طالب أصحاب المصانع في العديد من المدن الصناعية بضرورة فتح ملف ميزانية مركز تحديث الصناعة المصرية والذي خصص له خلال العامين الماضيين أكثر من ملياري جنيه لتحديث الصناعة وتقديم الخدمات اللازمة للمصانع. مؤكدين ضرورة البحث عن تلك الأموال وأين أنفقت حيث إن المركز لم يقم بالدور المنوط به. وأكد رجال الصناعة أن المركز لم يقدم أي خدمات لتطوير المصانع وتساءلوا أين ذهبت تلك الأموال التي خصصت له منذ إنشائه والتي تتجاوز خمسة مليارات جنيه من المعونات المقدمة من الجهات المانحة وهذا يعد بلاغا جديدا للنائب العام. وحول هذه القضية قال محمود الشندويلي رئيس جمعية مستثمري سوهاج:إنه ينبغي الافصاح عن كيفية إنفاق المليارات التي تم تخصيصها لمركز تحديث الصناعة حيث إن اغلب الصناع المصريين لا يعلمون شيئا عن تلك الميزانية مؤكدا أن هذه المبالغ كان يمكن الاستفادة بها في حل العديد من مشكلات المدن الصناعية ودفع القطاع الصناعي للانطلاق الي العالمية لذلك لا بد من تقديم تقارير مفصلة عن المستفيدين الحقيقيين من تلك الخدمات التي لم تصل الي كل المصانع. وأوضح الشندويلي أن دور مركز تحديث الصناعة كان واضحا في إقامة المعارض الدولية ولكنه لم يراع احتياجات المصانع الحقيقية او مايفيد العملية الانتاجية من تحسين المنتج وتحديث الآلات والماكينات ودعم الخدمات وإدخال المرافق وزيادة خطوط الانتاج وإتاحة التمويل المناسب لرفع كفاءة القطاع الصناعي. وأكد نبيل الشيمي وكيل وزارة التجارة والصناعة الأسبق أن مركز تحديث الصناعة كان قلعة حصينة لا يمكن لأحد المساس بها خاصة وأن العاملين به كان أغلبهم من أبناء المسئولين الكبار الذين تم تعيينهم دون إجراءات تعيين صحيحة بمرتبات خيالية موضحا أنه تم تعيين رئيس مجلس ادارته حلمي أبو العيش ومديره ادهم نديم بناء علي العلاقة الشخصية التي كانت تربطهما بالوزير السابق وهو الذي ظهر واضحا بعد أحداث الثورة حيث تم إلقاء القبض علي أبو العيش بتهمة الاستيلاء علي40 مليون جنيه من أموال المركز ومنع أدهم نديم من السفر بعد تلقي نيابة الأموال العامة العليا العديد من البلاغات الجدية ضدهم. وقال الشيمي: أن لم تكن هناك رقابة علي كيفية إنفاق المنح والمعونات التي يتلقاها المركز لذلك لابد من إعادة توجيه لكل المراكز والهيئات التي تتلقي معونات خارجية ووضعها تحت الرقابة الصارمة. وكشف الشيمي عن ان بنود اتفاقية معونات ومنح تحديث الصناعة والتي بدأت من الاتحاد الاوروبي موجهة فقط للقطاع الخاص بهدف مساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ويحظر توجيهها لأي مصنع يتبع قطاع الأعمال العام وهو ماتسبب في مطالبة بعض الخبراء والمسئولين برفض تلك المعونة لأنها تهدف بالاساس الي الضغط علي الحكومة في بعض الشركات العامة المهمة وإهمال دور الدولة في القطاع الانتاجي. وأوضح الشيمي أن تحديث الصناعة كان الهدف منه هو تطوير المصانع القائمة ومساعدتها في إدخال أحدث النظم والأجهزة وتدريب العمال وتقديم مساعدات لها تمكنها من استيراد الآلآت الحديثة ولكن تسبب الفساد الذي انتشر بسرعة للاستفادة من تلك معونات ومنح تحديث الصناعة في إهدار المليارات في تعيين أبناء المسئولين وإقامة المؤتمرات التي تقدم أفخر أنواع الطعام