امتن الله عز وجل علي عباده برخصة الفطر في نهار رمضان للمسافر والمريض; تيسيرا ورحمة من الله, لقوله تعالي:' ومن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر' البقرة.185 وتقدر مسافة السفر التي يجوز فيها للصائم أن يفطر بثمانية وأربعين ميلا, أي ما يعادل نحو ثمانين كيلو مترا تقريبا, وإذا كان الصوم في السفر لا يشق علي المسلم فصام لكان أفضل, وإن كان يشق عليه فأفطر كان أفضل, علي أن يقضي ما أفطر عند حضوره, فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, أنه قال:' كنا نسافر مع رسول الله صلي الله عليه وسلم, فمنا الصائم ومنا المفطر, فلا يجد المفطر علي الصائم, ولا الصائم علي المفطر, وكانوا يرون أنه من وجد قوة, فصام فحسن, ومن وجد ضعفا, فأفطر فحسن'. وهناك الكثير من الأحاديث الشريفة التي تبين أن النبي صام وأفطر في السفر, حتي يتبع المسلمون هديه ولا يشقوا علي أنفسهم رحمة بهم, فمن قدر علي الصيام أثناء السفر صام, ومن لم يقدر فأفطر ثم يقضي, ولا حرج عليه. فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما, أنه قال:' سافر رسول الله صلي الله عليه وسلم في رمضان, فصام حتي بلغ عسفان, ثم دعا بإناء فيه شراب, فشربه نهارا ليراه الناس, ثم أفطر, فصام رسول الله صلي الله عليه وسلم وأفطر, فمن شاء صام, ومن شاء أفطر'. وعن أبي الدرداء قال:' خرجنا مع رسول الله في بعض غزواته في حر شديد, حتي إن أحدنا ليضع يده علي رأسه أو كفه علي رأسه من شدة الحر, ما فينا صائم إلا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحه'. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه, أنه قال: كان رسول الله في سفر, فرأي زحاما ورجلا قد ظلل عليه, فقال:' ما هذا؟' فقالوا: صائم, فقال:' ليس من البر الصوم في السفر'. فهذا رسولنا الرحيم الشفيق وهذا ديننا اليسر الذي لا عنت فيه ولا إرهاق, قال تعالي:' وما جعل عليكم في الدين من حرج' الحج.78 أما المريض الذي يرجي برؤه- شفاؤه فعليه أن ينتظر حتي يشفيه الله من مرضه, ويصوم ما أفطره في رمضان, أما المريض الذي لا يرجي برؤه, كأصحاب الأمراض المزمنة, فعليه أن يتصدق عن كل يوم يفطره بإطعام مسكين, لقوله تعالي:' وعلي الذين يطيقونه فدية طعام مسكين' البقرة.184