الأوقاف: التبرعات ممنوعة بالمساجد .. ورقابة على صناديق النذور | فيديو    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    ردا على إطلاق صواريخ.. قصف إسرائيلي ضد 3 مواقع بريف درعا السوري    بوتين يحقق أمنية طفلة روسية ويهديها "كلب صغير"    7 شهداء جراء قصف الاحتلال منزلًا لعائلة "قشطة" بمدينة رفح الفلسطينية    قبل معسكر الفراعنة.. «الجبلاية» يلبى طلبات الجهاز.. و«علام»: ندعم المنتخب للتأهيل للمونديال    صبحي: تطوير المدن الشبابية جعلها قادرة على استضافة معسكرات المنتخبات الوطنية    تعرف على نتيجة مشروع متطوعي وزارة الشباب والرياضة المقام بمطروح والمحافظات الفائزة    أفضل موبايل سامسونج للفئة المتوسطة بسعر مناسب    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    حمادة هلال عن تقديم جزء خامس من المداح: لسه هنشوف    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    الميزانية السعودية تحقق بالربع الأول العام إيرادات بلغت 293.4 مليار والعجز 12.4 مليار ريال    فلسطين تزين مسيرة سام مرسي قائد إيبسويتش تاون    موعد مباريات اليوم الإثنين 6 مايو 2024| إنفوجراف    طارق مجدي يدير مباراة الجيش والمصرى بالدوري    خبير تحكيمي: مستوى البنا في تراجع شديد.. وسموحة يستحق ركلة جزاء أمام الزمالك    الزمالك يعلن سبب غياب زياد كمال عن مباراته أمام مودرن فيوتشر    3 قتلى و15 مصابًا جراء ضربات روسية في أوكرانيا    رياح قوية وسقوط أمطار .. الأرصاد تكشف توقعات طقس الغد على سواحل مطروح    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    كيف استعدت الإسكندرية لاستقبال الضيوف خلال إجازة شم النسيم؟.. "السياحة" توضح    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 3 من جنوده خلال هجوم عند معبر كرم أبو سالم    مصر في 24 ساعة|اعرف طقس شم النسيم وتعليق جديد من الصحة عن لقاح أسترازينيكا    أمين الفتوى: الله شرف مصر أن تكون سكنا وضريحا للسيدة زينب    نافس عمالقة ووصل بالأغنية السعودية للقمة.. تعرف على رحلة «فنان العرب» محمد عبده    قصواء الخلالي: مصر لا تحصل على منح مقابل استقبال اللاجئين    نقابة البيطريين تحذر من تناول رأس وأحشاء الأسماك المملحة لهذا السبب    عضو الجمعية المصرية للمناعة يقدم نصائح طبية قبل شم النسيم (فيديو)    لدعم صحة القلب والتخلص من الحر.. 5 عصائر منعشة بمكونات متوفرة في مطبخك    حزب الله: استهدفنا مستوطنة مرغليوت الإسرائيلية بالأسلحة الصاروخية    نجل الطبلاوي: والدي مدرسة فريدة فى تلاوة القرآن الكريم    وكالات الاستخبارات الأوروبية: روسيا تخطط لأعمال تخريبية في أنحاء القارة    عبر منصة أبشر ومقيم.. كيفية إصدار تصريح دخول مكة للعمالة المنزلية والمنشآت    منافسة بين آمال وأنغام وشيرين على أغنية نجاة.. ونبيل الحلفاوي يتدخل (فيديو)    فحص 482 حالة خلال قافلة طبية مجانية في الوادي الجديد    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    .تنسيق الأدوار القذرة .. قوات عباس تقتل المقاوم المطارد أحمد أبو الفول والصهاينة يقتحمون طولكرم وييغتالون 4 مقاومين    ظهر على سطح المياه.. انتشال جثمان غريق قرية جاردن بسيدي كرير بعد يومين من البحث    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    لوائح صارمة.. عقوبة الغش لطلاب الجامعات    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاهد من مطروح
نشر في الأهرام المسائي يوم 09 - 07 - 2016

كأنك عدت عبر الزمن سنوات للوراء, أو كأنك ذهبت إلي موقع تصوير فيلم سينمائي تاريخي! في قلب صحراء مطروح وتحديدا جنوب منطقة القصر, خيمتان كبيرتان تتوسطان المشهد,
مليئتان برجال يرتدون الجلابيب البيضاء وبعضهم يرتدي فوقها الصدرية السوداء, والبعض أكمل الزي بتغطية رأسه باللثامة أو الصمادة...
