تلقي نظام العقيد الليبي معمر القذافي أمس ضربات موجعة من ملايين المحتجين الذين وسعوا نطاق احتجاجاتهم من بنغازي إلي العاصمة طرابلس. مما أدي إلي سقوط مئات القتلي والجرحي, في أعنف احتجاجات ضد حكم القذافي منذ42 عاما. وفيما تحدثت التقارير الواردة من طرابلس عن ارتفاع ضحايا الاحتجاجات إلي400 قتيل ومئات الجرحي تحدثت بعض وكالات الأنباء عما اسمته مجزرة يتعرض لها المتظاهرون. وفي تطور نوعي, أعلنت أكبر قبيلتين في ليبيا البالغ تعدادهما نحو مليوني نسمة انضمامهما إلي المتظاهرين, وهددتا بقطع امدادات البترول ما لم تحقن الدماء, فيماتحدثت روايات وشهود عيان عن تحرير بنغازي من أنصار القذافي, وكذلك انضمام قطاعات من الجيش إلي جانب المتظاهرين. وفيما قصفت طائرة عسكرية ليبية مساء أمس المتظاهرين في طرابلس تواصل تنديد عواصم العالم بالاستخدام المفرط للقوة من النظام الليبي ضد المحتجين. وسقط مئات القتلي والجرحي في مواجهات مستمرة في ليبيا, وسط اتهامات لقوات الأمن الليبي ومرتزقة بارتكاب مجازر ضد المحتجين.. في غضون ذلك انضمت قبيلة ترهونة إلي ورفلة, وهما أكبر قبيلتين في ليبيا ويناهز عددهما المليونين, إلي المتظاهرين ضد نظام معمر القذافي. وقالت مصادر طبية في مستشفي بنغازي شرقي ليبيا إن ما لا يقل عن200 شخص قتلوا في الاحتجاجات التي تشهدها المدينة. كما أفادت مصادر طبية أخري بأن نحو50 شخصا قتلوا في مدينة بنغازي منذ ظهر أمس الأول. وتحدثت منظمات حقوقية أجنبية عن مقتل300 شخص وجرح مئات آخرين في الاحتجاجات المتواصلة في مدن ليبية عدة. ونقلت وكالة انباء غربية عن شاهد عيان قوله إن المتظاهرين يتعرضون لما سمتها مجزرة. في الوقت نفسه, قال المتحدث باسم قبيلة ترهونة عبد الحكيم أبوزويدة إن شيوخ قبيلته, التي تشكل ثلث سكان العاصمة طرابلس, أعلنوا تبرؤهم من النظام وانضمام القبيلة للمتظاهرين ضد الطاغية.. ودعوا أبناء القبيلة للانضمام إلي الثورة. وأضاف أن شيوخ القبيلة التي ينتسب إليها معظم جنود الجيش سعوا إلي توعية أبنائها خاصة الجنود بتاريخ قبيلتهم وعدم الانسياق وراء الفتنة التي دعا إليها سيف الإسلام بعد أن قام النظام بتسليح العديدين. وذكرت صحيفة قورينا الليبية علي موقعها علي الانترنت أمس أن احتجاجات مناهضة للحكومة اندلعت في بلدة راس لانوف الليبية حيث توجد مصفاة للنفط ومجمع بتروكيماويات. ونقلت الصحيفة عن موظفين بالمنشأة قولهم إن لجانا خاصة من العاملين والسكان المحليين تتشكل لحماية المنشأة من الضرر. علي صعيد ردود الأفعال الدولية, أدان وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي قتل محتجين مناهضين للحكومة في ليبيا أمس عندما اجتمعوا لبحث تداعيات موجة الاضطرابات التي تجتاح شمال افريقيا والشرق الاوسط. وعبر وزراء بريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا عن انزعاجهم من العنف وعن القلق بشأن احتمال تدفق مهاجرين غير شرعيين من شمال افريقيا بعد تهديد ليبيا الاسبوع الماضي بوقف التعاون في وقف هذا