علي الرغم من بعد المسافة بين السماء والأرض إلا أن هناك صلة تربط بينهما في أقل من لحظات وهي الأعمال الصالحة التي تخلد ذكري الصالحين لقوله تعالي إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه فلا تضحك السماء إلا بعمل صالح يرضي الله تبارك وتعالي وليس شرطا أن يكون هذا العمل صلاة أو زكاة أو صياما أو عبادة معهودة بل قد يكون خلقا طيبا أو عملا صالحا أو أي خير بين الناس كل ذلك يفرح الله به وملائكته والملأ الأعلي وسكان السموات وأهل سدرة المنتهي والعالم العلوي. في البداية يقول الدكتور علي الله الجمال من علماء الأوقاف عندما يموت المؤمن وتعرج روحه إلي السموات فتبتهج السموات فرحا بصعودها وهكذا تزف أرواح المؤمنين الملائكة في كل سماء وكأنها عروس, ويستقبلها الملائكة لقوله صلي الله عليه وسلم: إن المؤمن إذا احتضر أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون: اخرجي راضية مرضية عنك إلي روح الله, وريحان, ورب غير غضبان فتخرج كأطيب ريح المسك حتي أنهم ليناوله بعضهم بعضا يشمونه حتي يأتوا به باب السماء فيقولون: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض؟ فكلما أتوا سماء قالوا ذلك حتي يأتوا به أرواح المؤمنين. قال: فلهم أفرح به من أحدكم بغائبه إذا قدم عليه. وإذا كانت السماء تسعد عند صعود أرواح المؤمنين إلي السماء فإنها تبكي أيضا عند موت المؤمنين لأنقطاع أعمالهم فلما ماتوا انقطعت إلا من ثلاث لقوله تعالي عن قوم فرعون( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) والظاهر من منطوق الآية أن السموات والأرض لم تبك علي هلاك فرعون وقومه, والمفهوم من الآية أنه إذا جاز صدور البكاء من السماء والأرض جاز صدور الفرح منهما, وأنهما يبكيان لموت المؤمن ولا يبكيان لموت الكافر لأنهم لم يكن لهم عمل يصعد إلي الله صالح, فتبكي عليهم السماء, ولا مسجد في الأرض, فتبكي عليهم الأرض, فعن سعيد بن جبير قال: أتي ابن عباس رجل, فقال: يا أبا عباس أرأيت قول الله تبارك وتعالي فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرينفهل تبكي السماء والأرض علي أحد؟ قال:( نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه, وفيه يصعد عمله, فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله, وينزل منه رزقه, بكي عليه; وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها, ويذكر الله فيها بكت عليه, وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض آثار صالحة, ولم يكن يصعد إلي السماء منهم خير قال: فلم تبك عليهم السماء والأرض). وعن السدي قال: لما قتل الحسين بن علي رضوان الله عليهما بكت السماء عليه, وبكاؤها حمرتها. وإن السماء ما سعدت كما سعدت بمعراج حبيب الله ومن دنا فتدلي فيا سعدها حينما شرفت بصاحب المقام المحمود ففي كل سماء قال الأنبياء مرحبا بمحمد. ورضي الله عمن قال( لما أراد الله أن يزف نبيه وقف الخلق إجلالا لسيد البشر) وإن السماء لتفرح فرحا شديدا بتوبة العبد ورجوعه إلي الله, فإذا رجع العبد العاصي إلي الله, نادي مناد في السماوات والأرض, أيتها الخلائق هنئوا فلانا فقد اصطلح مع الله فعن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لله أشد فرحا بتوبة أحدكم, من أحدكم بضالته, إذا وجدها), وعن أبي هريرة, عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:( إذا أحب الله عبدا نادي جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبه, فيحبه جبريل, فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه, فيحبه أهل السماء, ثم يوضع له القبول في أهل الأرض). وإنها لتفرح بقدوم شهر الصيام فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء ومن كان مع الله كان الكون معه وفي خدمته وسعدت به السموات والأرض قال تعالي(ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض). ومما يدل علي أن السماء تفرح أنها تفتح أبوابها للذاكرين والشاكرين, فعن ابن عمر, قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرا, والحمد لله كثيرا, وسبحان الله بكرة وأصيلا, فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:من القائل كلمة كذا وكذا؟ قال رجل من القوم: أنا, يا رسول الله قال:(عجبت لها, فتحت لها أبواب السماء) قال ابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ذلك). ويوضح الدكتور عبد الفتاح ادريس استاذ الفقة بجامعة الازهر أن الله سبحانه تعالي أشد فرحا بعبده التائب لماورد في الحديث القدسي ليس شيئا أحب إلي الله من مؤمن تائب أو مؤمنة تائبة مما يدل علي شدة حب الله لعبده التائب ذكرا كان أو انثي حيث يتشوق الله إلي توبة العبد اذا ألم بذنب صغيرا أو كبيرا ولهذا أمر تعالي في كثير من الآيات بالتوبة وتوبوا إلي الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون وقوله أيضا إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ووردت أحاديث كثيرة في الحض علي التوبة بلغ بعضها مبلغ التواتر وقد بلغ من حب الله لتوبه عبده أنه وعد بإبدال سيئات العبد التائب حسنات وجعل توبته سببا في دخول الجنة ولذلك كان رسول الله يقول التائب كمن لا ذنب له ممايعني أن من تاب من ذنبه لايحاسب لأنه لم يرتكب معصية بمقتضي التوبة إلي الله وقبول ذلك منه فيرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمة بريئا من ذنوبة طاهرا نقيا لايسئل عن شيء كمن لم يرتكب معصية ولهذا قال علماء السلف لامعصية مع استغفارعلي كبيرة كانت أو صغيرة لتلاشي المعاصي بالتوبة التي من شروطها الندم علي الذنوب وعقد العزم علي عدم العودة الي المعاصي أبدا وان ينصلح حاله بالمداومة علي الطاعات وهجر المعاصي والموبقات لقوله تعالي إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما شرط أن تكون التوبة النصوح مقترنة بأداء العمل الصالح والمداومة علية والاقلاع عن المعاصي قدر الاستطاعة ويقول الشيخ إسلام النواوي عضو لجنة الشباب لتجديد الخطاب الديني بوزارة الاوقاف علي الرغم من المسافة الطويلة بين السماء والأرض إلا أن هناك صلة تربط بين السماء والأرض في أقل من لحظات وهي الاعمال الصالحة التي تخلد ذكري الصالحين لقوله تعالي إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه فلا تضحك السماء إلا بعمل صالح يرضي الله تبارك وتعالي وليس شرطا أن يكون هذا العمل صلاة أو زكاة أو صياما أو عباده معهودة لدي الناس, بل ربما يكون خلقا طيبا فالاخلاق عباده بل هي ثمرة كل عبادة ففي أحد الأيام جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم في مجلسه يشكو إليه من شدة الجوع فما كان من الحبيب صلي الله عليه وسلم إلا ان تعامل معه علي أنه ضيف وليس سائل فأرسل إلي كل نسائه يسألهن ماعندكم فكان الجواب:ماعندنا إلا تمرا وماء وهذا ليس لأنه صلي الله عليه وسلم فقيرا بل هو زاهد فهو الذي خير بين جبال الأرض ذهبا فرفض واختار ماعند الله وهذه مشكلة البعض حيث يظن أن الفقر والحاجة زهدا غير أن الفقر فقر أما الزهد أن تكون موسرا قادرا ولكنك تختار أن تعيش في أقل الطبقات حتي تعيش حياة الفقراء ولاتشعر بكبر عليهم ورسول الله أمام هذه الاجابة من أهل بيته وجد أن هذا طعاما لايصلح لإكرام ضيفه فقال لاصحابه من يضيف هذا الرجل الجائع رحمه الله وهذا دعاء من الرسول لمن يكرم الضيف وهو دعاء مقبول غير مردود فقام رجل وقال أنا يارسول الله وانطلق بالضيف إلي زوجته وكل زوجة تنتظر زوجها يرجع اليها إما بهدية لها أو بطعام أو ما يحتاجه البيت فقال لها جئت بضيف رسول الله أكرميه ولاتدخري شيئا فكان الجواب والله ماعندنا إلا طعام الصغار ولايوجد طعام للصحابي الجليل وزوجته فلم يتردد وقال لها اعد الطعام وألهي الصغار حتي يناموا فإذا ما ناموا ضعي الطعام للضيف وأطفئي المصباح ونجلس أمام الضيف فيأكل ويشبع ويظن أننا أكلنا معه ولما أصبح الصباح انطلق الصحابي إلي رسول الله فإذا به صلي الله عليه وسلم يبشره بأن الله ضحك من صنيعكما لإطعام الجائع وإكرام الضيف وهي أشياء ليست من العبادات ولكنها من الاخلاق التي تصير الامة كلها رجلا واحدا وان كان هذا الفعل بسيطا لكنه كبيرا عند الله لأنه يؤثر علي تماسك الأمة ووحدتها فأضحك الله سبحانه وتعالي وقرأ قولة تعالي ويؤثرون علي أنفسهم ولوكان بهم خصاصة هناك ضحكت السماء لأن سكان الأرض نافسوا أهل السماء في العطاء فصارت الصلة موجودة وتحقق رضا الله عز وجل وظهر الاسلام في الثوب الذي يليق به. ويشير الدكتور السعيد محمد علي من علماء الأوقاف إن فرح الله هو رضاه تعالي عن عبده فإذا رضي عنه صار له التوفيق والخير في كل أحواله واعماله فيسخر له الملائكة تشدعلي يديه وتدفعه إلي مزيد من الخير والعطاء لقوله تعالي: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون* نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون* نزلا من غفور رحيم اي نحن موكلون بقضاء حوائجكم.