إنه يوم الجلامة... أي جز صوف الغنم لتخفيف إحساسها بقيظ الصيف, لذلك يقام هذا الطقس في شهر مايو من كل عام لتستقبل الأغنام فصل الصيف بصوف أقل, لكن أهالي مطروح حولوه من طقس عادي له وظيفة محددة إلي يوم عيد يجتمع فيه شباب المنطقة وشيوخها وأطفالها منذ الصباح الباكر يقضون اليوم بكامله في مشاهدة عملية جز الصوف.
الجلامة.. عيد لن تعيشه إلا في مطروح
يقول الحاج عبدالله عبد اللطيف مزارع من منطقة القصر بمطروح: هذا الطقس من الطقوس المميزة لمحافظة مطروح منذ سنوات طويلة حتي أصبح من التراث الذي تصر الأجيال المتعاقبة علي الحفاظ عليه, والهدف منه هو التخفيف علي الأغنام التي ترعي في الصحراء تحت قيظ شمس الصيف فيبدأون بجز صوفها في بداية شهر مايو من كل عام ويستمر الطقس طوال الشهر حيث يقوم أهالي مطروح بتقسيم أيام الشهر علي كل المناطق والقبائل ليتمكن الجميع من حضور المناسبة التي يقيمها صاحب الغنم ويدعو لها الأقارب والأحباب.
ويبدأ اليوم بالتجمع في الصباح الباكر في خيمة كبيرة ويتناول الجميع إفطارا خاصا بهذا الحدث عبارة عن المفروكة وهي رقاق بالبلح يتم عجنه باللبن والسمن, أما الأغنام فيتم جمعها في خيمة منفصلة مغلقة تماما حتي ترتفع درجة الحرارة فتتعرق مما يسهل جز أصوافها بسرعة دون عناء, وأثناء عملية الجز يتباري الرجال في قرض الشعر وارتجاله حول قضية معينة أو بلا رابط محدد, بينما يجتمع شباب الفرسان بخيولهم يقيموا السباقات في الصحراء الكبيرة, وبعد تناول الغداء المكون من الأرز الجاري المطبوخ باللبن المالح الخض مع اللحم, تكون الفرصة كبيرة لحل أي مشكلات وتصفية الخلافات بين المتخاصمين فيما يشبه الجلسات العرفية, ومع غروب الشمس يبدأ الجمع في العودة وربما يبقي الشباب إلي آخر الليل يتسامرون ويتسابقون ويتدربون علي الرماية وركوب الخيل ويبيت بعضهم لليوم التالي لاستكمال جز الصوف إذا كان عدد الغنم كبيرا.
أما فؤاد عدنان ذو ال65 ربيعا وكان يعمل حارس ليلي في مدرسة, ويعمل في موسم الجلامة في جز الصوف فيشرح العملية قائلا: نبدأ في قص صوف الغنمة عندما يصل عمرها إلي7 شهور أما قبل ذلك فهي لا تكون في حاجة إلي جز صوفها الذي يكون قليلا, والأغنام التي يقص صوفها لأول مرة تشعر بالخوف وتقاوم العملية لكنها في الأعوام التالية تسترخي وتستمتع بالجز فهي لا تنسي وتعلم أنها لن تتعرض للأذي أو الألم, ويتم جمع الصوف الذي ينتج عن الجز ويباع بالقنطار(45 كيلو) سواء للحكومة أو للمصانع الخاصة ويتراوح سعره من45 جنيه إلي100 حسب الموسم, وهذا العام يعتبر الموسم جيدا جدا لغزارة أمطار الشتاء الماضي فرعت الأغنام وسمنت, وينتج عن جلامة الغنمة الواحدة2 كيلو صوف أما الكبش فيطرح حوالي3 كيلو لكبر حجمه وغزارة صوفه, ويستفيد أصحاب الغنم من الصوف الذي لا يتم بيعه في استخدامات عديدة مثل حشو المراتب وذلك بعد غسله جيدا وفي صنع بعض الحبال ومستلزمات البيت.
.. وفي كهف الملح.. اطرح همومك وأمراضك!
