فوق حقول النفط، الكل يتجه بسرعة نحو الحرب الكونية، البرلمانات منحت الصكوك للقيادات العسكرية، بدءا من الكونجرس إلى البرلمان التركي، مرورا بإنجلترا، وبدأت عمليات محمومة لنقل العتاد، ووصلت ميناء طرطوس السورى أسلحة روسية متطورة، للدفاع الجوى ومضادات الدروع وغيرها، وإيران ممثلة فى رئيس مجلس الأمن القومى شمخانى نزل إلى الميدان، وزار بيروت ودمشق، وراجع المخططات مع حلفائه، بينما كانت إسرائيل تجرى مناورة فى مزارع شبعا فى جنوبلبنان والجولان السوري، ومناورة مماثلة بقيادة أمريكية على الحدود الأردنية، بينما زحفت المدرعات التركية إلى الحدود السورية الشمالية، وفى الوقت نفسه تتجاوز طائرات التحالف الدولى حدود مهامها المعلنة، وتقصف محطة رئيسية للغاز قرب مدينة حمص السورية، كانت تزود محطات الكهرباء باحتياجاتها، كما قصفت صومعة رئيسية للغلال قرب حلب. طبول الحرب تقرع بشدة ويمتد صداها من العراق إلى محيط سوريا، وحتى ليبيا والمغرب العربي، مرورا باليمن التى سيطر عليها الحوثيون، وهم يحملون شعارات الموت لأمريكا وإسرائيل، و يطاردون فلول جماعة الإخوان والسلفيين وباقى حلفاء السعودية فى اليمن، ويتوجهون من صنعاء إلى ميناء الحديدة القريب من باب المندب. هكذا تبدو كل الأطراف متجهة إلى الحرب، بلا تردد، وكأن قوة شريرة خفية قد سحرتها، فإسرائيل تلح منذ سنوات على إعلان حرب على إيران،. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. يجب انهاء البرنامج النووى الإيرانى تماما، لأن إيران أكثر خطورة من "داعش" بينما أمريكا تخطو أولى خطوات التورط بضربات جوية، تقول انها لن تكون كافية، إلا بوجود قوات على الأرض، وقد وصلت بعض طلائعها بالفعل إلى كردستان العراق. ونسى الرئيس الأمريكى كل وعوده الانتخابية بسحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، بل انقلبت رأسا على عقب، فالأزمة الاقتصادية الأمريكية، والاقتصاد الورقى الهش، الذى يشبه شركة توظيف أموال علاقة، تكاد تنفجر بفعل العجز الهائل فى الموازنة، والديون الترليونية، ولم يعد الحقن بالكورتيزون قادرا على اخفاء العلل، ولا حل إلا بالغزو والحرب، فهو مثل الكى بالنار، أصبح ضرورة وان كان مؤلفا. التعزيزات الروسية شرق أوكرانيا تتسارع فالحرب قد تنفجر فى قلب أوروبا بين لحظة وأخري، والعقوبات الاقتصادية الأمريكية الأوروبية ضد موسكو لم تعد مجدية، بل إن نتائجها قد تزيد من الأضرار الاقتصادية على منفذيها، والغاز الروسى الذى تزداد حاجة أوروبا إليه شتاء، يمر عبر أوكرانيا المشغولة بإحصاء ضحايا حربها الأهلية بين الشرق الموالى لموسكو والغرب الموالى لأوروبا وأمريكا. أعلنت روسيا أنها لن تتدخل مباشرة فى المعارك داخل سوريا، وستكتفى بإرسال صفقات أسلحة، لكن أحدا لا يمكنه التكهن بمسارات المعارك بمجرد أن تندلع، فالأوراق والجبهات تتغير بسرعة، وأى خسارة على جبهة تشعل جبهة أخري، وها هو رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، يدعو إلى انتفاضة القبائل السنية فى العراق لتخوض القتال الأرضى مع قواته الجوية، التى بدأت بواكير طلعاتها مستعيدا ارث الامبراطورية البريطانية فى العراق، وخبرتها فى اثارة القلاقل لتضمن كسب الحرب فى النهاية، بينما أردوغان يتعلق ببقايا حلم أجداده العثمانيين وان كان قد خسر حلم الخلافة.، باستخدامه جماعة الإخوان والدواعش، فانه قد يربح بعضا من أجزاء الامبراطورية، إذا اندلعت الحرب، فهو الأقرب إلى ميادين القتال، والحاجة ماسة إلى أرضه وأجوائه، لتكون منطلقا للهجوم على العراق والشام. المضحك والمبكى معا أن العرب، هم الأكثر حماسا لحرب ضروس ستدور رحاها على أراضيهم وسيكونون هم وقودها ورمادها، وقواتهم منقسمة بين الفريقين وسيقتلون بعضهم البعض وبيانات الاحرب يجرى اعدادها وستكون المملكة العربية السعودية فى مقدمة المحاربين، وقد تراجعت عن ترحيبها بالاتفاق الذى جرى عقده فى صنعاء بين الفرقاء اليمنيين بعد أن تأكدت أنه انتصار كبير لجماعة الحوثيين، ومن خلفهم إيران، وهى عازمة على الثأر، سواء بإشعال المزيد من النار فى سوريا، أو التدخل عبر حلفائها لهز الأرض اليمنية تحت أقدام الحوثيين، وهكذا تجد المملكة أنها تخوض عدة معارك فى وقت واحد، بينما مشاكلها الداخلية تتأزم سواء من جانب تمرد سكانها الشيعة فى الشرق، الذين كسروا حاجز الصمت، وبدأوا رفع راية العصيان، أو مشكلة نقل السلطة من جيل ابناء عبدالعزيز بن سعود إلى جيل الأحفاد، وهو ما ينذر بخلخلة داخل العائلة الملكية بينما طبول الحرب تصم الآذان، وقذائفها تزلزل آبار النفط الأضخم فى العالم، لتكون وقود أعنف حروب العالم.