ستظل العلاقات المصرية- الخليجية الممتدة عبر مراحل التاريخ المختلفة, ذات خصوصية فريدة من نوعها, فمصر تدرك أنه لا غني لها عن البعد الاستراتيجي لدول الخليج, كما أنه لا غني لدول الخليج عن استقرار الدولة المصرية. الزيارة الرئاسية لدولة الإمارات العربية المتحدة, والتي سبقتها زيارة لدولة الكويت, وتعقبها زيارات متوقعة لكل من البحرين والسعودية, تعكس حرص مصر علي تعزيز التنسيق المصري الخليجي بشأن تحديات المرحلة الراهنة, التي تشترك مصر ودول الخليج في مواجهتها وفي مقدمتها الإرهاب, الذي يضرب دون التقيد بحدود مهما بلغت التحصينات, فبدون التكتل والاصطفاف لمواجهته لا مجال للحديث عن النجاح في دحره والقضاء عليه, ولا شك أن ما تتعرض له المنطقة العربية أدي إلي المزيد من التقارب بين وجهات النظر المصرية والخليجية وزاد من أهمية الحرص علي التنسيق المشترك. القاهرة أعلنت أكثر من مرة اهتمامها بأمن الخليج, وهو ما لخصه الرئيس السيسي في تعبير مسافة السكة, في إشارة إلي الفترة الزمنية التي يحتاجها الأشقاء إذا طلبوا دعم مصر أمام أي خطر, مثلما دعموا هم مصر في ظروفها الصعبة, وكان الرئيس أكثر وضوحا في تصريحات صحفية أدلي بها خلال زيارته للكويت, حينما قال: نحن مع دول مجلس التعاون الخليجي بغير انضمام, وبإرادتنا مع بعض نحمي بعضنا بعضا, ونخلي بالنا من بعض, خاصة أن حجم التحديات ضخم جدا ومحتاجة إلي تعاون وتآزر. من جانبها تعلم دول الخليج عن يقين أن مصر القوية هي سندها في مواجهة تهديدات إقليمية تتزايد مخاطرها يوما بعد يوم, ولذلك كانت الرسائل الصادرة من عواصم دول الخليج تؤكد حرصها علي دعم استقرارها حتي استعادت موقعها التاريخي في مركز العالم العربي. الملف الاقتصادي في العلاقات المصرية الخليجية لا يقل أهمية عن الملفات الأمنية والسياسية, بل يمكن القول إنه بدون تعزيز التكامل بين هذه الملفات يصعب الحديث عن الانتقال بالعلاقات إلي مرحلة التعاون الإستراتيجي. وعلي الرغم من أن هناك من يري أن دول الخليج تمر حاليا بأوضاع اقتصادية غير مواتية بعد تراجع أسعار النفط إلي مستويات متدنية وغير متوقعة, إلا أن هذه الدول تمتلك إمكانات مالية كبيرة, سواء حكومية أو من خلال القطاع الخاص, تبحث عن فرص مواتية وآمنة للاستثمار, مما يتطلب منا العمل بجدية لتهيئة المناخ الجاذب لتلك الاستثمارات, وتوجيهها لقطاعات حيوية, مثل الصناعات التحويلية والسياحة والزراعة والبترول والخدمات. ** الزيارة الرئاسية للإمارات شهدت مشاركة الرئيس في القمة العالمية لطاقة المستقبل بالعاصمة أبوظبي, التي تجمع زعماء الدول وقادة الفكر وصناع القرار والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم, لمناقشة التحديات المرتبطة بالطاقة المتجددة والتنمية المستدامة, ولا شك أن مشاركة مصر في القمة بهذا المستوي الرفيع, وموافقة الرئيس علي أن يكون المتحدث الرئيسي تحمل دلالات مهمة, سواء فيما يخص قوة ومتانة العلاقات المصرية الإماراتية التي تمر بأفضل مراحل ازدهارها, أو ما يتعلق بجهود غير مسبوقة علي المستوي الرئاسي استعدادا لقمة شرم الشيخ الاقتصادية. [email protected]