وعلي بعد6 كيلومترا من بوابة وادي الرملة غرب مدينة مرسي مطروح, تقع قرية بدوية علي مساحة5 أفدنة أقامها أحمد شتا الشهير بالحاج عطية, ليس الجديد أن الرجل يحاول تحقيق حلما راوده منذ15 سنة في الحفاظ علي التراث البدوي الذي يميز محافظة مطروح والذي راقبه بأسي وهو في سبيله إلي الإندثار, ولا أنه ترك الإسكندرية محل عمله بالمقاولات والتي تعيش بها أسرته وجاء وحده إلي مطروح ليتفرغ لإقامة أكبر قرية علي الطراز البدوي, ولا الغريب أنه تعمد ألا يكون في قريته الكبيرة إلا كل ما هو من صلب التراث لتتحول إلي متحف مفتوح ينطق كل ركن فيه بتقليد أو عادة بدوية, فهنا بني بئر كبير علي غرار الآبار الحقيقية التي كانت تتوسط الصحراء ويعتمد عليها البدو الحقيقيون في الحصول علي الماء, وهناك صنع مربوعة واسعة افترشها بالأكلمة البدوية اليدوية التي حصل عليها من بدويات كن يمتلكنها وتوقفن عن صنعها الآن, وفي ذاك الركن خيمة بدوية كبيرة صنعت من أصواف الإبل والأغنام يجتمع تحتها شعراء البدو يتبارون في الإرتجال, تتناثر في أرجاء القرية أدوات الطهي القديمة مثل الشكوي التي تستخدم في خض اللبن, والرحاة لطحن الشعير, والنورج الذي يستخدم في الحصاد, والبراد الأسود يغلي علي الفحم, وفرن أبو مردم الذي يطهي الخروف علي حرارته دون نار مباشرة بطريقة ينفرد بها البدو.
ليس هذا كله بجديد أو غريب, لكن وجود كهف ملح في قلب صحراء مطروح يضاهي مثيل وحيد له في الإمارات المتحدة هو الذي يعد جديدا وغريبا في هذا المكان النائي! الكهف مبني تحت الأرض يقودك إليه درج رخامي في آخره باب صغير ينفتح علي بهو كبير منخفض السقف والإضاءة يمهدك لما أنت مقبل عليه, فبمجرد أن تفتح باب الكهف ستنسي ما تركته وراءك في العالم الخارجي وستشعر فورا بالاسترخاء في غرفة كبيرة صنعت بأكملها من الملح: السقف عبارة عن حبيبات كبيرة من الملح تدنو منك حتي تكاد تلامس رأسك, والجدران من بلاطات أو حجارة كلسية جئ بها من جبال سيوة الملحية الصخرية, والأرضيات مختفية تحت أكوام من الملح الطبيعي, والكهف خالي تماما إلا من عدة مقاعد مريحة للجلوس والاسترخاء في إضاءة زرقاء خافتة وصوت موسيقي هادئة لا تعلم مصدرها, ورائحة غريبة تملأ المكان سرعان ما تعتاد عليها خاصة بعد أن تعلم أنها رائحة الملح الطبيعي الخام فتستنشقها بعمق لتملأ من رزازها رئتيك ففيها الشفاء من أمراض كثيرة.
يقول الحاج عطية: فكرة كهوف الملح معروفة منذ القرن التاسع عشر خاصة في دول أوروبا الشرقية, لكنني سمعت عنها في مصر عندما علمت من أحد أقاربي أنه أنشأها في شارم الشيخ وأن هناك كهفا آخر للملح في طابا, ولما علمت منه أنهم يستخدمون الملح السيوي حيث تمتاز سيوة بأفضل جبال ملح صخري وأنقاها فكرت في إقامة كهف ملح في قرية بدوية بمطروح التي تعتبر الأقرب لسيوة وذلك لجذب السياحة العلاجية إلي هنا.
ويضيف الحاج عطية بأسي للأسف لا تحظي مطروح بالمكانة السياحية التي تستحقها رغم أنها تتمتع بكل مقوماتها من بحر نظيف وطقس رائع, لكنها لا تجذب سوي المصريين في شهرين أو ثلاثة طوال العام, لذلك فكرت في استغلال مقوماتها الطبيعية وأقمت كهف الملح هنا خاصة بعد أن قرأت كثيرا عن فوائده, فالملح يزخر ب84 عنصرا طبيعيا منها اليود والبروم والماغنسيوم والحديد والصوديوم والبوتاسيوم, واستعنت بمتخصصين في الديكور والطب لعمل التصميم الداخلي للسقف الغني برواسب كلسية ضخمة من الملح والأرضية المغطاة ببلورات الملح, حتي الإضاءة صممها خبراء لتساعد علي تهدئة الحواس, لذلك تقدم الجلسة لمدة45 دقيقة داخل كهف الملح علاجا لاضطرابات الجهاز العصبي ومشاكل الجهاز الهضمي وأمراض القلب ومشاكل الجهاز التنفسي من ربو وحساسية, والأمراض الجلدية, بالإضافة إلي تحقيق حالة من الاسترخاء الناتج عن تحويل الملح الأيونات السالبة إلي أيونات موجبة مما يساعد علي إعادة التوازن للجسم كله.
