يعتقد البعض ان شارع النبي دانيال هو نفسه شارع السوما أو الجثمان الذي دفن به جسد الإسكندر المقدوني الذي بني مدينة الإسكندرية أشهر مدن العالم القديم ومن المفارقات ان هذه المنطقة نفسها كانت واحدة من المناطق العامرة قبل أن يأتي الإغريق الي الإسكندرية كان أهلها يعيشون علي الصيد وصناعة المراكب والحبال والأدوات البحرية التي يتبادلونها مع العمق المصري عن طريق بحيرة مريوط المتصلة بنهر النيل في ذلك الوقت مرت آلاف السنين وما يزال الشارع كما هو يربط بين عمق المدينة وشاطئ البحر وحول ذلك يقول تامر صلاح الدين احد سكان الشارع الإسكندرية واحدة من أقدم 22 مدينة في العالم، وشارع النبي دانيال أحد أقدم الشوارع في العالم، لم ينته دوره كطريق رئيسي منذ أن كانت الإسكندرية الحالية عبارة عن مجموعة قري للصيادين ومرفأ يمد أساطيل السفن في البحر المتوسط بالمياه والمؤن، أو يختبأ في خليجه الشرقي أو الغربي البحارة من الأنواء التي تداهمهم في عرض البحر، ومن المدهش أن الشارع الذي شهد المعابد الوثنية قبل ظهور الرسالات السماوية ولا يزال يضم دور العبادة للأديان الثلاثة ففيه مسجدا النبي دانيال ومسجد سيدي عبدالرزاق اللذان يقعان إلي الشمال من الشارع باتجاه محطة مصر، بينما يحتوي جنوبه قبالة البحر المعبد اليهودي وفي مواجهته كاتدرائية القديس مرقس المعروفة بكنيسة الإسكندرية للأقباط الأرثوذكس. وحاليا يضم الشارع عددا كبيرا من المؤسسات التجارية إضافة إلي باعة الكتب التي يلجأ إليهم طلبة المدارس والجامعات إلي جانب مثقفي الثغر وغيرهم من محبي القراءة من مختلف المحافظات. وأكد أحمد صالح - مخرج مسرحي - أن شارع النبي دانيال كنز ثقافي بالمعني الحرفي للكلمة بسبب تجاور المنشآت الدينية فيه إضافة إلي العمائر الكبيرة ذات الطابع المعماري الذي يتميز بالبراح والرفاهية ما يحفز الفنانين والمثقفين علي استئجار وحدات تناسب مختلف الأنشطة الفنية سواء لتدريب الفرق المسرحية أو حتي كأتيليهات للفنانين التشكيليين. أما أماني عبدالله فنانة تشكيلية فتؤكد أن شارع النبي دانيال يشهد حاليا تغييرا في خواصه المعمارية القديمة عبر محاولات البعض هدم العمارات التقليدية التي تميز منطقة محطة الرمل، فضلا عن تهديد الباعة الجائلين الذين يحتلون الشارع ببضائعهم للروح الثقافية التي تميز الشارع بمقاهيه القديمة في الأزقة المتفرعة منه والتي تشهد مساجلات المثقفين والمبدعين طوال العام والتي ينتج عنها دائما إبداعا جديدا. من جانبه يؤكد محمد عزوز من سكان الشارع ان الشارع يشهد تغيرا كبيرا في سكانه برحيل السكان القدامي سواء من المصريين أو الأجانب، والذين يحل محلهم سكانا آخرون لا يهتمون بحسن الجوار أو بالأخلاق التي تربي عليها أبناء النبي دانيال والتي كانت في السابق تجعلهم أسرة واحدة، ويضيف أن خطورة ذلك تتمثل في وجود أعمال بلطجة منتظمة علي السكان وعلي أصحاب المحال يتم خلالها فرض إتاوات، ولا تستجيب الشرطة لنداءات أهالي الشارع.أما شاهندة محسن - طالبة - بالمرحلة الثانوية فتقول إنها اعتادت القدوم لشارع النبي دانيال لشراء الكتب الخارجية خاصة في المواد التي تدرسها باللغات الأجنبية حيث تجد كتبا خارجية جديدة تماما بسعر يقل عن مثيلاتها في المكتبات بفارق كبير. ويقول محمد سعد أنه اعتاد زيارة باعة الكتب في شارع النبي دانيال كلما جاء من دمنهور إلي الإسكندرية ليتمتع بالأسعار الزهيدة والكتب المتنوعة في كافة المجالات. اما أسامه الصياد موظف بالآثار فيقول ان شارع النبي دانيال الحالي يرقد تحته تاريخ طويل مثله مثل الأحياء القديمة في الإسكندرية التي بنيت فوق بعضها البعض حتي ان رجل الشارع يعرف أن المدينة الحالية هي من وجوه سبع مدن أقدم بنيت فوق بعضها البعض ففي الشارع صهاريج مياه وخزانات تربط ما بين العصر البطلمي حتي أواخر العصر العثماني إضافة الي دهاليز طويلة تحت مسجد سيدي عبدالرازق كانت في وقت من الأوقات منفذا سريا يربط بين الإسكندرية والعمق المصري علي بحيرة مريوط يسمح بدخول المؤن والسلاح في حالة حصار المدينة برا وبحرا.