الحب.. القبول والعزوف نزق, العاشقين, وأحزان الفراق, التناغم والتناحر, البهجة, آلام القلوب.. ذاكرة الروح والجسد, رجل وامرأة, خطوات ترسم تاريخا ينبض بقصص الهوي الحزينة. تانجو تلك الرقصة المتوهجة بنسيج دانتيل يروي قصصا بين قلبين وعينين وجسدين, تانجو موسيقي مصاحبة لرقصات اصلها منبوينس إيرس بالأرجنتين. انتشر التانجو بمقاطعات الطبقة الدنيا في النصف الأول من القرن العشرين حيث كانت المدينة في طور التوسع وكانت الطبقات الفقيرة تسكن بيوتا تطل علي باحات داخلية يتجمع بها السكان لتبادل الحوار والتواصل حيث يتجمع المهاجرون في سياجات من البؤس والفقر واحتضنت الباحات علاقات التكافل والاختلاط والحب فأصبحت رقصة التانجو ميلادا للغة يعبر بها الرجال عن ذواتهم واتقان الرقصات لإثارة انتباه المرأة ليس فقط, للرقص ذاته بل لأجل الفوز بجمالها وقلبها انها رقصة الحب والمشاعر. عرض الحياة والمشاعر قدمته فرقة ابيورو تانجو في الأرجنتين والمهرجان الدولي للفنون المسرحية في هافانا بكوبا والمهرجان الدولي للفنون المسرحية في نيتروي بالبرازيل. وعلي مسرح دار الأوبرا المصرية قدمت الفرقة مجموعة من الرقصات تمثل رحلة حب فنية تجمع بين التانجو التقليدي والمعاصر يصرخ وهجها الحسي من قلوب الراقصين والراقصات بصياغة مسرحية استعراضة اعتمد فيها مصمم الرقصات سباستيانا فيندانو سواريز علي البساطة والدقة والابهار وتناول سباستيان اقاصيصة الرومانسية الراقصة برؤية بصرية تنوعت أركانها وعناصرها من تكوينات استعراضية وديكور وملابس وإضاءة واكسسوار فنجد السينوجرافيا اعتمدت علي تقسيم فراغ المسرح إلي مستويين باستخدام اللون الأسود وخلفية المسرح استخدم بها نقاط اضاءة توحي بالعمق واتساع سماء الليل ورسم سباستيان المشاهد الراقصة بإضاءة تحدد بنجاح جماليات العلاقة بين الكتلة والفراغ كما لو انه يرسم لوحة من لوحات رمبرانت فأكد لوحاته المسرحية بتوزيع إضاءة توجد تباينا حادا بين الضوء والظل مما يؤكد حالة الصراع الحسي والحركي التي تحكيها خطوات الراقصين وفكرتهم الحزينة الراقصة التي قدمها الراقصون في دقة ومهارة حركية وتوافق حركي متفرد يحكي قصصا عن عاشقين يتأرجحون بين القرب والهجر والخوف والشغف والحزن والفرح, رومانسية بايقاع ديناميكي يؤكد هوية مجتمع رسم بخطواته الراقصة ايقونة بهجة غزت العام وكتبت تاريخا من الجمال, وإذا تأملنا نهايات الرقصات والمشاهد الاستعراضية نجد ان المخرج كان يرسم لوحة مسرحية متكاملة بتكوينات جمالية تحدد خطوطها وألوانها إضاءة تنوعت في تأثيرها الدرامي واجوائها الشعورية. تنتهي لوحته المسرحية بثبات المشهد مع إضاءة ترسم ابعاده كما لو انها لوحة فنية تكونت من ثنائيات راقصة وألوان ساخنة ذات زخم وبريق لوني وكانت البطولة للون الأحمر الذي يعبر عن سخونة وقوة المشاعر. ويعد عرض الحياة والمشاعر رحلة رومانسية وافكارا ومشاعر متدفقة قدمته فرقة ابيورو تانجو علي مسرح دار الأوبرا المصرية لتطرح هوية شعب ناضل عشقا وكتب تاريخا مجتمعيا بخطوات راقصة ملونة تدفع المتلقي لتذوق بهجة راقصة تؤمن بالحب.