رمضان الأخرس.. معجزة سيدي براني
ما أن يتعرف أهالي مطروح علي هويتي الصحفية حتي يشيرون علي بأهمية لقاء رمضان الأخرس, تحدثوا كثيرا عن مواهبه وبالغوا فيها, قالوا أنه رجل أصم وأبكم منذ طفولته ولم يتلق تعليما ومع ذلك يجيد7 لغات! أضافوا أيضا أنه يستطيع قراءة الكلمات التي تكتب له في الهواء علي بعد عدة أمتار اختلفوا في تحديد عددها, وأسبغوا علي الرجل قدرات خاصة كثيرة.
قررت زيارة رمضان الأخرس( كما يطلق عليه أهالي المحافظة كلها) فذهبت إليه خصيصا في مدينته سيدي براني التي تبعد عن العاصمة مطروح حوالي150 كيلومترا, اصطحبني إلي منزله البعيد عدد كبير من أهالي براني الذين تجمعوا حولي وأنا أسأل عن رمضان حتي قبل أن أدخل إلي المدينة, وحدثه بعضهم تليفونيا ليخبره بزيارتي له فاستعد الرجل وفتح لنا بوابة المنزل الفسيح رغم دلائل فقره, مددت يدي لتحيته ثم كتبت له بيدي في الهواء: منال عبيد صحفية من الأهرام وجاية مخصوص أزورك.
ولدهشتي الشديدة قرأ الرجل بلهجة مفهومة لكن بلسان ثقيل ما كتبته في الهواء أمام عينيه!! فرحب بي بشدة ثم اصطحبنا جميعا إلي مربوعة بيته وبدأت أغرب حوار أجريته في حياتي, كنت أكتب سؤالي وأنا أخفي بيدي الورقة مثل الطالب الذي لا يسمح لأحد بالغش منه في امتحان, وأترك فقط طرف القلم ظاهرا وهو يتحرك بالكتابة مثلما أخبرني أهل القرية, فيتابع رمضان حركة القلم من طرفه فيقرأ سؤالي ثم يبدأ في الإجابة التي كنت أفهم بعضها بصعوبة ثم يترجم لي ابنه محمد الباقي.
قال رمضان: اسمي رمضان علي عبد الرحيم عمر وسني الآن55 عاما, كنت طفلا في حوالي الثانية عشر عندما أصابتني الحمي الشوكية, وبعد شفائي منها اكتشفت أنني قد أصبت بالصمم التام وبعدها بدأت أفقد قدرتي علي الكلام تدريجيا, لم أكن حتي ذلك الوقت قد تلقيت تعليما رسميا لكنني كنت أحب تعلم أي شئ, وبعد إصابتي علمت نفسي القراءة والكتابة ثم تعلمت الإنجليزية حتي أجدتها وقليل من الفرنسية.
قاطعت رمضان لأسأله كيف علم نفسه الإنجليزية التي كتب لي بها عبارات ترحيب بخط جميل, لكنه لم يجب سوي بأن أشار إلي السماء!! نفس الإشارة حينما سألته عن تفسيره لموهبة القراءة عن طريق متابعة حركة القلم أو الكتابة في الهواء, أو حتي عندما سألته كيف ومتي اكتشف موهبته... يكتفي رمضان في كل مرة بالإشارة إلي السماء وكأنه يعجز عن فهم معجزته.
أكمل رمضان دلني بعض الأقارب علي طبيب يمكنه إجراء عملية زرع قوقعة تعيد لي السمع, لكنني للأسف لا أملك تكلفتها رغم أنني كنت أشتاق لسماع الأصوات مرة أخري, فقد منعتني إصابتي من العمل في أي مكان وحاولت التقدم للعمل ضمن نسبة ال5% معاقين وتم رفضي لأنني لا أحمل شهادات رغم أنني أجيد العربية والإنجليزية وكنت أراسل جريدة الجمهورية التي نشرت لي عدة مقالات!.
لا يتوقف رمضان عن إدهاشي, فأمام ثقافته التي لا يعلم أحد من أين حصلها وهو البدوي الأمي الذي لم يتلق تعليما, ربما تنسي موهبته التي تكاد تكون معجزة في قراءة كلمات تكتبها في الهواء سريعا أمام عينيه, أتركه يسترسل في كلماته الأخيرة لي:
تزوجت وأنجبت4 أبناء أكبرهم محمد الذي أنهي دراسته المتوسطة, وحاولت توظيفه في أي من الوظائف الحكومية حتي يستطيع إعالتي أنا وإخوته ولم أتمكن من ذلك حتي الآن, لذلك أطلب من محافظ مطروح مساعدتي في توظيفه حيث تعيش الأسرة بالكامل علي400 جنيه معاش تأميني, ولولا مساعدات الأهل والجيران لما استطعنا مواصلة الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.