نظراتها لم تكن مستقرة وهي تحكي ما وقع لها في ذلك اليوم تعكس حالة من التوتر والخوف لازمتها سنوات منذ أن تعرضت لصدمة دمرت حياتها كلها. قالت إنها كانت مثل أي فتاة في مثل سنها علي أعتاب السنة الأولي في الجامعة تستشرف القادم في حياتها بأحلام الصبايا وشقاواتهن لا تدرك أن الذئاب ارتدت مسوح الحملان في هذا الزمن وهناك من يترصدها طامعا يملؤه جوع شيطاني لا يري فيها غير فريسة يتحين الفرصة حتي ينقض عليها شرسا متوحشا فيلتهمها بقلب تجرد من كل آليات الآدمية و أخلاقياتها. لم تكن تدرك أن ذلك الشاب الذي أحاطها برومانسيته الزائفة يخفي خلف قناع البراءة شيطانا يسكنه حتي كشر عن أنيابه وأخذ منها براءتها ثم تركها كزهرة ذابلة ملقاة علي الأرض تدوسها أقدام المارة يلوكون سيرتها بحكايات فضولية لها وقع السكين تطعنها في سمعتها. رغم ضعفها و قلة حيلتها التي أوقعتها في براثن شاب انعدم ضميره لم تتردد لحظة في مطاردته بحقها حتي أخذته منه قهرا وقسرا وتزوجها حتي لا يجد نفسه أمام مسئولية جنائية تدمر مستقبله. تزوجها حتي يتطهر من فعلته ويسبغ عليها شرعية تخرس الألسنة عن سمعتها. عندما وجدت نفسها أمامه نظرت إليه و كأنها تراه لأول مرة. لم يكن هو ذلك الرجل الذي شغفها حبا فتطاير العقل منها وأودعته مصيرها بلا خوف. في هذه الليلة سكنها خوف مرعب تجمد الزمن عنده فلم تستطع أن تتجاوزه ولا حتي أن تعطي نفسها وتعطيه فرصة لبداية جديدة بينهما. تمت رتوش الصورة بنجاح والتأم الجرح الاجتماعي ظاهره بالزواج ولكنها لم تستطع أن تقتنع بأنه رجلها. حاول ان يقترب منها.. أخبرها أنه كان مجبرا علي الزواج ولا ينكر ولكن حياة بدأت بينهما وهو يريد ان يحافظ عليها. قال إن الأقدار رسمت لهما سيناريو دراميا أدمي قلبيهما ولكنه يعيش بأمل التطهر معها. كانت كلماته صادقة ولكنها لم تستقر بداخلها.. لم تنس له فعلته وتنكره لها لولا تدخل أسرتها وخوفه من المسئولية والسجن بجريرته. طلبت الانفصال ولم يمض علي الزواج غير بضعة أشهر هم الدهر بكامله عندها. وعبثا حاولت أن تقنع أسرتها بالطلاق الذي قد يعيد سيرتها للوحل مرة أخري. باتت حائرة بين زوج سقط من قلبها ونظرها وأب يخشي من كلام الناس وإحساس بالرعب يتملك منها كلما اقترب منها زوجها. جاءت إلي بحمل ثقيل علي كاهلها تتعثر في خوفها وتتلعثم الكلمات علي شفتيها. قالت إنها لا تريد شيئا غير أنها يائسة من حياتها وتود لو تخلصت من ذلك الكابوس الذي يخنق أحاسيسها ليل نهار. جلست صامتة بعض الشيء ولكنها في تردد خجول قررت أن تتكلم. أنا حطام امرأة أتي عليها الزمان وأطاح بكل أحلامها استسلمت للحب فأضاعني واستسلمت للتقاليد والأعراف وتزوجت فأخذتني النداهة إلي عالم من التيه تخبطت فيه بلا هدف. زوجي أخذ حقه مني عنوة بلا زواج وتنكر لي وعندما حصلت منه علي حقي زواجا رسميا أمام الناس وأجبرته عليه لم أره زوجا لي ولم أعد أحترمه كرجل أو أحبه فكيف لي أن أتخلي عن خوفي وأعود وأسلمه نفسي طواعية. هل أنا بموقفي الرافض له أغضب ربي؟ هل يمكن أن أتسبب في تدمير البقية الباقية من حياتي.. جئت حائرة لعلي أجد طريقا أسلكه وأستدل منه علي السعادة التي خاصمتني. تعرضت لأطباء نفسيين ولم أستطع أن أتقبل أمرا نفسي ترفضه وقلبي يبغضه. م ت ل القاهرة ترفقي بنفسك سيدتي ولا تشعلي نيران الكراهية المبغضة في قلب تفتح علي الحب من الأساس وإذا كان من أحببته تخلي عن آدميته معك فلعله يكون قد استردها وأفاق علي تجربة قاسية جعلته يمر بها رغما عن أنفه فكنت له مصلحا ولو علي حساب جرح غائر أدمي قلبك وجسدك. وصدقيني لو أنك نظرتي للأمر من منظور إصلاحه لعادت لك مشاعرك القديمة التي لفظتيها ولما تخوفتي منها. ألا تعتقدين أنه بتمسكه بك بعد الزواج بداية طريق جديد تسلكانه سويا؟. ولك أن تتذكر أن حسن العشرة بين الزوجين يقوم علي التسامح والعفو والتواد والتراحم وقد قال الله تعالي في محكم آياته ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون صدق الله العظيم(21) سورة الروم. اجعلي من تجربتك القاسية معه نقطة بداية للتراحم حتي لا يعود لغيه وشيطانه المتوحش بداخله واجعليه يجد راحته وسعادته معك واجعلي من بيتك سياجا منيعا من المودة والحب يمنعكما من الشيطان وأفاعيله وصدق الرسول الكريم عندما قال في الحديث الشريف عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت: يارسول الله, ما النجاة؟ قال: املك عليك لسانك, وليسعك بيتك, وابك علي خطيئتك. صدق رسول الله صلي الله عليه و سلم