تحتفل أيام قرطاج السينمائية هذا العام بمرور50 عاما علي إطلاقها, استطاع خلالها المهرجان أن يجمع صناع السينما العربية والإفريقية ويقدم أفلامهم للعالم أجمع وانطلق المخرجون منه إلي العالمية وأصبحت أفلامهم تصل إلي خارج القارة لأكبر المهرجانات في كان وبرلين وفينسيا وغيرها وساهم في التشجيع علي إطلاق مهرجانات أخري تفتح مساحات جديدة للسينما الإفريقية; حيث انطلق من بعده مهرجان فيسباكو, كما ولد مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية منذ خمس سنوات فقط وعقد مؤخرا شراكة وبروتوكول تعاون مع الشقيق الأكبر أيام قرطاج السينمائية, وفي هذا الحوار يحدثنا المخرج إبراهيم اللطيف رئيس الأيام عن هذه الشراكة وعن احتفالات قرطاج بالخمسينية في الدورة المقبلة المقرر عقدها أكتوبر المقبل: لماذا تقرر عقد أيام قرطاج السينمائية سنويا بعد أن كان يعقد كل عامين؟ بدأنا في تنفيذ ذلك من الدورة الماضية, وتم اتخاذه هذا القرار بناء علي طلب من المخرجين وصناع السينما التوانسة استمر علي مدار سنوات, حيث كان المهرجان يعقد كل عامين نظرا لقلة الإنتاج السينمائي في القارة الإفريقية, لكننا انتظرنا الفرصة إلي أن تطور الإنتاج السينمائي في تونس والعالم العربي بصفة عامة. ما مظاهر الاحتفال ب50 سنة علي تأسيس المهرجان؟ الاحتفالات رمزية, الخمسينية تمثل نصف قرن من العمل واعتدنا علي الاحتفال بمثل هذه المناسبات, وما يميزها أنها ليست مجرد احتفالية ب50 سنة علي ولادة المهرجان وإنما أيضا ب50 سنة علي عرض أول فيلم تونسي, وستتمثل الاحتفالات في عدد من التكريمات مثل تكريم المخرج الراحل يوسف شاهين وتكريم عدد من المخرجين الأفارقة وأيضا بعض المخرجين العالميين الذين يحملون هواجس العالم الثالث أو العالم العربي والإفريقي, وسيكون هناك العديد من الاحتفاليات ويخصص يوم كامل للخمسينية وتتم إقامة ندوة عن الذاكرة وارشيف السينما, وكيف يمكن أن نحافظ علي ذاكرتنا السينمائية, كما سيتم إنتاج10 أفلام قصيرة لمخرجين يتحدثون فيها عن تجربتهم مع أيام قرطاج السينمائية وقد بدأ الإنتاج بالفعل وستتم برمجة الأفلام في الدورة المقبلة من أيام قرطاج المقرر عقدها في الفترة من28 أكتوبر حتي5 نوفمبر.2016 ما الذي حققته أيام قرطاج السينمائية للسينما العربية والإفريقية ؟ قرطاج حقق الكثير علي مدار سنواته, فقد كان المهرجان المكان الرئيسي للتعريف بالعديد من المخرجين الذين أصبحوا فيما بعد مخرجين عالميين, علي سبيل المثال سليمان سيسيه من مالي والمخرج الراحل يوسف شاهين الذي كان يفتخر بعلاقته بأيام قرطاج السينمائية وحاز علي التانيت الذهبي عن فيلمه الاختيار في1970 وكانت هذه انطلاقته علي السينما والمهرجانات العالمية فكان من المخرجين الأوائل الذين اكتسحوا مهرجان كان وغيره من المهرجانات العالمية, وتعلمنا منه الكثير لأنه كان مخرجا متميزا جدا, وأيضا المخرج عبد الرحمن سيساكو الذي كانت له أيضا تجربته مع قرطاج وانطلق منه إلي كان, وكذلك ايليا سليمان وتوفيق صالح الذي عرفه وأحبه الجمهور التونسي في قرطاج, المهرجان كان نواة للتعريف بالسينما العربية خاصة والسينما الإفريقية عموما. كيف ستكون طبيعة الشراكة بين أيام قرطاج السينمائية ومهرجان الأقصر للسينما الإفريقية؟ الأقصر أصبح الآن الأخ الأصغر لأيام قرطاج السينمائية وجزءا لا يتجزأ من ذاكرة السينما الإفريقية رغم أن عمره لا يتعدي5 سنوات, وستتواصل الزيارات والعمل بين الطرفين ولكن الشراكة بالنسبة لي لا يمكن أن تقتصر علي مجرد لقاء بيننا لابد من صياغة هذه الشراكة وتبادل الآراء حول الأفلام وتبادل الندوات والزيارات, والأهم التواصل بزيارات أحباء السينما للمهرجانات بحضور طلبة من تونس في مهرجان الأقصر والعكس. ما أفق تطوير هذه الشراكة في المستقبل ؟ مهرجان الأقصر بالنسبة لنا شاشة جديدة لعرض الأفلام الإفريقية يشاهد فيها الشعب المصري الأفلام التونسية والإفريقية مثل مهرجان قرطاج وفيسباكو, وأتمني أن تؤدي هذه الشراكة أخيرا الي خلق سوق, لأنه تبقي أمامنا دائما إشكالية أنه من الممكن أن ننجح في عمل مهرجانات ولكن ماذا بعد؟, المهرجانات إذا لم تنتج عنها سوق سينمائية وتبث الأفلام علي القنوات التليفزيونية المصرية أو التونسية أو الإفريقية يكون دورها منقوصا, وهذا أحد الأهداف المنشودة من الشراكة في المستقبل, خلق سوق عربية وإفريقية حتي يتمكن المواطن العربي والإفريقي بصفة عامة من مشاهدة صورته ولكن ليس فقط علي شاشات السينما فالعديد من البلدان الإفريقية تفتقر إلي قاعات السينما وإنما أيضا علي شاشة التليفزيون. هل استطاعت مهرجانات السينما الإفريقية أن تكتسب جمهورا في الوطن العربي؟ لا يمكن أن نخفي أن هناك دائما إشكالية في الجمهور, واذا كان أيام قرطاج السينمائية استطاع أن يكتسب جمهورا كبيرا علي مدار سنواته فقد ساعد في تحقيق ذلك نوادي السينما ودخول السينما للمدارس والجامعات وأيضا في السجون التي نزورها ونعرض فيها الأفلام وشاركنا أحد هذه الزيارات الفنان خالد أبو النجا مع فيلمه قدرات غير عادية للمخرج داوود عبد السيد وعقدت مناقشة بين السجناء وأبو النجا انبهر فيها بتعاملهم مع الفيلم, لابد أن نخلق هذه الأجواء وننشر الثقافة السينمائية فهذا المسجون سيخرج من السجن بذكري جميلة صنعتها له السينما ويصبح متفرجا دائما ربحته السينما, ونفس الشيء في الجامعات والمدارس, أهمية المهرجان تكمن في حضور الجمهور لا تكمن في حضور النقاد أو الضيوف والنجوم والسينمائيين هذه من الآليات فقط ولكن نجاح المهرجان يكمن في الجمهور, وهو ما يحتاج إليه مهرجان الأقصر, المهرجان مازال شابا ولكن ما حققه في خمس سنوات عمل كبير جدا وأتمني أن يتواصل هذا العمل الجاد. ما دور الدولة في تحقيق ذلك؟ دور الدولة يقتصر علي التمويل فقط ولا علاقة لها بفلسفة المهرجان أو إدارته, المواطن هو من يمول الدولة بالضرائب التي يدفعها ومن المفترض أن يرد إليه هذا من خلال توفير مقومات الحياة من المأكل والمشرب وأيضا الثقافة, فالثقافة من أولويات الاستقلال وضرورية مثل الأكل والشرب, وعلي الدولة أن تعيد الينا ما دفعناه من ضرائب في صورة خدمات ويستخدم جزءا منها في نشر الثقافة سواء سينما أو مسرح وموسيقي ورقص وغيرها.