ياسمين طفلة في الخامسة عشرة من عمرها بالصف الاول الثانوي... حملت بداخل حقيبتها المدرسية حلما بسيطا بان تصبح طبيبة وكتبت حلمها علي جدران حجرتها, ولكن قطار الموت أبي ان يترك لها مجرد الحلم ليصدمها بمعدنه البارد ويلقي بجسدها الصغير علي قضبانه. وفوق سرير ياسمين كتبت بخط يدها الآية الكريمة إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه رسالة ترسلها ياسمين من العالم الآخر لكل مسئول في الدولة من سائق القطار الي رئيس الجمهورية. وأمام منزل ياسمين توافد اهالي مدينة كفر البطيخ التابعة لمدينة دمياط لتقديم التعازي ومواساة أهل ياسمين يملؤهم الحزن والغضب من الاهمال الواضح الذي تعانيه المدينة وكان السبب الرئيسي لوفاة ياسمين حيث صاروا ضحايا لحوادث القطارات وياسمين هي الضحية الخامسة لعجلات القطار في منطقة الموت كما يطلق عليه اهالي المدينة حيث يقع كوبري أبو العز الذي يربط الطريق السريع بمدينة كفر البطيخ, ولا يوجد به مزلقان أو عامل وتأتي خطورة هذا الكوبري أنه الطريق الوحيد لمرور طلاب مجمع المدارس الذي يقع في الناحية المقابلة له والذي تتفاوت أعمارهم من طلبة الابتدائي الي الصف الثانوي. تحدث معروف طاهر أبو السعود والد ياسمين بصعوبة بالغة وهو يحاول تذكر تفاصيل الحادث الذي يجاهد لينساه, يبدأ حديثه قائلا: لقد مرت ابنتي من أمامي في طريقها إلي الدرس قبل وفاتها بدقائق, وفوجئت بعدها بدقائق قليلة بالناس تبلغني أن ابنتي قد دهسها القطار, ويطالب أبو السعود بحل لتلك الكارثة وعمل مزلقان او إزالة الكوبري الموجود أمام القضبان وهذا من أجل اطفال المدينة الذين ادعوا الله الا يصيبهم ما أصاب ابنتي. كانت بتجري زي الطيارة عشان تلحق الموت بهذه الكلمات تبدأ والدة ياسمين المنهارة كلماتها وسط دموعها علي ابنتها الكبري, وتكمل.. عادت ياسمين من المدرسة لتبدل ملابسها للذهاب الي درس خصوصي وقالت لي إنها لن تذهب ثم بعد قليل فجأتني بانها ستذهب لل درس وبعد دقائق قليلة جاءتني إحدي الجارات لتبلغني أن ابنتي أصيبت باغماء مفاجئ في طريقها للدرس وعندما نزلت فوجئت بجثة ابنتي ملقاة علي شريط القطار الذي يبعد مسافة عن المنزل ولا أعلم كيف وصلت الي هناك بهذه السرعة وكأنها تتسابق لتلحق بالموت. وداخل حجرة ياسمين تجلس شقيقتاها الصغيرتان مصدومتينلا تدريان حقيقة ماحدث واكتفتا بترديد ياسمين راحت عند ربنا اما شقيقهم الاصغر شاديوالذي لايتجاوز عمره ال4 سنوات فجلس ممسكا بصورة اخته دون ان يتحدث ودون ان يدري معني لكلمةالموتالذي اختطف شقيقته الكبري. يقول عدي الالفي ناشط سياسي وأحد أهالي المدينة: لدينا هنا كارثة كبيرة فحين يمر القطار يمر بمنحني شديد يختبئ خلف أشجار كثيفة تعوق رؤية القطار عند اقترابه ونادرا مايطلق سائق القطار صافرته لانذارنا باقترابه, والمشكلة ان كوبري ابو العز الذي يقع امام قضبان القطار هو الطريق الرئيسي لمجمع مدارس المدينة لذا فإن أغلب المارة والذين يقعون ضحية القطار من الاطفال الذين لم تتخذ الدولة اي اجراء لحمايتهم من هذا الطريق شديد الخطورة الا لافتة كتب عليها احترس من القطارات. والامر لا يقف عند هذا الحد فبعد عبور الكوبري يواجه اهالي كفر البطيخ خاصة الاطفال خطرا آخر وهو سيارات النقل الثقيل التي تسير ليل نهار بسرعة جنونية علي الطريق السريع المؤدي لميناء دمياط, خاصة مع عدم جود مطبات تخفف من سرعتها والتي تحصد هي الاخري ارواحا كثيرة من اهالي اطفال المدينة.