التدفق. ودعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيج السلطات الليبية الي ضمان توفير حماية مناسبة للرعايا الاجانب ومساعدة الذين يحاولون مغادرة البلاد. وقالت بريطانيا أيضا إن أسر العاملين بسفارتها سيعودون بطريق الجو الي الوطن بعد ان امتدت المظاهرات ضد حكم معمر القذافي المستمر منذ42 عاما الي العاصمة طرابلس. وجاء في مسودة بيان مشترك لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي من المقرر الموافقة عليه أن الدول الاعضاء السبع والعشرين في الاتحاد أدانوا قمع المحتجين الذي قتل فيه أكثر من200 شخص. واضافت مسودة البيان ان مجلس الاتحاد الاوروبي يشجب العنف وموت مدنيين وذكر ان حرية التعبير والتجمع بشكل سلمي من الحقوق الأساسية لكل انسان ويجب أن تحترم ويجري حمايتها. وقال وزير الخارجية الفنلندي الكسندر ستاب ان الاتحاد الاوروبي يجب ان يبحث فرض عقوبات علي القذافي واسرته ومسؤولي الحكومة بما في ذلك حظر منحهم تاشيرات دخول وتجميد أرصدتهم. وقال كيف يمكن لنا من ناحية ان ننظر الي ما يحدث في ليبيا حيث قتل نحو300 شخص بالرصاص ولا نتحدث عن توقيع عقوبات أو حظر سفر علي سبيل المثال علي القذافي. وقال ستاب ان الامر ليس متروكا للاتحاد الاوروبي لتغيير زعيم ليبيا لكن يجب علي القيادة في طرابلس ان تنصت الي الشعب. وقال ومن أجل الامانة فان الاستماع الي الشعب لا يعني انه يجب ان تستخدم بندقية آلية. وقال وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني إن ايطاليا تشعر بالقلق بشأن التطورات. ولإيطاليا مصالح تجارية منتشرة علي نطاق واسع في ليبيا خاصة قطاع الطاقة. ودعا الي خطة مارشال لمساعدة شمال افريقيا والشرق الاوسط لكنه أكد علي ان أوروبا يجب الا تعطي الانطباع بأنها تحاول تصدير ديمقراطيتنا. وقال فراتيني الذي توجد علاقات وثيقة بين رئيس وزرائه سيلفيو برلسكوني والقذافي يجب علينا ان نساعد وان ندعم المصالحة السلمية. وأضاف يجب علينا حشد أموال اوروبية لانه بصراحة اذا سمحت بانهيار اقتصاديات هذه الدول فإننا سندفع الثمن. ودعت فرنسا مجددا السلطات الليبية إلي الوقف الفوري لأعمال العنف ضد المتظاهرين, واحترام حق التظاهر السلمي في البلاد وحرية التعبير والاتصال. وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية بيرنار فاليرو عن قلق بلاده البالغ إزاء تطورات الأوضاع في ليبيا. وأشار فاليرو إلي أن فرنسا قامت بإجلاء30 فرنسيا يعملون في مستشفي بني غازي إلي طرابلس, مضيفا أن السفارة الفرنسية في ليبيا قررت تقديم الاجازة المدرسية وقامت بإغلاق المدرسة الفرنسية في طرابلس وأن عدد من الأسر الفرنسية غادرت البلاد. وفي لندن, استدعت وزارة الخارجية البريطانية السفير الليبي في لندن للتعبير عن الادانة التامة لاستخدام القوة ضد المتظاهرين. وقالت الخارجية البريطانية في بيان صحفي انها طالبت بوقف فوري للعنف وقتل المتظاهرين إضافة لإجراء تحقيق في الأحداث في بنغازي وشرقي البلاد وتقديم المسئولين عن هذه الأحداث للمحاكمة.
