لابد أن نساء كثيرات غير(أسبازيا) عشيقة( بركليز), حاكم أثينا(461-429 ق. م) فقدن رؤوسهن بسبب محاولتهن لنيل حقوقهن التي استولي عليها الرجال! أسبازيا هذه فتحت مدرسة لتعليم النساء الفلسفة والبلاغة, حتي إن سقراط جلس مستمعا إليها, بل هي التي علمت الجنرال( بركليز) علم البلاغة, ولكن رجال دين تلك الفترة لم يعجبهم الحال, فاتهموها بالإلحاد, وأنها مجرد قوادة تجمع الحرائر( لبركليز) الذي تزوجها, وهو يحكم اثينا لأكثر من ثلاثين عاما, وقد دافع عنها امام1500 قاضي, ولكنه فشل في إنقاذها علي الرغم من فصاحته وبلاغته المشهود لها! يقال إن الحجاب كان معروفا في عهدها, وهو- كما يري- بعض المؤرخين سبب دوام حضارة اليونان, التي لم تنحط إلا بعد تركهم له, وإباحة الحرية المطلقة للنساء!! ففي عصور اثينا القديمة, كان لكل من الجنسين حياتهما, ففيما يقضي الرجال اوقاتهم في الاماكن العامة. تلتزم النساء بشئون بيوتهن, فيعلمن ابناءهن, ويتابعن الخدم. وكان الكثير من الرجال يحبسون نساءهم في غرف موصدة يحرس مدخلها كلب شرس, واذا اضطرت الي الخروج وجب ان يكون في صحبتها رجل! وقرأت, ايضا, ولكن من دون مرجع أو تفسير اعود إليه: أن دائرة المعارف الكبري تقول إن عمار المملكة اليونانية كان سببه عدم اختلاط المرأة مع الرجل في ميادين العمل, وكن يشتغلن في بيوتهن ويغالين في الحجاب لدرجة أن الداية, أو القابلة, لا تخرج من دارها ألا محفوفة, ملثم وجهها باعتناء وعليها رداء طويل يلامس الكعبين وفوق ذلك كله عباءة تخفي قوامها! ولم يكن للنساء من مهمة اكثر من امتاع وتسلية الذكور, لا عمل لهن سوي خدمة أسيادهن والإنجاب, الذي يتم احيانا بالاستبضاع, الذي تكره عليه, تماما مثلما تكره علي البغي! حتي ان اليونانيين قالوا: إننا نتخذ العاهرات للذة, ونتخذ الخليلات للعناية بصحة أجسامنا اليومية, ونتخذ الزوجات ليلدن لنا الأبناء الشرعيين. أما أحد فلاسفتهم فنظرته إلي المرأة كنظرته إلي العبيد, ومعاملتها كمعاملة الخدم, وربما أشد, فالمرأة عنده كائن ناقص, مسلوب الإرادة, ضعيف الشخصية, بل ومن دون روح. ولم تختلف وجهة نظر الرومان كثيرا عن اليونانيين: نظرة اساسها الاستخفاف بها, وأنها أدني منزلة من الرجل, فيجب أن تبقي تحت سلطة الرجل يتصرف بها كيفما يشاء. وذلك ما جعل أحد مفكريهم يقرر: يتعين علي النساء الرشيدات أن يبقين تحت الوصاية لخفة عقولهن ومع ذلك يقول العالم( لاروس) أن الحجاب معروف في الدولة الرومانية, وأن حضارتهم تواصلت بتواصل حجاب المرأة!( كانت النساء يستعملن الخمار إذا خرجن ويخفين وجوههن وكانت النساء تستعمله في القرون الوسطي واستمر إلي القرن الثالث عشر حيث صارت النساء يخففن منه إلي أن صار كما هو الآن نسيجا خفيفا يستعمل لحماية الوجه من التراب والبرد, وقد كان لترك الحجاب وعدم استقرار المرأة في بيتها أقبح النتائج في الدولة الرومانية إذ أدي إلي سقوطها! والقانون الروماني جرد المرأة من معظم حقوقها المدنية في مختلف مراحل حياتها, فلم تكن لها أهلية أو شخصية قانونية, وقد كان القانون يعد( الأنوثة) سببا من أسباب انعدام الأهلية, مثل حداثة السن, والجنون! فهي قبل زواجها تكون تحت سيطرة رئيس الأسرة- أبيها أو جدها- وتعطيه هذه السيطرة كافة الحقوق عليها, كحق إخراجها من الأسرة, وبيعها بيع الرقيق, بل حتي حق الحياة والموت, وبعد زواجها واعتراف الزوج بها تصبح بمثابة بنت من بناته, فتنقطع علاقتها انقطاعا تاما بأسرتها القديمة ويحل زوجها محل أبيها أو جدها, ويسمي هذا الزواج( زواج السيادة) وقد بلغ من سيادة زوجها عليها, أنها كانت تحال إليه إذا اتهمت بجريمة ليحاكمها, ويتولي معاقبتها بنفسه, وكان له أن يحكم عليها بالإعدام في بعض التهم كالخيانة مثلا, وكان إذا توفي عنها زوجها, دخلت في وصاية أبنائها الذكور, أو إخوة زوجها, أو أعمامه. والمرأة الرومانية في نظر الرومان مجرد متعة للرجل, لذلك شجعوا العهر وأباحوه, وقد كانت المعابد هي المكان المفضل للبغاء, وقد كانوا يتغاضون عن اتصال الرجال بالعاهرات, بل كانت هذه المهمة ينظمها القانون ويخضعها لإشرافه. وبلغ بهم الافتراء حد القول: أن المرأة موجود ليس لها روح ولهذا فإنها لا تستطيع أن تنال الحياة في الآخرة ويحرم عليها أكل اللحم, والضحك, ويجب عليها ألا تتكلم أيضا!! كاتب ليبي [email protected]