كان النبي صلي الله عليه وسلم مرهف الحس فياض العاطفة رقيق الشعور عظيم الرحمة وقد حفظت لنا كتب السير والسنن مواقف مختلفة مرت به صلي الله عليه وسلم فاهتزت لها مشاعره وتأثر بها وجدانه فيحزن قلبه وتدمع عيناه ويبكي. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت.. أفمن هذا الحديث تعجبون* وتضحكون ولا تبكون. بكي أصحاب الصفة حتي جرت دموعهم علي خدودهم فلما سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم بكي معهم فبكينا ببكائه; فقال صلي الله عليه وسلم لا يلج النار من بكي من خشية الله, ولا يدخل الجنة مصر علي معصية, ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيغفر لهم رواه البيهقي في شعب الإيمان. أهل الصفة هم فقراء المسلمين من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم الذين لم تكن لهم منازل يسكنونها فكانوا يأوون إلي الصفة وهي مكان في مؤخرة المسجد النبوي مظللا فلما سمعوا قول الله تعالي' أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون' سورة النجم آية59 60 تأثروا تأثرا عظيما وبكوا حتي جرت دموعهم علي خدودهم خشية وخوفا من الله تعالي فسمع النبي صلي الله عليه وسلم بكاءهم وهنا بكي النبي صلي الله عليه وسلم معهم وبكي معه أصحابه وهكذا كان أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم أتقي الناس,وأكثرهم خشية لله بعد الأنبياء عليهم السلام ثم أخبر النبي صلي الله عليه وسلم بأن من بكي من خشية الله تعالي في الدنيا لن يدخل النار يوم القيامة لأن البكاء من خشية الله دليل علي إيمان المسلم وخوفه من الله تعالي وامتثال أوامره واجتناب نواهيه فالبكاء من خشية الله سبب للنجاة فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال:' أمسك عليك لسانك, وليسعك بيتك, وابك علي خطيئتك'رواه الترمذي والإنسان لا يسلم من الذنب فإن الخطأ من طبيعة الإنسان وفطرته التي فطره الله عليها فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون فلا قنوط من رحمة الله أبدا مهما أذنب الإنسان وعصي فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له إنما العقاب والحرمان من رحمة الله تعالي لمن يصر علي ذنبه ولا يعترف بخطئه ولا يرجع لربه فيا أيها المسلم متي وقعت في معصية أو ذنب بادر بالتوبة الصادقة والاستغفار وانكسر لربك واندم علي ما كان منك من معصية الله واعزم عزما صادقا علي ألا تعود إليه مرة أخري فهو سبحانه يقبل التوبة ويعفو عن السيئات بل ويبدلها إلي حسنات فهو رب غفور كريم جواد يفرح بتوبة عبده.