعرفوا كيف يصحبون أمناء شرطة, وكيف يتعاملون مع الناس في الشارع والعمل علي ضبط الأمن واقناع الضباط للعودة للشارع, وأن يعلم المواطنون ضرورة وجود الأمن بالشارع لاستعادة الثقة بين المواطن والشرطي لانه بدون الأمان تتعرض مصر للإنهيار, لذلك كان لابد من تشديد العقوبة علي مثيري الشغب والبلطجية بأن تصل إلي الإعدام, وان تعمل الحكومة بالتوازي مع تحقيق الأمن علي الحفاظ علي مياه النيل ومواردها بالتعاون مع العلماء والدارسين لأن اهماله قد يتسبب في مجاعه, وهي مسئولية يجب أن تضعها الحكومة في أول اهتماماتها, موضحا أن الوعود التي أطلقها عصام شرف للمتظاهرين تحتاج إلي مجهود كبير من الحكومة ولكن المرحلة التي تمر بها مصر عصيبة وهناك محاولات لاطلاق ثورة مضادة لاحباط الثورة مثل اشعال الفتنة الطائفية كما حدث في اشتباكات بين مؤيدي استمرار الاعتصام والرافضين له وهذه الانشقاقات تساعد علي تصاعد فترة الاحتقان التي يمر بها البلد. محافظون أقوياء ويؤيده في الرأي الدكتور ابراهيم محمد استاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية في أن حكومة شرف تحديها الحقيقي الآن هو استرجاع الأمن للمواطن والفترة الماضية كانت كفيلة ليشعر المواطنون بأهمية وجود الشرطة في الشارع, وهذا يحتاج أيضا إلي تعيين محافظين أقوياء وأن يكون تعيين المحافظين من أهالي المحافظة الذين علي علم تام بمشاكلهم, وعن وعود حكومة شرف للمتظاهرين يري أنه علي المواطنين أن يعلموا أن موارد الدولة محدودة لذلك لا يجب الإثقال علي الحكومة بطلبات مستمرة, وفي الوقت ذاته تكون وعود الحكومة في حدود هذه الموارد حتي يمكن الوفاء بهذه الطلبات وأن تعمل الحكومة علي الالتفات لزيادة الموارد لتحقيق دخل مناسب للأفراد وتحسين الخدمات التعليمية والطبية وهذا يحتاج إلي صبر المواطنين علي المرحلة القادمة لأن الاصلاح والتقدم لن يحدثا بضغطة زر. ويضيف أن المرحلة القادمة تحتاج إلي خطوات ملموسة يشعر بها المواطن وليست أرقاما واحصائيات كما كان في العهد السابق والعمل علي زيادة موارد الدولة وتقليل النفقات وأن تعمل الوزارة علي ألا يشعر المواطنون بنقص في السلع والخدمات الأساسية بمشاركة المواطنين بزيادة عدد ساعات العمل مثلا. ويوضح الدكتور ثروت بدوي استاذ القانون الدستوري أن الفترة القادمة تستلزم اطلاق حرية السياسات وتكوين الأحزاب لاعطاء فرصة لشباب25 يناير للمشاركة السياسية وأن تكون الحكومة صادقة في وعودها لأن حكومة شرف استمدت شرعيتها من الشعب وحده لذلك يجب أن يعمل علي تلبية طلبات الشعب. ويؤكد الدكتور حسن جميعي استاذ القانون بكلية الحقوق بجامعة القاهرة أن الحكومة إذا اثبتت نجاحها ستستمر بعد انتخاب الرئيس الجديد وتشكيل الحكومة المدنية وسيكون ذلك بناءا علي رغبة الشعب كما سبق ان اختارها ووثق بها, موضحا أن عصام شرف شكل الوزارة بشكل يرضي الشعب وأغلبهم أشخاص مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة, وعليهم أن يعملوا علي تحقيق زغبات الثوار وفقا لجدول زمني محدد ويجب علينا محاسبتهم طبقا لما هو متاح من امكانيات حالية مؤكدا ضرورة منع أي تظاهرات أو وقفات فئوية المرحلة المقبلة حتي يتاح للحكومة الفرصة لتحقيق وعودها لان أي