والسهرات في الفنادق الكبري وتسهيل السفر للعاملين به الي الخارج علي حساب المركز, بالاضافة الي مجاملة العديد من رجال الأعمال وتسهيل حصولهم علي العديد من منافذ توزيع الدعم. وقال علي حمزة نائب رئيس لجنة تنمية الاستثمار بالاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين: إنه لم تكن هناك أي شفافية فيما يتعلق بخدمات المركز أو كيفية تطبيقها أو أسماء المستفيدين منها مشيرا الي أن المركز كان يضع خططا ومشروعات جيدة في بعض الأحيان إلا أنه كان هناك بطء شديد وعدم جدية في تنفيذها بالاضافة الي عدم تعميمها علي جميع المصانع حيث ان هناك دعما كان مخصصا للمصانع التي يزيد رأسمالها علي5 ملايين جنيه فقط وهذا الدعم يصل الي15 الف جنيه لكل فرصة عمل يوفرها المصنع في صورة اعفاءات ضريبية ورسوم خدمات وهو مايعد ظلما واضحا للمصانع الصغيرة التي تحتاج الي الدعم الحقيقي. وأكد حمزة أهمية وضع استراتيجية جديدة لتحديث الصناعة المصرية بحيث تراعي توزيع الميزانية علي المشروعات الحقيقية وليست الرفاهية اوالتكاملية للمصانع والشركات, مشيرا الي ان احتياجات الصناعة الحقيقية هي الاهتمام بقطاع تدريب العمالة وبنود الدعاية ومساعدة المصانع علي الحصول علي شهادات الجودة التي تتيح فرصة تصدير منتجاتها للخارج بالاضافة الي إعادة برنامج تحفيز المستثمرين وزيادة الدعم الموجه لهم لاستيراد الأجهزة والماكينات الحديثة وإدخال التكنولوجيا للمصانع. ومن ناحية أخري كشف مصدر مسئول عن أن مركز تحديث الصناعة كان يعتمد في الأساس علي حجم المنح التي يستطيع الحصول عليها من العديد الهيئات الدولية مشيرا الي ان الميزانية التي تم تخصيصها له هي جزء صغير من المنح التي يجلبها لوزارة الصناعة واتحاد الصناعات المصرية لذلك فهو المركز الوحيد في مصر الذي يحصل علي ميزانية تزيد علي مليار جنيه سنويا وقال إن بند الاجور يستحوذ علي جزء كبير من ميزانية المركز فبرغم قلة عدد الموظفين إلا أن مرتباتهم مجزية للغاية خاصة الرؤساء والمديرين. جدير بالذكر أن النائب العام أصدر قرارا أمس الأول بمنع حلمي أبو العيش رئيس مجلس ادارة مركز تحديث الصناعة وزوجته وأولاده القصر من التصرف في أموالهم المنقولة والعقارية والسائلة والسندات بتهمة التربح والاستيلاء علي قرابة40 مليون جنيه من أموال المركز ومنع أدهم نديم المدير التنفيذي للمركز من السفر, حيث كانت هناك شكوي عامة من قبل المستثمرين بأن الدعم المتاح من المركز لا يطبق علي جميع المصانع ويتم منحه في صورة خدمات ليست فعالة او تعبر عن الاحتياجات الحقيقية للصناعة المصرية بهدف التطوير والتحديث وهو مايمثل إهدارا للاموال المخصصة للقطاع الصناعي والانتاجي. تجدر الاشارة الي أن مركز تحديث الصناعة المصرية تم إنشاؤه طبقا للقرار الجمهوري رقم477/2000 ككيان مستقل من أجل إعطاء دفعة لتحديث الصناعة المصرية, وذلك بتمويل مشترك بين كل من الاتحاد الأوروبي وقيمته250 مليون يورو, والحكومة المصرية بقيمة103 ملايين يورو والقطاع الخاص المصري بقيمة73 مليون يورو, بإجمالي ميزانية بلغت426 مليون يورو ثم توقفت معونة الاتحاد الاوروبي وقررت الحكومة المصرية بعد ذلك تحمل تكلفة مشروع تحديث الصناعة وخصصت له ميزانية بلغت1,1 مليار جنيه في العام الحالي.