في لقاء ودود في أحد الأماكن النيلية بأسوان حيث كنت في صحبة أحبة دعانا أحدهم كرما وجودا...و ذهبوا لبعض شأنهم.. . وأحببت أن أخلو وحدي أتأمل النيل يجري صافيا تحف به الأشجار الخضراء خلفها جبال الرمال الذهبية الناعمة...ونسيم عليل... وهدوء يكسو المكان إلا من صوت أعشقه... له في حياتي ذكريات إنه صوت الكروان... وإذ بخطي هادئة تتقدم علي استحياء يستأذن صاحبها في الجلوس معي... بعد السلام وعبارات التحية... جلس... أحسست به... إنه يريد أن يتكلم في شيء ما... لكن شيئا ما يمنعه... فقلت له.. قل ما تريد... بأي طريقة... وفي أي موضوع... مهما تكن الأمور!! فقال لي بسرعة خاطفة: أنا ملحد... أخفيت الصدمة... وقلت له... ماذا يعني كلامك؟!... قال لي.. أنت تقدس الإله وكلماته( القرآن) هي كتابك الهادي لك أما أنا فأقدس العقل فهو إلهي, وكتابي هو العلم, العلم هو قرآني. قلت له.. لماذا تقول ذلك؟ ما الدافع؟ قال لي: الدافع وراء اعتقادي هذا أني وجدت في القرآن أخطاء علمية!!! قلت له..مثل ماذا! ؟ قال.. مثل{ وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون(41)} العنكبوت. بينما العلم أثبت أن خيوط العنكبوت أقوي من الفولاذ, لذلك يصنع منها الملابس الواقية من الرصاص يعني هناك تعارض بين حقائق العلم والقرآن- لذلك أنا أومن بالعلم... وأقدس العقل الذي أنتج العلم...العقل اكتشف واخترع, والحضارة الحديثة مدينة له في كل إنجازاتها. قلت له.. حسنا أنت تقدر العلم والعقل... وأنا معك في تقدير العلم والعقل...لكني أختلف معك في جعلهما إلها... أو مقدسين...فالعلم وسيلة وليس غاية, والعقل مخلوق وليس خالقا.( وبشأن العنكبوت فإن دقة الأسلوب القرآني تظهر لنا أن الوهن في بيت العنكبوت وليس في خيوط العنكبوت... وبينهما فرق... والعلم الحديث أفادنا أن بيت العنكبوت يحيط به الوهن بكل معني: فبعض أنواع العنكبوت تقضي علي الذكر قتلا وافتراسا بمجرد قيامه بعملية إخصاب الأنثي, وفي بعض الحالات تلتهم الأنثي صغارها, وفي بعض الأنواع تموت الأنثي بعد إخصاب بيضها, ثم اقتتال الأخوة من أجل الطعام والمكان... فيقتل بعضهم بعضا. وهذا يعني أن بيت العنكبوت ليس فيه معني الحماية ولا المودة بين أفراده ولكنه بيت كله شراسة ووحشية... ومن هنا ضرب القرآن به المثل في الضعف والهوان). قال لي.. لماذا تختلف معي... وأنت تنتفع باكتشافات العقل والعلم في الدواء والطائرات والتقنية الحديثة في النانو تكنولوجي... ولم يقدم الدين شيئا من ذلك. قلت له مهلا..تعال نري العقل في القرآن بمعيار العقل والعلم, وكذلك نري كيف وضح القرآن دور الإيمان ودور العلم..وهل دور الإيمان أن يصنع لك الدواء والطائرات...إلخ أم أن هذا دور العلم؟!...هناك أفكار خاطئة غير علمية.. وغير عقلية تشاع عن القرآن...والمعلومات الخاطئة... حتما...حتما... تؤدي إلي نتائج خاطئة ومضللة. ثم هل تعلم أن العقل في القرآن أساس التكليف.. وأنه هو المخاطب في القرآن.. وأن القرآن جاء هاديا للعقل في ما وراء الطبيعة( الغيب), وفي الأخلاق والمعاملات...أما في العلوم الطبيعية فقد جعل القرآن مصدر المعرفة فيها التجربة... والمعمل... ورحم الله الشيخ الشعراوي... كان يقول: ليس هناك فرق بين كمياء عربي وكمياء أمريكي, لذلك حث القرآن علي البحث العلمي وجعل التخلف العلمي جريمة في حق البشر المسلمين المعاصرين, والقرآن منه بريء. والقرآن كذلك رسالة يفهمها العقل في سهولة ويسر, وهو لايناقض العقل ولكنه داعم له. لكن من العقل أن تضع العقل في منزلته ورتبته الحقيقية... إنه مخلوق وليس خالقا... العقل يكتشف ولا يخلق. قال لي جليسي في نغمة فيها انفعال مكتوم وبحدة في الصوت.. مع امتعاض الشفتين وتقطيبة في الوجه.. أليس القرآن سببا في جمود العقل.. بأوامره التي تسلب الإرادة والتفكير... ماذا تقول في الآيات الآتية:{ ليس لك من الأمر شيء}آل عمران:821.{ ويسلموا تسليما} النساء:56.{ والله غالب علي أمره}يوسف:12.{ وما تشآءون إلا أن يشآء الله}الإنسان:03. نظرت إليه بابتسامة حانية.. وقلت له في هدوء بالغ..عزل أي كلام عن سياقه يخرجه عن معناه.. ومثل هذه الاستشهادات تأتي علي طريقة من يستشهد ب{ لا تقربوا الصلاة}النساء:34. { فويل للمصلين}الماعون:4. ويقف عندها ولا يكمل الآية,..( وللحديث بقية) [email protected]