عندما قرر شباب ثورة25 يناير2011 القيام بمسيرة سلمية وتم تجميع بعضهم البعض عبر الفيس بوك في عدد لم يتجاوز 2000 شاب لم يكن في خلدهم ان يتجمعوا ولكنهم ساروا بوحي من الله تعالي الي دار القضاء العالي ثم بعد ذلك بإلهام من خالقنا جميعا اتجهوا صوب ميدان التحرير والذي حينما وصلوا اليه لم يكن نفس عددهم بل اضعاف هذا العدد وفي ميدان التحرير انضم اليهم شباب كثير من الاحزاب ومن شعب مصر بل ان اسر مصرية بكاملها من جميع طوائف مصر واديانها واتي اليهم الناس من كل فج عميق من شارع قصر العيني ومن الكورنيش ومن الهرم والجيزة والدقي وشبرا وعبدالمنعم رياض وشارع قصر النيل وبلغ عددهم اضعاف اضعاف العدد الذي تم تجميعه بواسطة الفيس بوك. كان هذا في يوم الاحتفال بعيد الشرطة25 يناير.. وكان الشباب ومن معهم رائعا في سكونه وهدوئه وشعاراته وافكاره ومطالبه القليلة المشروعة التي كان يطلبها الشعب المصري كله عدا من كانوا بالسلطة في ذلك الوقت ورغم اعلان الحكومة ان كل هذا التجمع لم يزد علي20 30 ألفا إلا ان كل من اشترك في هذه المسيرة بل كل من كان بمنزله شعر تماما انهم اكثر من ذلك بكثير وبدأت مظاهر القمع من الشرطة تجاه المسيرة بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع والهراوات وبدأ الرئيس متأخرا في الاعلان عن الاصلاحات المطلوبة ولم تعر الحكومة هذه المسيرة أي اهتمام وتركوا الامر لمن في يدهم سلطة القمع والضرب والاهانة مع التوصية بسرعة حسم هذا الامر حتي لايعتاد الشعب المصري مثل هذه المسيرات حتي وان كانت سلمية. وسقط الضحايا وتوالت ايام الجمع فوجدنا جمعة الغضب28 يناير ثم الاربعاء الاسود الدامي في2 فبراير( وهي موقعة الجمال والاحصنة) ثم جمعة الرحيل4 فبراير والتي اعلن فيها صراحة الشعب يريد اسقاط النظام ثم جمعة التنحي11 فبراير, ثم جمعة الانتصار ورد الجميل18 فبراير والتي سميت من البعض جمعة الاعتذار أو الوفاء تحت شعار لا للإهانة نعم للتغيير والتي تحقق قبلها ما لم يتوقعه الكثيرون من الشعب المصري. بعد كل ما تم نري ان الثورة حققت اكثر مما كانت تريد تحقيقه فقد بدأت بمطالب بسيطة ومقنعة للغاية تنحصر في الغاء قانون الطوارئ ومحاربة الفساد والحد من البطالة وتحقيق الديمقراطية وتحسين أحوال المعيشة وحقوق الانسان وحينما استتب الامن وتولت القوات المسلحة زمام الامور بدأت الثورة في تصعيد سقف المطالب فزادت علي ما سبق الافراج عن المعتقلين من شباب الثورة ومحاكمة من اصدر الاوامر للبلطجية ومحاكمة من أمر أو تسبب في قتل شباب الثورة ومحاكمة من امر او اشترك في معركة الجمال والاحصنة, ثم زاد سقف المطالب ليكون الافراج عن المعتقلين السياسيين واطلاق اسماء الشهداء علي الشوارع واقالة الوزراء من العهد السابق واقالة حكومة الفريق احمد شفيق والمطالبة بحكومة تكنوقراط( نلاحظ هنا سرعة مطالب الشباب التي تعادل سرعة الإنترنت, فهو شباب هات م الآخر, ياللا خلص, هنا وصلنا إلي ما لهذه الثورة من محاسن وما عليها من عيوب. فمن محاسن هذه الثورة أن تحقق ما كانت تريده, لكن هذه الثورة حققت أكثر بكثير مما كانت تتمناه ألا وهو تنحي النظام, ومن محاسن الثورة أنها كانت سلمية فلم يحاول رجال هذه الثورة الاعتداء علي أحد إلا حينما ردوا الاعتداء الذي حدث عليهم, وهذا أمر طبيعي. وعلي الاتجاه الآخر نجد أن عيوب هذه الثورة كثيرة, فالثورة بلا قائد أو قيادة حتي الآن, حتي إنني سمعت أحد شبابها يقول: إن لنا رجالا في16 محافظة, ولنا خمس قيادات تجمعوا في قيادة واحدة, لكن لدينا أيضا نحو عشر قيادات ويجب علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يتحاور مع القيادات العشر.. كيف؟؟ أيضا من عيوب الثورة أنهم يزيدوا من سقف طلباتهم باستمرار فليس عندهم حد معين لمطالب مهمة جدا بالدرجة الأولي ومطلوب تحقيقها. كذلك من عيوبها أنهم يريدون قرارات سريعة وأحكاما أسرع علي كل من أخطأ في حق هذا البلد.. كيف؟ ألا يعلموا رجال هذه الثورة أن القضاء العادل الحر يجب أن يأخذ وقتا كافيا حتي يحكم حكما عادلا لا ظلم فيه. هل يريدون أن نحكم بالإعدام في ميدان عام علي كل من نعلم أنه فاسد في غضون أيام أو أسابيع؟ ومن يتحمل إعدام إنسان خلقه الله وحكم عليه العباد بالفساد ثم يتضح بعد ذلك أن جريمته لا تستحق الإعدام ربما تستحق المؤبد مثلا؟ من عيوب هذه الثورة أيضا إقالة الحكومة كاملة.. كيف؟ البلاد الآن ليس لها رئيس جمهورية وليس بها مجلس الشعب والشوري, والقوات المسلحة هي المسئول الوحيد الآن أمام الشعب.. وكل المطلوب الآن هو ترك مساحة من الوقت للمجلس الأعلي للقوات المسلحة لكي يخطو خطوات محسوبة نحو تحقيق مطالب الثورة والشعب. يا رجال الثورة.. كفي مطالب حتي يتحقق أولا ما طلبتموه.. اعطوا القوات المسلحة والحكومة وقتا لتنفيذ مطالبكم.. اعطوا القضاء ورجاله وقتا لمحاسبة الفاسدين.. اعطوا القوات المسلحة والحكومة وقتا لمطاردة كل من حقق ثروة من أموال هذا الشعب ليست من حقه حتي يستطيعوا استردادها كاملة, خاصة أن إجراءاتها تتطلب وقتا طويلا ليس من المسئولين في مصر, بل من الدول التي في بنوكها هذه الأموال. كلمة أخيرة إلي رجال ثورة25 يوليو2011.. نشكركم علي ما قدمتم.. وعن شهداء مصر كلها سواء من رجال الثورة أو الشرطة وهم جميعا أولادنا وأحفادنا.. ونريد منكم أن تبدأوا فورا بإجراءات غاية في الأهمية: ابدأوا بتشكيل حزب قوي من شباب مصر ورجالها, وضعوا مبادئه التي تعبر عن مطالب الشعب المصري. ثم بعد ذلك ابدأوا في عمل جريدة قومية لشباب الثورة. ثم اسعوا إلي الدخول إلي مجلس الشعب. وأنا واثق بعد ذلك أنه سيخرج منكم رجال كثيرون يمثلون مصر في الحكومة والرئاسة والمجالس البرلمانية والنقابية, ولا تنسوا أن من الأهمية بمكان المحافظة علي ما ناديتم به لمصلحة مصر. إلي الأمام يارجال الثورة.. تحسسوا طريقكم بهدوء.. تخيروا من يمثلكم بصفاء كامل وشفافية.. ضعوا أمن مصر وأمانها في المقام الأول.. واستعنوا بالله فهو نعم المولي ونعم النصير.