سكان قلعة الكبش خارج نطاق الخدمة ضمن ملايين يعيشون في العشوائيات داخل ربوع مصر يفتقدون المرافق الصحية ويسكنون العشش أو حجرات صغيرة ودورة المياه مشتركة, فحياتهم لا ترتقي لمستوي حياة البشر وغالبيتهم نساء عجائز لاحول لهن ولاقوة وأطفال ذاقوا مرارة الجوع والحرمان ومعرضون للموت في أي لحظة تحت بقايا جدران المنازل المنهارة, في حين أن رئيس الحي يأبي إزالتها بحجة الخوف من بناء الأهالي عليها والتعدي علي أملاك الدولة حيث أن جميع الأراضي علي حد قوله تابعة لوزارة الأوقاف وهي من آملاك الدولة, فهو لايهتم بالمنظر العام لتلك المنطقة الأثرية والتي تحوي مسجد الخليفة ابن طولون والذي تحول مدخله وجدرانه الخارجية ل مقلب زبالة بخلاف متحف دير آندرسون فكلها مناطق تروق للزوار من العرب والأجانب ولكن الرائحة الكريهة والقمامة والعشوائية في المكان كانت سببا كبيرا في تردي نسب الإقبال علي تلك الأماكن الأثرية بالذات. ما إن وصلنا إلي شارع العجاتي بقلعة الكبش,حتي رأينا عجوز تمتليء عيناها البائستان بالدموع وتتصارع أنفاسها من شدة التعب تدعي الحاجة سيدة زكي70 عاما,أصطحبتني إلي بير سلم, حيث يوجد ركام الغرفة التي تستأجرها والتي انهار سقفها من شدة تهالك المنزل الذي يرجع تاريخه إلي أيام الملك فاروق وهذا يبدو واضحا من رمز الهلال والنجمة الذي اشتهرت به المنازل التي تم بناؤها في تلك الفترة. وتحكي العجوز عن مآساتها قائلة أن العناية الإلهية أنقذتها من الموت تحت سقف الغرفة المنهارة والتي تستآجرها نظير قيمة150 جنيها تعيش فيها بعد زواج أولادها الأربعة, ويعد مصدر رزقها الوحيد هو معاش زوجها الذي لايتعدي300 جنيه فلا تقدر علي إستئجار غرفة أخري في ظل قانون الإيجار الجديد,لافتة إلي انها قامت بتقديم طلب للحصول علي غرفة في حي السيدة زينب ولكن لاحياة لمن تنادي. في الغرفة المجاورة للحاجة سيدة اسرة مكونة من ثلاثة أفراد تعولها سيدة أرملة تدعي ثناء أحمد إسماعيل عاملة بمدرسة السنية الابتدائية, وتقول ثناء أن زوجها سافر إلي العراق لكسب المال بعدما ضاق به الحال ولكن شاء القدر أن يموت ويعود إليها جثة هامدة وترك لها فتاتين في عمر الزهور, واضطرت للعيش في القلعة نظرا لان أسعار الإيجار منخفضة بعدما طردها صاحب الشقة التي كانت تعيش فيها بحي السيدة زينب وبات كل حلمها هو تجهيز بناتها لتكمل رسالتها في الحياة. سرقة التموين وتشكو ثناء من سرقة الحصص التموينية من قبل الموزعين في قلعة الكبش, وإن ما يتردد علي شاشات التليفزيون عار تماما من الصحة فزجاجة الزيت تباع ب10 جنيهات وكيس السكر5 جنيهات وكذلك الأرز5 جنيهات وكيس المكرونة جنيهين, مشيرة إلي ان نظام التموين القديم كان أفضل بكثير خاصة انها كانت تدفع26 جنيها وتحصل علي4 أكياس سكر ومثلها أرزا و3 زجاجات زيت والسلع كانت متوفرة علي عكس مايحدث الان وصعوبة توفر السلع التموينية, كما تشكو من كثرة الكلاب في الشوارع. وقالت ماجدة محمد حسين انها كانت تعيش في روض الفرج بعد إزالة المنزل مع والدتها في قلعة الكبش بعد إنفصالها عن زوجها وتركها برفقة إبنتها التي لاتتجاوز ال14 عاما, فحجرتها تحتوي علي سرير تبرعت به إحدي فاعلات الخير رأفة بحال تلك السيدة المسكينة التي تجاوزت50 عاما, فلا يوجد لديها معاش أو وظيفة