الضلال في الشريعة هو الابتعاد عن الصراط المستقيم أو ترك الحق واتباع الباطل, وقد امتدح الله تعالي رسوله الكريم بقوله ما ضل صاحبكم وما غوي, وكما حذرنا المولي سبحانه من الذين يقولون الكلام المعسول ويوهمون الناس بأنهم يقولون الحق لأن الضال عضو مسموم في المجتمع يتلون كالحرباء وينفث سمومه كالحية طبيعته الفساد والإفساد والهم والغم, ولذا ينبع طرق الغواية والضلال من الشر الأخبار الكاذبة وذكر الفتن فلا يستردع حتي يضطرب الناس ويتحاسدون ويتباغضون وهو أشد خطرا من مروجي المخدرات وقاتلي النفس, لأنه يسعي إلي الاستهداف المعنوي لأمة, وليس لفرد واحد. يقول الدكتور علوي أمين أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر إن الضلال في دنيا الناس مريدون يتبعون شيطانهم يضلون العباد فهم ضالون بطبيعتهم لا يعرفون لله إلا ولا ذمة ويسعون في الأرض فسادا يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواهم فيتبعون طريق الغواية والضلال ثم ينشرون ضلالهم بين الناس فيضلونهم ولا يعرفون أن هذا الضلال يرفضه الله سبحانه وتعالي ويأباه وللضلال أنواع منها ضلال في العقيدة. فهم يريدون أن يغيروا عقائد الناس من الحق إلي الباطل وهذا أسوأ أنواع الضلال. وهناك نوع آخر من الضلال وهو ضلال في الدين حيث يفتون الناس بغير علم فإذا كانوا يقصدون الفتوي ليضلوا بها غيرهم فقد باءوا بخسران مبين, أما إذا كانت الفتوي بغير قصد وفيها خطأ فادح فذلك هو الضلال المبين. ويضيف أمين إن الذين يضلون الناس ويسعون في الأرض خرابا ويأمرون الناس بالفحشاء والمنكر هذا ضلالهم وإذا سمعوا أحدا وسار علي منهجهم هذا هو المضلول المحاسب من قبل الله عز وجل, لذلك يجب علي الانسان أن يعي ما يقال له ولا يسمع إلا خيرا, وحقا ولا يتبع الهوي ولا يتبع الضالين بل يتبع رب العالمين. وهناك ضلال آخر هو ضلال المنهج حيث يتحدث الانسان بكل ما لا يعرف ويتحدث كذبا ويشيع في الناس أباطيل لا أصل لها ولا فصل, بل يأمر بالمنكر وينهي عن المعروف وكفي بالمرء إثما أن يتحدث بكل ما يعرف فما بالنا وهو يتحدث متعمدا بالباطل. يقول الشيخ محمد عبد العظيم شعلان وكيل أوقاف القليوبية أن ضل بمعني حاد عن الطريق أو غاب لفترة طويلة, الضلال في الشريعة أي ابتعد عن الصراط المستقيم أو ابتعد عن هدي الله تبارك وتعالي وسنة رسول صلي الله عليه وسلم أو ترك الحق واتباع الباطل. وقد امتدح الله سبحانه وتعالي رسوله حين قال تعالي ما ضل صاحبكم وما غوي, وهناك فرق بين الضلال والغواية. فالضلال يكون تلقاء نفسه أولا يعرف الحق ويتبع الباطل قال تعالي وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين ثم بين الحق تبارك وتعالي أن الفاسقين هم في قوله سبحانه الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون. أما الغواية أن يزين له الشيطان ويغويه ولذلك قال تعالي فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة, وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين البقرة. وقال تعالي مبينا تزيين الشيطان للإنسان زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة من الأنعام والحرث والله عنده حسن المئاب. وقد حذرنا الله سبحانه وتعالي من الذين يقولون الكلام المعسول ويفجرون الشر ويوهمون الناس أنهم يقولون الحق قال تعالي ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله علي ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولي سعي في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد البقرة. ويوضح شعلان أن صاحب الضلال ضلاله يبلغ مبلغا عظيما, وأصبح لا يسمع للناصحين ولا المرشدين وصور الحق ذلك أبلغ تصوير قال تعالي وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم ولذلك أعد الله له سبحانه وتعالي مصيرا وعذابا شديدا فقال تعالي فحسبه جهنم ولبئس المهاد. وصور الضلال والإضلال متعددة منها الكذب ونشر الأخبار الكاذبة والشائعات المغرضة ومن صوره أيضا إخافة التاس والإرجاف وهو الاضطراب الشديد, ويطلق عليه أيضا الخوض في الأخبار السيئة, وذكر الفتن حتي يجعل بين الناس وعدم الاستقرار وعدم المصداقية في الدولة والقيادات, لذلك شدد الله تبارك وتعالي علي هؤلاء المرجفين وذكرهم بهذا الإسم طرحه في سورة الأحزاب وتوعدهم الله من فوق سبع سماوات قال تعالي لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ولو اكتفي الأمر بالوعيد عند هذا الحد لكفي. لكن الله تبارك وتعالي ختم الآية بقوله ملعونين أينما ثقفوا واللعن هو الطرد من رحمة الله سبحانه وتعالي. ويشير شعلان إلي أن مروجي الشائعات والمرجفين عضو مسموم في المجتمع يسري سريان النار في الهشيم ويتلون كالحرباء وينفث سمومه كالحية الرقطاء, طبيعته الفساد والإفساد والهم والغم, وكذلك من خصائص الضالين والمرجفين ومروجي الشائعات لئيم الطبع دنيء الهمة مريض النفس منحرف التفكير صفيق الوجه عديم المروءة ضعيف الديانة, وحذرنا المولي سبحانه وتعالي وعلمنا كيف نقابل هذه الأمور قال تعالي يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين ثم يضرب المثل برسول الله عليه الصلاة والسلام قال تعالي واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم وقد بين الله تعالي أن أصحاب الضلال ومثيري الشائعات والأخبار الكاذبة يعميهم باطلهم عن الحق وإن كان الحق واضحا وضوح الشمس في كبد السماء فقال تعالي الحق من ربك فلا تكن من الممترين لذلك قال تعالي يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون. والشائعة أشد ضررا من القتل لأن القتل يكون لإزهاق نفس واحدة أما الشائعات والأخبار الكاذبة والفتن فقد تضر دولا وأمما لذلك قال تعالي الفتنة أشد من القتل وفي آية أخري الفتنة أكبر من القتل! ويرشدنا القرآن الكريم كيف نقابل مثل هذه الأخبار الكاذبة والشائعات المغرضة قال تعالي لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ثم يقول تعالي يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين.