فرض الله عز وجل صيام رمضان علي أمة محمد في يوم الإثنين من شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة المباركة, فصام الرسول تسعة رمضانات, عليه الصلاة والسلام توفي في شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة. كان من هدي الحبيب المصطفي أن يخص رمضان بما لايخص غيره من الشهور, حتي إنه كان ليواصل الصيام, وكان ينهي أصحابه عن الوصال, فعن عائشة أم المؤمنين أن النبي نهي أصحابة عن الوصال رحمة بهم, فقالوا: إنك تواصل, قال: إني لست كهيئتكم إني يطعمني ربي ويسقيني. وكان صلي الله عليه وسلم يستقبل شهر الصوم استقبالا حافلا, فعن طلحة بن عبيد الله أن النبي كان إذا رأي هلال رمضان قال: اللهم أهله علينا باليمن والإيمان, والسلامة والإسلام, ربي وربك الله. ولم يدخل النبي صلي الله عليهوسلم في صوم رمضان إلا برؤية محققة أو بشهادة شاهد, فعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلي الله عليهوسلم ذكر رمضان, فقال: لا تصوموا حتي تروا الهلال, ولا تفطروا حتي تروه, فان جن عليكم فاقدروا له. وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام, أنه قال: إن للصائم عند فطره دعوة لاترد, فكان يدعو بخيري الدنيا والأخرة عند فطره. وقال المصطفي: ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتي يفطر, والإمام العادل, ودعوة المظلوم. وكان من هدي النبي فيما صح عنه أمرا وفعلا, أنه يعجل الإفطار بعد غروب الشمس, وروي عنه انه قال: لايزال الناس بخير ماعجلوا الفطر, وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, أن رسول الله قال: إذا أقبل الليل من ها هنا, وأدبر النهار من هاهنا, وربت الشمس, فقد أفطر الصائم. وحث النبي عليه الصلاة والسلام المسلمين علي الالتزام بالسحور, فقد روي عنه انه قال: تسحروا فإن في السحور بركة.. وذلك لأن وقت السحور مبارك, إذ هو في الثلث الأخير من الليل وقت النزول الإلهي, ووقت الاستغفار. ويستقبل النبي رمضان بالجود والعطاء الزاخر, فكان أجود مايكون في شهر رمضان, فعن عبدالله بن عباس أن الرسول كان أجود الناس بالخير, وأجود ما يكون في شهر رمضان, لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتي يسنسلخ, يعرض عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم القرآن, فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخيرمن الريح المرسلة.