فجأة ودون أدني سبب قد تجد الدنيا انقلبت رأسا علي عقب وتبدلت الأحوال من سييء إلي حلو أو من حلو إلي سييء أو من سييء إلي أسوأ دون سابق إنذار. وتصبح في مرحلة الأمر الواقع الذي كتب عليك أن تعيشه رضيت أم لم ترض ولا مفر. والتجربة أثبتت أن هذا الأمر الواقع حينما تتوقعه تجد نفسك غير أهل لمعايشته ولكن سبحان الله العلي العظيم حينما تواجهه تجد نفسك متعايشا معه وهنا فقط تكتشف قوة بداخلك لم تكن تعرف شيئا عنها من قبل ولم تتخيل يوما أنها من صفاتك ومن لب شخصيتك.. وله في ذلك حكم.. ربما لأنك إذا استشعرتها بداخلك سوف تستخدمها في غير موضعها أو بمعني أصح قد تسيء استخدامها فيما قد يضرك أكثر مما ينفعك, وربما أن هذه القوة لها عمر افتراضي, لذا وظفها الخالق العظيم عند الضرورة, وربما أنك لو اكتشفتها قبل أوانها لن تعرف نعمتها فيما بعد.. اجتهادات كثيرة أخذت أتذكرها وأيضا أتوقعها عندما خلوت بنفسي ذات ليلة قريبة وتذكرت لحظة دخولي غرفة العمليات لإجراء عملية جراحية دقيقة بساقي التي كسرت منذ أكثر من اثني عشر عاما.. لقد كنت قويا وأطمئن من حولي الذين كانوا في حالة ضعف ووهن شديدين.. لقد رفضت البكاء علي الرغم من ألمي الذي صاحبني لأكثر من سبع ساعات متواصلة, لقد ظهرsuperman بداخلي جعلني أهزم الألم والخوف وكل ما له علاقة بشيء اسمه الضعف.. إذن لماذا كان رعبي الدائم طيلة حياتي من دخولي غرفة العمليات لإجراء عملية المصران الأعور؟! إنها كانت عقدتي التي كثيرا ما كنت أخشاها وأدعو الله ألا يبتليني بها, وعلي الرغم من أن الفرق الكبير بين المصران الأعور هذه العملية التافهة وبين العملية التي خضعت لها. فالثانية أخطر بكثير.. إلا أنني واجهتها بمنتهي الشجاعة والقوة. خرجت من خلوتي بنتيجة جيدة وهي أن الخوف أيا كانت درجته وشدته تستطيع أن تتغلب عليه بمارد يسكن بداخلك لا يخرج إلا وقت الشدائد.. فقط وقت الشدائد ودائما ما يتغلب عليها..