تصاعدت ألسنة اللهب في سماء شبرا لتنشر خبر الكارثة التي أحلت بمول الراعي الصالح فامتلأت القلوب رعبا.. وانتفضت الابدان من هول المشهد. تنقلت النيران من حانوت إلي حانوت ولم تخمد إلا بعد أن التهمت108 حوانيت. لم يغمض لرجال الأمن جفن حتي ألقوا القبض علي هاني الذي كان يعمل بالحانوت الذي بدأت فيه عملية الحريق وتحرر محضر بالواقعة. لتبدأ رحلة الأوراق في الساعات الأخيرة من أغسطس الماضي من قسم روض الفرج حتي محكمة استئناف القاهرة في منتصف أكتوبر التي حددت الرابع من يناير المقبل موعدا للمحاكمة. ننبش في السطور.. لنستعيد ما نطقت به عيون الأوراق من جمع للاستدلالات وملابسات وتحريات مرورا بتقارير المعامل الجنائية وصولا لقائمة أدلة الثبوت وأمر الإحالة. من الفاعل؟ كانت عقارب الساعة تشير إلي الساعة السابعة والنصف من صبيحة30 أغسطس.. وعلي عكس عقارب الساعة كانت ألسنة اللهب تتصاعد في سماء شبرا.. ففزع الأهالي وضجت مضاجعهم وسرت النيران في الحوانيت تأتي علي كل ما في طريقها فتحيله رمادا حتي التهمت108 حوانيت بالطابقين الثالث والرابع.. وبعد جهود مضنية من الأجهزة البحثية والاعتماد علي التحريات وما جاء علي ألسنة الشهود من روايات تم القبض علي من ثارت حوله الشبهات.. وبدأت معه سلسة من التحقيقات. وباشرت النيابة تحقيقاتها مع المتهم.. كما انتقلت به لمكان الواقعة حيث قام بتمثيل جريمته وهو يحمل زجاجة بها بنزين وصعد إلي الطابق الرابع وكسر باب الحانوت ثم سكب البنزين وألقي السيجارة التي أشعلها فبدأ الحريق. وأمرت النيابة بحبس المتهم.. كما طلبت عددا من التقارير مثل المعاينة وتقرير فحص المبني بالإضافة إلي تقرير إدارة الفحوص المعملية. نطقت عيون الأوراق في المعاينة بالحالة الرثة التي كان عليها المول وكأن الإهمال هو المتهم الرئيسي حيث أثبت تقرير الإدارة العامة للحماية المدينة وجود العديد من المخالفات بالمبني أهمها أن المحلات والمخازن ليس لها تراخيص كما أن عناصر الوقاية من إخطار الحرائق أغلبها لا تعمل وغير معتمدة بالإضافة إلي خلو خزانات المياه. وأسهب التقرير في وصف عناصر التأمين غير المتوافرة للنشاط حيث أكد عدم وجود طلمبات طبقا لما تم إرساله للحي واتحاد الشاغلين بالإضافة إلي تلف حنفيات الحريق ومشتملاتها الموجودة بالأدوار ووجود وصلات كهربايئة عشوائية داخل الممرات والمحلات بالإضافة إلي عدم وجود أجهزة إطفاء يدوية علي الرغم من مخاطبة جميع الجهات الرقابية واتحاد الشاغلين و الاجتماع بهم في حضور رئيس الحي ومندوبيه وإعطائهم أكثر من مهله للتنفيذ وحدد التقرير تسعة إخطارات في هذا الشأن تم توجيهها في الفترة بين عامي2002 و.2010 وقدمت المعامل الجنائية بإدارة الحرائق والمفرقعات تقريرها الفني حيث أشارت إلي أن الحريق بدأ بالحانوت رقم13 الكائن بالطابق الرابع وتأثرت به عدد110 محال بنفس الطابق وعدد9 محال بالطابق الثالث, وأشارت حالة الآثار كما جاء بها التقرير إلي أن امتداد النيران كان من جهة المحل رقم13 بالطابق الرابع ومنه للمحال الموجودة بالطابق الثالث أي أن اتجاه النيران جاء من أعلي إلي أسفل وليس العكس كما هو معروف وبفحص العينات المأخوذة من مخلفات الحريق تبين خلوها من آثار مواد معجلة للإشتعال كالبنزين وغيره إلا أنه عاد وأشار إلي أن هذا لا ينفي سبق وجودها مبررا إشارته بما لتلك المواد من طبيعة التبدد والتطاير في درجات الحرارة العالية علاوة علي ما إذا كانت سكبت بكمية قليلة. وبعد الانتهاء من التقارير والفحوص المعملية أعدت النيابة قائمة بأدلة الثبوت اشتملت علي شهادة(38 شخصا) بينهم حارسا عقارين الأول يدعي غريب بدري إسماعيل69 سنة حيث قرر أنه شاهد المتهم يصعد العقار وبحوزته زجاجة بها سائل ومكث بضع دقائق خرج بعدها مسرعا... وعقب ذلك ببرهة علي حد قوله- اندلعت النيران.. وأكد الثاني ويدعي أنور أحمد محمد60 سنة ذات مضمون أقوال الأول.. أما الشاهد الثالث فهو علاء أحمد منيب29 سنة صاحب المحل الذي كان يعمل به المتهم وقام علي أثره بإنهاء عمله لديه وطلب منه الأخير مبلغا ماليا وعند رفضه توعده بالانتقام. وفي اليوم التالي للتهديد نما إلي علمه احتراق الحانوت الخاص به.. أما الشاهد الرابع فكان معوض محمد نور الدين رئيس مباحث القسم, فأشار إلي أنه بإجراء التحريات السرية أسفرت عن قيام المتهم بوضع النار عمدا في الحانوت رقم13 بالطابق الرابع فامتدت النيران إلي الطابق بأكمله وجزء من الطابق الثالث وذلك علي أثر ما بينهما من خلافات مالية أثارت حفيظة المتهم فبيت النية وعقد العزم علي إحراق الحانوت. أما الشاهد الخامس فلم يأت بجديد حيث قرر أنه نما إلي علمه احتراق الحانوت الخاص به وأن المتهم وراء ارتكاب الواقعة, أي أنه لم يشهد علي شئ وإنما نما إلي علمه وتوالت الشهادات بعد ذلك بذات المضمون أقوال سابقة حتي الشاهد الثامن والثلاثين. وبعد مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات أصدر المستشار وائل حسين المحامي العام الاول لنيابات شمال القاهرة أمر الاحالة مؤكدا أن المتهم وضع النار عمدا في الحانوت رقم13 المملوك للشاهد الثالث والكائن بالطابق الرابع. بمجمع محلات الراعي الصالح التجاري.. وذلك بأن سكب مادة قابلة للاشتعال بنزين وأشعل لفافة تبغ وألقاها فامتدت النيران لمحتويات الحانوت والحوانيت المجاورة المملوكة للمجني عليهم فأحرقها علي النحو المبين بالتحقيقات.