أنتمى إلى جيل خرج من عباءة نكسة أو هزيمة يونيو 67. جيل متوتر. متوثب. دخل فى صدامات مع الدولة فى بداية السبعينيات داخل حرم جامعة القاهرة. جيل قلق يحلم بمحو عار الهزيمة والاحتلال الإسرائيلى. كانت المواجهات صاخبة فى جامعة القاهرة فى 1972 تدعو الرئيس السادات إلى شن الحرب بهدف استرداد الكرامة الوطنية وهو رئيس لم يكن يحظى بقبول جماعات اليسار والناصريين فى الجامعة. الطلبة عاصروا فى ذلك الوقت حرب الاستنزاف. شاهدوا محاولات صامتة لكسر إرادة العدو الاسرائيلى إلى أن اتخذ السادات بكل دهاء السياسى قرار الحرب فى 1973 واستيقظ سكان القاهرة والمدن المصرية غير مصدقين ما يحدث. بدأوا فى البحث عن الأخبار الحقيقية من الإذاعات الأجنبية إلى أن تيقنوا أن ما حدث حقيقة لا خيال. لقد عبر جنود مصر القناة ودمروا خط بارليف وأحدثوا خسائر فادحة فيما كان يسمى الجيش الذى لا يقهر. فى يناير 2002 ذهبت إلى كندا مديرا لمكتب الأهرام. هناك عرفت عن قرب أحد أبطال حرب أكتوبر. شخصية تتمتع بحس إنسانى عال. روح فكاهة غير محدودة. قدرة غير عادية على حب الناس. منه سمعت روايات عن أبطال وضعوا أرواحهم على أكفهم. أتحدث عن اللواء طيار مجدالدين رفعت وكان مندوبا لمصر فى منظمة الطيران المدنى الدولية ومقرها مونتريال بمقاطعة كيبيك. سمعت منه ما لم أقرأه للأسف فى صحفنا ولا وسائل الإعلام المختلفة التى لم تنجح حتى الآن فى أن تروى للمصريين قصص هؤلاء الأبطال. أمريكا حاربت النازى فى أوروبا وخرجت بمئات الأفلام الدرامية عن قصص بطولة لا ندرى ان كانت حقيقية أم لا لكنهم نجحوا فى أن يكسبوا تعاطف العالم كله. أما نحن فقصص أبطالنا ما زالت حبيسة الأدراج. لا أتحدث عن عدد محدود من الأفلام وانما أتحدث عن كلمات تخرج فى ذكرى حرب أكتوبر لا تنبض بالحيوية ولا تنقل للأجيال الجديدة التى لم تعاصر تلك الحرب كيف خاض جنود مصر وضباطها هذه الحرب بهدف تطهير الأرض. حكى لى اللواء طيار مجدالدين رفعت طبيعة حياتهم فى ميس الضباط. روح الدعابة التى تسيطر عليهم رغم أن كلا منهم ينتظر النداء لكى ينطلق بطائرته المقاتلة التى قد لا يعود معها. رجال كانت لديهم مهمة محددة. تطهير أرض الوطن من الاحتلال الإسرائيلى. علاقات الصداقة التى تجمعهم ضباطا وجنودا. كتاب أجانب عرفوا قيمة العسكرية المصرية ومنحوها الاحترام الواجب. اقرأ الآن لمؤلف اسمه فيليب مانسيل كتب كتابا عن: القسطنطينية المدينة التى اشتهاها العالم ونشر فى لندن عام 2006. فى الفصل العاشر كتب يقول: لم تأت أخطر معارضة لمحمود الثانى من رعاياه داخل العاصمة العثمانية بل من داهية السياسة فى القاهرة محمد على باشا والى مصر. كان محمد على بمنزلة الانتقام المصرى لثلاثمائة سنة من التبعية والجزية للقسطنطينية منذ فتحها سليم الأول عام 1517. كان محمد على قد شرع فى تحديث مصر وأنشأ ابنه إبراهيم باشا جيشا قويا وفى عام 1832 ضم الجيش المصرى سورية وفى عام 1833 غزا الأناضول وفى الثانى من فبراير وصل كوتاهية التى تبعد عن القسطنطينية بمائة وخمسين ميلا فقط. فى عام 1839 شن محمد على هجوما آخر على ولايات الأناضول. أدى قلق السلطان على جيشه وأسطوله إلى اعتلال صحته حتى أنهم كانوا يغيرون له ملابسه وانتشرت شائعات تقول إنه كان يشرب نبيذا مشددا بالبراندى وفى 24 يونيو دحر الجيش المصرى الجيش العثمانى مجددا فى معركة نزيب فى الأناضول وفى 29 يونيو توفى السلطان وفى 15 يوليو أبحر القبطان باشا أحمد إلى ميناء الاسكندرية وسلم معظم الأسطول العثمانى إلى محمد على ففى شهر واحد فقدت الامبراطورية أسطولا وجيشا وسلطانا. هل علمتم لماذا يريد أردوغان القصاص من مصر. أيها المصريون لكم أن تفخروا بتاريخ العسكرية المصرية. حمى الله مصر.