مطالب فئوية تعطل مسيرة الحكومة الجديدة. ويضيف أن حكومة شرف تواجه تحديا اقتصاديا لتحقيق طموحات الشعب من عدالة اجتماعية وتحسين الخدمات وهذا يحتاج إلي تعاون رجال الأعمال والمستثمرين للتوسع في اقامة مشروعات, لذلك يجب العمل والانتاج يكون الهدف الأساسي للحكومة وعدم اتاحة الفرصة لأي أطراف بابطال الثورة ليتحقق الخير والتقدم الذي نتمناه. وقت قصير يري صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة أن الحكومة الحالية أمامها وقت قصير جدا لاثبات نجاحها ويجب أن نتعامل معها بمرونة ومراعاة الظروف التي تعمل بها هذه الحكومة, وأهم تحد تواجهه هو اعادة الاستقرار وربط مفاصل الدولة التي تفككت وكان لابد من اصدار عقوبة صارمة لوقف اعمال البلطجة موضحا أن الفترة القادمة تحتاج إلي تعديل الكثير من القوانين مثل قانون الأحزاب. ويوضح أن الحكومة قادرة علي تنفيذ المطالب وفقا لجدول زمني, ويجب أن تبدأ بالأمور الأكثر الحاحا مثل البت في تحديد دور جهاز مباحث أمن الدولة والتوصل إلي صيغة محددة لعمل هذا الجهاز بأن يقتصر علي جهاز معلوماتي لحفظ الأمن ومكافحة الارهاب. ويري الدكتور هشام صادق عميد كلية حقوق سابق أن سقوط النظام لا يعني سقوط الدولة لذلك لابد من مساعدة الحكومة الحالية لتحقيق مهمتها, مؤكدا ضرورة عدم إجراء أي تعديلات وزارية أخري حتي إجراء الانتخابات لأن هذا يكلف الدولة الكثير لذلك لابد من الحسم في التعامل مع الأمور والتعامل مع الثورة المضادة التي تحاول القفز علي ثورة25 يناير. ويوضح اللواء عبدالمنعم سعيد خبير استراتيجي أن أهم شئ في الفترة الحالية هو عودة النظام والهدوء للشارع لأن الشارع يتعرض إلي كثير من الأمور أدت إلي غليانه وعلي الحكومة احتواء هذه الحالة, مؤكدا أن كل وزارة عليها أن تعرض أفكارها المستقبلية ليطمئن لها المواطنون وعلي الحكومة أن تلبي الاحتياجات الفئوية مثل عدالة توزيع المرتبات وتثبيت العمالة وهذا لا يحتاج إلي وقت. تعديلات دستورية وطالب المواطنون المشاركة في استفتاء التعديلات الدستورية لأن هذا سيكون أول خطوة لاجراء انتخابات حرة ونزيهة, موضحا ان حكومة شفيق لم تأخذ وقتها الكافي للحكم عليها وعلي الجميع ان يعطي الفرصة للحكومة الجديدة ويري عاصم دسوقي استاذ التاريخ أن أول خطوات نجاح الحكومة لتحقيق التغيير هو تحقيق الحرية والعدالة وذلك بعدم احتكار الحكم علي حزب بعينه وتداول السلطة وتعديل الدستور وعدم تقييد حرية الترشيح, مؤكدا ان شروط دستور71 كانت تعجيزية ويجب أن يقول صندوق الانتخابات كلمته. ويوضح ان حكومة شرف هي حكومة تسيير أعمال أي أنها لن تستمر سوي اشهر قليلة والمفترض أنها لن تضع استراتيجيات بل تسير علي استراتيجيات وسياسات قائمة وهي تقاوم بالفعل ثلاثة تحديات هي القضاء علي الانفلات الأمني وتسيير عجلة الاقتصاد اليومية وإنهاء المظاهرات الفئوية التي تعد من المهام العاجلة أمام الحكومة لذلك يجب وضعها امام الوزارات والمؤسسات المعنية لتحقيق المساواة وتحديد حد أدني للأجور ومنع الاحتكار بالأسواق وفتح باب المنافسة ليشعر المواطنون بتقدم ملموس, كما يجب وضع ارضية جديدة لنظام سياسي تسير عليه البلاد في المستقبل وهو الملف المتعلق بالأجندة السياسية.