تعينها علي تربية إبنتها أو كسب قوت يومها فكل ماتستطيع فعله هو شراء طلبات المنزل لميسوري الحال من أهالي السيدة زينب بمقابل مادي فرغم انه قليل جدا, إلا أنها لا تطمع في أكثر من الحصول علي رغيف عيش يسد جوع إبنتها و يكفي مصروفاتها الدراسية بعدما علقت كل آمالها عليها حتي تعوضها عن سنوات شقائها وتخفف عنها حملها الثقيل. طول ساعات قطع الكهرباء وتشكو ماجدة من طول ساعات قطع المياه والتي تصل إلي6 ساعات يوميا بخلاف انقطاع التيار الكهربائي الذي زاد بعد الأزمة الأخيرة فقد تجاوز ال6 مرات في اليوم الواحد وتصل مدة إنقطاعها في كل مرة الي ساعة كاملة, بالإضافة إلي أن القلعة خالية من أعمدة الإنارة فعند حلول الظلام تقوم ماجدة بإغلاق حجرتها من الخارج بقفل صغير بمساعدة أحد الجيران ويعطيها المفتاح من نافذة حجرتها, لكي تخلد إلي النوم وهي مطمئنة مع طفلتها كحال سكان القلعة. اما عم مجدي البالغ من العمر60 عاما ويعمل ترزيا فيقول انه يحاول كسب ثمن لقمة عيش تكفيه هو وزوجته المريضة بحساسية الصدر ولاتقدر علي مغادرة الفراش من شدة المرض, مؤكدا إنه يعيش في حجرة تحت بير السلم يستأجرها ب100 جنيه شهريا بأحد المنازل المطلوب إزالتها منذ عام1990 نظرا لتهالكها ولكن الفقر جعله لايقدر علي مغادرته حتي وان كان الثمن الموت تحت أنقاضه. ويشكو من المعاملة غير اللائقة التي يتعامل بها الأطباء في مستشفي سوزان مبارك بالسيدة زينب مع المواطنين, فضلا عن عدم توافر الإمكانات به خاصة وإنه اقرب مستشفي للقلعة, فلا يوجد به جهاز تنفس صناعي أو انابيب أوكسجين فيضطر للذهاب إلي مستشفي أحمد ماهر في باب الخلق ورغم ذلك لايسلم من دفع مصاريف العلاج رغم انه لايمتلك مايعينه علي ذلك. ويقاطعه الحديث سيد رزق شاب في ال39 من عمره يبدو علي ملامح وجهه الشقاء إسترجي قائلاإحنا هنفضل طول عمرنا مضروبين علي دماغنا ومش عايشين زي بقية الخلق!, مضيفا انه حاول مرارا وتكرارا الحصول علي وظيفة حتي ولو عامل بوفيه ولكنه فشل ودائما مايكون الرد أن هناك إكتفاء ذاتيا ولا توجد وظيفة خالية أو يتم رفضة لانه لايمتلك شهادة, مشيرا إلي أنه كان يعيش في شقة بحي السيدة زينب وفوجيء في أحد الأيام بقيام صاحبها بإلقاء أمتعته في الشارع نظرا لأنه تأخر في سداد الإيجار ليلقي مصيره في الشارع هو وزوجته وطفلاه. وأغرق سيد في نوبة من البكاء قائلا: الفقر حرمه من طفلته, فحينما ولدت ظهرت عليها أعراض مرضية فذهب بها إلي مستشفي المنيرة وبعد فحصها قال له الطبيب انها مولودة بنقص في تكوين الرئة ويلزم وضعها في الحضانه لمدة60 يوما وتحت التنفس الصناعي وكان ثمن اليوم الواحد50 جنيها, مما اضطر لتوقيع إيصالات أمانه حتي يستطيع توفير المبلغ إلا ان الإهمال الجسيم من قبل الأطباء والممرضين في المستشفي تسبب في إصابتها بتلوث في الدم أودي بحياتها, وتسلم سيد جثة إبنته غارقة بالدماء من كثرة الإبر التي كانت توضع لها بالحضانة والإهمال, وقام بتقديم شكوي إلي وزير الصحة ولكن كالعادة لم يتلق ردا ولم يحصل حتي وقتنا هذا علي حق إبنته!. وعلي بعد عدة أمتار تجد مأساة جديدة في عشة صغيرة تسكنها سعاد محمد البالغة من العمر55 عاما وأسرتها المكونة من3 أفراد, لم تكن سعاد قادرة علي سد إحتياجات أولادها بسبب إحتراق منزلها بالكامل