يعرف قاموس ميريام وبستر الالكتروني السايبر فوبياCyberPhobia بانه الخوف غير المبرر وغير العقلاني من الكمبيوتر والتكنولوجيا بشكل عام, وتذكر الموسوعة الحرة ويكيبديا وهي ايضا موسوعة معلوماية مفتوحة علي شبكة الانترنت ان السايبر فوبيا تنتشر علي نطاق واسع في الدول والمناطق التي ترتفع فيها نسب الامية والفقر وتقل قدرة الافراد علي التعرض للتكنولوجيا والتعامل معها بشكل يتسم بالمساواة خاصة في دول العالم الثالث التي تعمل سلطاتها علي اهدار حقوق الافراد في الحصول علي المعلومات. تبدو كل هذه المعلومات منطقية فالفرد الذي لايعرف عن اجهزة الحاسب الكثير من الوارد ان يخشاها ويصدق الاساطير المحيطة بها وما تورده افلام الخيال العلمي القديمة وروايات ايزاك ازيموف عن الحاسب الالي والروبوت الذي يخطط لاستعباد البشر, الا ان قيام احد اعمدة عالم الكمبيوتر ومخترع فكرة الحقيقة الافتراضيةvirtualreality باصدار كتاب يتناول تهديد الكمبيوتر والانترنت لحياة الانسان يعد امرا مستغربا. قبل ايام صدر بالولايات المتحدة كتاب لعالم الكمبيوتر الاشهر جارون لانيير تحت عنوانyouarenotagadget او انت لست مجرد صيغة رقمية يتناول فيه كيف حولت شبكة الانترنت ومثيلاتها من شبكات الاتصال الانسان إلي عبدلها. يستخدم لانيير في كتابه مصطلح اقنان الارضPeasants الذي شاع في العصور الوسطي في اوروبا قبل الثورة الصناعية حيث كان لا يفرق اقنان الارض عن العبيد كثيرا فهم يعملون في خدمة النبيل صاحب الارض مقابل الطعام والشراب سدادا لديون خرافية تتثاقل علي كواهلهم عاما بعد عام ويرثها وابناؤهم الذين يستمرون كأقنان أرض وهو المصطلح الذي يشير به جارون لانيير الي الانسان المعاصر المتعامل مع الانترنت الذي يغرق فيها الشبكة والعلاقات الافتراضية المتولدة عنها ليصب كل هذا في النهاية في صالح حسابات مدراء الشركات الكبري. يسوق جارون لانيير في كتابه ما يشبه الاعتذار عن كونه واحدا من اكبر المساهمين في خلق الواقع الموازي علي الانترنت عبر فكرة الحقيقة الافتراضية التي اخترعها وروج لها في بدايات عقد الثمانينات من القرن الماضي ورغم ان فكرته تم استخدامها في تطوير العديد من العلوم واجراء التجارب العلمية خاصة المتعلقة بالسفر إلي الفضاء والتجارب الطبية في مجال العمليات الجراحية بشكل انقذ حياة الملايين حول العالم الا ان نفس الفكرة استخدمت في تطوير البرامج العسكرية المنتجة لاسلحة الدمار الشامل خاصة في برامج وزارة الدفاع الامريكية البنتاجون كما استخدمت تجاريا في انتاج العديد من اجهزة الالعاب الالكترونية. وكانت هذه الفكرة هي المؤسسة لشبكات الويب اثنين2web التي انتجت الشبكات الاجتماعية الكبري كالفيس بوك حيث تعمل هذه الشبكات علي استخدام المستخدمين حسبما يشير الكتاب من أجل ملء محتواها الفارغ عبر نقل العالم الواقعي الي عالم اخر موازي يجري بالكامل علي شبكة الانترنت لتعيد هذه الشبكات صياغة العلاقات بين البشر وبعضهم البعض بل وبينهم وبين معطيات واقعهم حيث يتحول كل متعامل مع الشبكة من وجهة النظر هذه الي مجرد طرف عضوي كمبيوتريcomputerPeripheral يحركه السادة في جوجل وياهو وغيرهما من الشركات الكبري كيفما تراءي لهم لتحقيق ارباح اعظم. بالعودة إلي روايات ايزاك ازيموف الذي ارسي قواعد التعامل بين الانسان والروبوت الذي يشكل مصدر التهديد الاكبر للانسان كانت بداية النهاية دوما سعي الانسان لان يمنح الروبوت شيئا من انسانيته كالقدرة علي التفكير الحر والاختيار فكانت الروبوتات دوما ما تختار طريق الشر, تأخذ عن الانسان حب العظمة والسيطرة, لهذا يبدو من الغريب ان يدعو جارون لانيير في كتابه إلي هدم شبكة الانترنت واعادة بنائها بحيث تحمل بعضا من انسانية الانسان.. ان تحوي الشبكة في ذاتها دون انتظار اسهام مستخدميها القدرة علي الابتكار والابداع وان يتم تطوير اجهزة الكمبيوتر نفسها بحيث لا تصير حاملة لواجهة جامدة بل تصير قادرة علي التمثيل بشيء من الشعور والتفكير الانساني ليصب هذا في النهاية في قدرتها علي التعبير عن هذا الشعور والتفكير الانسانيين!! يطرح لانيير كعالم كمبيوتر الحلم الاعظم لكافة علماء الكمبيوتر المجانين كما تعكسها روايات الخيال العلمي, حلم الخلق ان ينتج علماء الكمبيوتر ذلك الجهاز الحلم الذي يتحول إلي كائن حي متصورين في ذلك انه سيصير قادرا علي فهم وخدمة الانسان بشكل افضل متناسين ان وهم الخلق هذا قد يقود مخلوقهم إلي التمرد عندما يصير كائنا حيا ذا رغبات واحلام وتطلعات في ذاته ليكرر لانيير ذلك السيناريو المخيف الذي يتردد في كوابيس الكتاب. ولد جارون لانيير بمدينة نيويورك عام1960 وهو عالم كمبيوتر ويمتلك خط انتاج لاجهزة الحقيقة الافتراضيةr.v وساهم تطوير العديد من اجهزة الانتاج السينمائي المتطورة والبرامج والاجهزة العاملة علي تحقيق الاتصال علي بعد إلي جانب العديد من البرامج العسكرية, وهو عازف موسيقي وله نظرية فلسفية اشتهرت باسمه الي جانب عمله كاستاذ زائر في العديد من الجامعات الامريكية الكبري كقسم الاتصالات بحامعة كاليفورنيا حيث يقع وادي السليكون الامريكي الشهير ومعهد ماساتشوستس اهم معاهد الاتصالات والحاسب الالي في العالم.