أعادت الجامعة العربية مجددا, الحديث عن معاهدة الدفاع العربي المشترك الي صدارة مناقشاتها داخل أروقة مقرها في القاهرة, تزامنا مع تزايد المخاطر الأمنية التي باتت تهدد الأمن القومي العربي, ويحتل الإرهاب صدارتها. المقترح الذي تم عرضه علي وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير يدعو إلي تشكيل قوة تدخل عربية مشتركة لدحر الإرهاب, وذلك وفقا لميثاق الجامعة العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك والبروتوكولات الإضافية للاتفاقية, التي تتضمن إيجاد نظام دفاع عربي مشترك مرن ومتكامل للدفاع الجماعي وحفظ السلم والأمن في المنطقة, وإنشاء قيادة عامة موحدة لقوات التدخل العسكرية. الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي, طالب في المقترح بالدعوة إلي عقد اجتماع عاجل لمجلس الدفاع العربي المشترك الذي يضم وزراء الخارجية والدفاع العرب, لبحث إمكانية تشكيل قوات التدخل العسكري العربي والآليات اللازمة لعملها ومرجعياتها السياسية والقانونية ووسائل تنظيم عملها وتشكيلاتها العسكرية والدول المساهمة فيها. لا شك أن الحديث عن إعادة إحياء منظومة الدفاع العربي المشترك يتطلب مناقشات جادة وصريحة وكاشفة حول معوقات تفعيل تلك الآلية علي مدي سنوات طويلة, خاصة أن إدراك حجم المخاطر التي تواجه الكيان العربي في الوقت الراهن يدعو إلي تغليب المصلحة القومية والتوحد, ولذلك دعا المقترح إلي القيام بعملية تقييم شامل ومراجعة تجربة الدفاع العربي المشترك, وعلي نحو خاص تجربة قيادة الأركان المشتركة والسلبيات التي صاحبت إنشاؤها, والعوامل التي أدت إلي توقفها عن العمل كآلية عربية لصيانة الأمن القومي في إطار منظومة العمل العربي المشترك. ويتطلب تفعيل المقترح تنسيق الجهود السياسية والعسكرية والتدريب المشترك ووجود رؤية موحدة في تحديد التهديدات التي تواجه العالم العربي بصورة واضحة, والعدائيات المشتركة, كما تحتاج دعما ماديا ومعلوماتيا بين جميع الدول العربية, والاجتماع سويا علي طاولة مباحثات واحدة, بالإضافة إلي حزمة قوانين تخدم عناصر القوة العسكرية عند عملها وتنقلها. وهناك من يري أن قوة التدخل العربية, سيكون أداؤها بلا شك أفضل بكثير من أي تحالف دولي لمواجهة الإرهاب, لأنها أدري بمسرح العمليات والأكثر قدرة علي تحديد أسلوب التدخل, بينما هناك رأي آخر يشير إلي أن تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك يتطلب إعادة النظر في بنودها, لأنها في الأساس كانت موجهة لإسرائيل, كحرب نظامية, والحرب ضد الإرهاب غير نظامية, إضافة إلي أن معظم الدول العربية مشتبك بالفعل في عمليات التأمين الداخلي ضد الإرهاب, بالتالي قد لا يكون لديها فائض من القوات يسمح بتشكيل القوة العسكرية المقترحة. من هنا تتضح أهمية ما طالب به المقترح بشأن مراجعة الخبرات السابقة في تشكيل القوات العربية المشتركة لحل النزاعات المسلحة في الدول العربية وتطوير آليات مرنة وفعالة لوضع اتفاقية الدفاع العربي المشترك والبروتوكولات الملحقة بها موضع التنفيذ, إضافة إلي حتمية التحرك الدبلوماسي مع دول الإقليم والمجتمع الدولي لتقديم الدعم والمساندة لإنشاء قوة التدخل العسكري العربية وكذلك التنسيق لتقديم الدعم اللوجيستي والمعلومات الاستخبارية, بما يتيح لقوة التدخل العربي العمل في بيئة مواتية تحقق الهدف من وجودها. إن تشكيل قوة عسكرية عربية للتدخل السريع ووضع آلية لمكافحة الإرهاب وتفعيل الدفاع العربي المشترك, يتطلب تحركات جدية آنية من الدول العربية, ويحتاج إلي توافر الإرادة السياسية في العالم العربي, وإدراك حجم المخاطر المتزايدة التي تهدد الجميع دون التفرقة بين دولة وأخري.