في حادث انفجار انبوبة غاز ووفاة زوجها كل ذلك جعلها تقوم بتزويج بناتها في سن صغيرة جدا لتخفيف الحمل عنها, كما انها تعمل هي وطفلها البالغ من العمر13 عاما حتي ولو اضطروا لجمع القمامة نظير مقابل مادي لكسب قوت يومهم. وتشاركها المأساة سيدة في ال65 من عمرها تدعي هانم محمد مرسي توفي زوجها وتركها تعاني من تلكؤ الإجراءات الحكومية في صرف معاش زوجها الذي كان يعمل في أحد المصانع الحربية, بالإضافة الي انها تعيش مع أخيها في حجرة صغيرة لحين توفيق أوضاعها بعدما أجبرت هي الأخري علي ترك شقتها التي كانت تستآجرها إيجار قديم. (عيوب في مشروع الصرف الصحي) و لفت محمود أبو جبل مشرف فني بإحدي شركات البترول ومن سكان المنطقة إلي وجود مشكلة في مشروع الصرف الصحي والذي بدأ منذ خمس سنوات وإنتهي يونيو الماضي نتيجة التقاعس وبطء تنفيذه,موضحا ان المشكلة تكمن في وجود عيوب في الشبكات نتج عنها طفح المياه في مداخل المنازل نتيجة الانسداد والإختناق في الشبكة, بخلاف أن المشروع لم تستفد منه سوي المنازل التي قام أصحابها بدفع ألفي جنية مقابل التركيب وأما غير القادرين من الفقراء لم ينلهم من الحب جانب علي حد قوله. وأضاف ان أعمال البلطجة في قلعة الكبش فاقت الحدود وأصبحت لهم سلطة علي الأهالي بشكل مرعب, كما انهم يتحرشون بالفتيات وعندما يعترض أحد يكون عقابه الضرب وهو ما حدث مع أحدي الفتيات التي أعترض طريقها أحد البلطجية وحينما تدخل أخوها لإنقاذها قام بطعنه بسكين وأجبر أهلها علي دفع مبلغ ألفي جنيه حتي لايتعرض له مرة أخري أو لأحد من أقاربه!, متطرقا إلي أن أسعار البلطجية في المنطقة تختلف حسب نوع عملهم وتبدأ أسعارهم من ثمن علبة السجائر وحتي ألف جنيه في حالات التمكين ووضع اليد. أما عن مشكلات الأهالي فيقول أبو جبل إن غالبية معدومي الحال من السكان هم ضحايا حريق20 مارس2007 بعدما تنصل منهم المسئولون وتم حرمانهم من حقهم, بينما تم تعويض القليل جدا منهم بشقق سكنية في مساكن سوزان الجديدة وهي المنطقة الوحيدة التي تم تجديدها بالقلعة, أما باقي الأسر والذين يتعدون ال200 أسرة فضاع حقهم بينما حصل غير المستحقين علي الشقق رغم انهم من خارج القلعة ولم يتضرروا من الحريق. وعلي بعد أمتار توجد منطقة الخليفة أمام مسجد إبن طولون بقلعة الكبش تعيش أسرة في تعداد الأموات خاصة وأن منزلهم الصغير معرض للسقوط في أي لحظة, فتعيش علية إمام إبراهيم ربة منزل مع أسرتها المكونة من7 أفراد في منزل بالطوب الأحمر وسقفة من الخشب ولسوء الحظ انه يلاصق منزل تم هدمه من قبل أحد المقاولين بعدما نصب عليه أصحابة في مبلغ من المال فقام بهدمه وسرقة المشربيات الأثرية التي كانت تزين واجهة الحارة الضيقة التي يوجد بها المنزلان إنتقاما منهم, وهنا حدثت الكارثة حيث أن المنزل المهدوم والمكون من خمسة طوابق والذي لم يتم هدمه بالكامل يشكل خطرا علي منزل علية الصغير والذي إنهار أحد جوانبة بسبب ثقل المخلفات علية بالإضافة الي ان جزءا كبيرا منه آيل للسقوط في اي لحظة, مؤكدة انها قدمت أكثر من شكوي لرئيس حي السيدة زينب ليستنجدوا به ويطالبوه بإزالة مخلفات المبني إلا ان شكواها لم تلق إهتمامه!. (عيوب في خط المياه...