الحجاب, إذن, فرض في شريعة موسي, عليه السلام, والمسيح عيسي بن مريم, عليه السلام أيضا, فهو من قال إنه لم يأت ليغير الناموس وإنما ليتممه( متي12/5) والرسول بولس يقرر: إما أن تغطي المرأة رأسها أو تحلق شعرها, ويري عدد من رؤساء بعض الكنائس المسيحية أن غطاء الرأس رمز لخضوع المرأة للرجل, الذي هو صورة من الرب.. الرجل وليس المرأة!! بل يدعو القس( كلمنت السكندري)(223150 م) أن تغطي المرأة جسدها كله وشعرها وتضع نقابا علي وجهها حتي لا تغري الرجل ولا تدفعه للخطيئة, ثم أن القديس بولس يري أن النقاب شرف للمرأة, كما ينص الكتاب المقدس( الإصحاح6/11) وهكذا صار الحجاب والنقاب مظهرا صريحا وواضحا للمرأة المسيحية منذ سنة150 م إلي بداية القرن الماضي واستمر الحجاب في اوروبا يغطي الشعر كاملا والرقبة حتي الذقن, ولكن بدءا من القرن الخامس عشر الميلادي صار الحجاب الذي يغطي الذقن اقل شيوعا, وإن صارت اغطية الرأس شائعة للغاية. بعد ذلك قل استخدام الحجاب, إذ صار يلبس في الجنائز والحداد, أو لإخفاء الهوية لأي سبب كان, اخلاقيا أم لحماية البشرة من الشمس والريح والغبار!إن الكثير من النساء غير المتزوجات في الأديرة يحتفظن, حتي الآن, بالحجاب, كالراهبات, والممرضات, والمدرسات.. بينما تخلت عنه معظم بقية النساء. أما في العديد من الكنائس الشرقية الأرثوذوكسية التقليدية وبعض الكنائس البروتستانتية المحافظة فما زالت النساء يغطين رءوسهن في الكنيسة أو حتي عندما يصلين في منازلهن. اما في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية فيكون غطاء الرأس في شكل وشاح او حجاب عند دخول الكنيسة, وينظر اليه علي أنه مسألة أناقة وأدب من باب المجاملة او التقليد بدلا من القانون الكنسي. ويتساءل, القس أمبروز(337-397 م) محذرا في مؤلفه( حول العذاري): هل يوجد شيء أكثر إثارة للشهوة من الحركات غير اللائقة لعرض عري هذه الأعضاء التي غطتها الطبيعة, أو أمر العرف بتغطيتها, أو اللهو بإطلاق النظر, وإدارة العنق وإرسال الشعر. وقال في كتابه( حول التوبة): لندع العرف نفسه يعلمنا. تغطي المرأة وجهها بنقاب للسبب الآتي وهو أن يكون احتشامها محميا في المكان العام, وألا يكون وجهها معرضا بسهولة لنظرات الشباب وتحديق الرجال.... علي المرأة أن تغطي نفسها بثوب الحشمة; وتتخذ لنفسها في الأماكن العامة ركنا منزويا أما القس توما الأكويني(1225-1274 م) فيؤكد وجهة نظر القديس( اوغسطين) في الحجاب, بحسب ما وردفي رسالته إلي صاحبه( بوسيديو) ثم أضاف: أن المرأة إذا كانت تعيش في بيئة تري وجوب الحجاب, فإنها آثمة إن نزعته. وإذا كان العرف لا ينكر نزع الحجاب فإنه رأي غير محمود, وإن لم تكن هي آثمة في هذه الحال.. ويري بعض من رجال الدين أن رأي توما الأكويني, يجعل النصرانيات في البلاد العربية آثمات, لأنهن لا يرتدين الحجاب في بيئة تري وجوبه! أما( كالفن) أحد مؤسسي المذهب البروتستانتي, فقال: إذا سمح للنساء كشف رءوسهن, فسيئول بهن ذلك إلي أن يستبحن كشف كامل صدورهن, وسيتبرجن ويصرن وكأنهن في استعراض وقح, يجعلهن صفيقات إلي درجة انعدام للعفة والحياء. أما كتاب الدسقوليه( التعاليم) فيقول عنه حافظ داوود في مقدمة الطبعة الأولي إن هذا الكتاب اتخذ دستورا للكنيسة الأرثوذكسية وتعترف به قانونا لها, بل ويعد الكتاب الأهم من كتب الكنيسة بعد الكتاب المقدس, وهذا الكتاب هو مجموعة تعاليم الرسل القدسيين. يقول الدسقولية في صفحة(26): إن أردت أن تكوني مؤمنه ويرضي عليك الله.. لا تتزيني لكي ترضي رجالا غرباء, ولا تشتهي لبس الثياب الخفيفة التي لا تليق إلا بالزانيات ليتبعك الذين يصطادون كل من تكون هكذا. إن كنت لا تفعلين هذه الأفعال القبيحة للخطية فإنك بتزينك وحده تدانين. لأنك بذلك تدفعين من يراك أن يتبعك ويشتهيك. فلماذا لا تكوني حذرة حتي لا تقعي في الخطية, وتكوني محل شبهات وتغرين ضعاف النفوس وبصفحة(27) ينصحهن ألا يتشبهن بتلك النساء ويخاطبهن: أيتها المسيحيات إذا أردتن أن تكن مؤمنات. أهتمي بزوجك لترضيه وحده. وإذا مشيتت في الطريق فغط رأسك بردائك. فإنك إذا تغطيتين بعفة تصانين عن نظر الأشرار. وتقول الدسقوليه عن الزينة( المكياج): لا تزوقي وجهك الذي خلقه الله, فليس فيه شيء ينقص زينه, لأن كل ما خلقه الله فهو حسن جدا. ولا يحتاج الي زينة وما زيد علي الحسن فإنه يغير نعمة الخالق.. ويكون مشيك ووجهك ينظر الي أسفل وأنت مطرقة مغطاة من كل ناحية فضول, ومن نظرات الغرباء. الحجاب وكذلك الخمار فرضه واضح في الدين المسيحي, ومازال كذلك في المجتمعات المسيحية المنغلقة, أو قل البعيدة عن عواصم التحضر والتمدن, وهي تلك التجمعات التي صارت تبيح ما هو اكثر من مسألة الحجاب. دعونا قبل ان نقول رأينا في ظل ما قرأنا نري كيف هو الحجاب والنقاب في الدين الإسلامي ؟ كاتب ليبي