ومزار سياحي من الدرجة الأولي) ويقول صبري شرارة أنه قبل تركيب خط المياه في منطقة الخليفة منذ عام واحد كانت المياه تصل للأدوار العليا بسهولة ولكن بسبب عيوب في المشروع أصبحت ضعيفة جدا ولا تصل للدور الأرضي سوي بمواتير لسحب المياه, فمشروع توصيل المياه لم يحل مشكلة بل تسبب في ظهور أزمة جديدة علي حد قوله. ويري أحمد إسماعيل إنه رغم أن منطقة الخليفة مزار سياحي من الدرجة الأولي لوجود مسجد إبن طولون بها ومتحف دير آندرسون ومنازل يعود تاريخها لأيام الملك فاروق, إلا أن سكانها من الدرجة الثالثة ويفتقرون إلي وجود المرافق من مستشفيات وصرف صحي بالإضافة إلي شوارعهم التي تكسوها تلال من القمامة وشوارعهم تملأها الخرابات من مخلفات المنازل المنهارة بالإضافة إلي كثرة وجود البلطجية وتجار المخدرات. ويشير إلي ان المنطقة تكثر بها المباني المخالفة والتي تتعدي الخمسة أدوار علي الرغم من أن تصريح البناء في الخليفة لايتعدي الدورين, بالإضافة إلي أن عدم وجود صناديق قمامة تجبر الأهالي علي إلقاء مخلفاتهم بالشوارع حتي الحيوانات النافقة. وأكد أحمد اسماعيل أن مستشفي الخليفة العام كان مجهزا بأعلي المعدات والإمكانات وكان قبلة للسكان ولكن في عصر المخلوع منذ7 سنوات تم إصدار قرار بإزالتها لبناء مستشفي استثماري علي حد قوله,ولكن بعد سقوط النظام لم يكتمل المشروع وظل المستشفي خرابه تفتقد للإمكانيات بعدما إختفت المعدات وتحول المستشفي إلي مقبرة تسكنها القطط والكلاب. وقال محمد حسن عامل نظافة بوزارة الأوقاف انه يسكن هو ووالدته وأخوه المعاق ذهنيا وأولاده الثلاثة في شقة في دور ارضي بمنزل آيل للسقوط, وانه قام بتقديم طلب لوزارة الإسكان والتعمير وطلبوا منه مقدم قدرة خمسة آلاف جنيه, وقالوا له انه من المفترض ان تجري قرعة لتحديد المستحقين فكل آماله هو وأطفاله باتت معلقة في هذه الشقة. (رئيس الحي ينكر!) وبالتحدث إلي رئيس حي السيدة زينب اللواء حسام رأفت قال ان الحي يقوم بجمع القمامة الموجودة في قلعة الكبش ويتجاهل مخلفات المباني بحجة حمايتها من تعديات الأهالي والبناء عليها دون وجه حق لأنها أملاك دولة وهي في الأصل أراض تابعة للأوقاف!,وعلي الرغم من ان القمامة التي تحيط بالشوارع دليل علي عدم إهتمام الحي علي الإطلاق كحال غالبية شوارع مصر بخلاف تأكيد بعض الأهالي إنهم يقومون في بعض الأحيان بالإشتراك مع بعضهم البعض وتأجير بلدوزر لكي يتخلصوا من تلال القمامة. وأضاف ان هناك خطة لتطوير العشوائيات في كل أرجاء مصر بدأت في حي حلوان والمعادي وطرة و المرحلة القادمة ستكون في حي السيدة زينب, وعندما سألته عن ميعاد تنفيذ الخطة قال قريبا دون تحديد موعد!, مؤكدا ان هناك خطة جار تنفيذها لتطوير ميدان السيدة زينب وضعتها كلية الهندسة بجامعة القاهرة وإنه سيتم تنفيذها قريبا!,واما عن باقي مشكلات الحي مثل مشكلة مشروع الصرف الصحي فأنكرها ورفض التعليق عليها. ويقول اللواء ياسين حسام الدين طاهر نائب محافظ القاهرة انه يتعهد بحل مشكلات اهالي قلعة الكبش في الفترة القادمة وتحرير محاضر للمخالفين من ملاك المنازل المنهارة والتي تشكل خطرا علي المنازل المجاورة لها, وانه طلب من رئيس حي السيدة زينب تفقد الوضع في قلعة الكبش والتوصل الي حل خلال48 ساعة!. مشيرا الي ان قلعة الكبش لم تكن ضمن خطة تطوير المحافظة حاليا ولكن سيتم تطويرها لاحقا.