أكد عبد الله مسار مستشار الرئيس السوداني أن استفتاء تقرير المصير لجنوب السودان المقرر في التاسع من يناير المقبل لايمكن أن يتم في موعده, وأنه قد يتأجل بضعة أشهر لأسباب عديدة, من بينها عدم حسم قضايا ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وكذلك الترتيبات الأمنية وعدم حل قضية أبيي الحدودية أو تسوية قضايا مابعد الاستفتاء وهي البترول والمواطنة والديون والاتفاق علي المشورة الشعبية في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وغيرها من القضايا التي تحتم وجود رؤي واضحة بين الجانبين في حال الانفصال أو الوحدة, فضلا عن الجانب الفني, وحذر من أن قيام الاستفتاء بدون استيفاء شروطه سيجعل من نتيجته مثار صراع بين الأطراف داخل الشمال والجنوب, بل داخل الجنوب نفسه, الذي قال إنه تتوافر فيه عوامل الصراع علي أساس قبلي. وأكد مسار الذي يرأس حزب الأمة الوطني المتحالف مع الرئيس السوداني عمر البشيرأنه يجب حل مشكلة دارفور قبل موعد استفتاء الجنوب, حتي لاتظل شوكة في خاصرة الشمال, منبها إلي ما أسماه بهجرة سياسية وعسكرية من دارفور إلي جنوب السودان, متهما حكومة الجنوب بافتتاح معسكرات لتدريب متمردي دارفور بالجنوب لاستغلالهم ضد الشمال. وقال المسئول السوداني إنه قد حانت الآن لحظة توحيد الصف الشمالي في السودان مهما كان الثمن, علي غرار الجنوبيين الذين قال إنهم يتوحدون الآن إما برغبة منهم أو بإملاءات غربية,وأكد أن المسئولية في ذلك تقع بشكل رئيسي علي عاتق البشير وحزبه. ** سألته: كيف تنظر لنتائج الاستفتاء في الجنوب ؟ * أجاب: النخب الجنوبية والمثقفون هم الذين يريدون الانفصال, أماغالبية الشعب الجنوبي فإنهم سيصوتون للوحدة إذا توافر لهم انتخاب نزيه وشفاف, فالانفصال ليس رغبة المواطن الجنوبي علي الإطلاق, ولن يستفيد منه سوي الجالسين علي كراسي السلطة والغرب الذي يدفعهم لذلك, أما المواطن العادي في الجنوب فمصلحته مع إخوانه في الشمال, وأعتقد أن عوامل الوحدة أكثر من عوامل الإنفصال في السودان, لكن لوحدث إستفتاء به تزوير فقطعا سيكون لصالح الانفصال. ** تتحدث عن التزوير هل يمكن أن يحدث ذلك ؟ * صعب أن يتم ذلك في الظروف الراهنة,ولوفعلت الحركة الشعبية ذلك فربما لايتم الاعتراف بنتائج الإستفتاء, ليس في الشمال فحسب, بل أيضا في الجنوب الذي توجد به صراعات قبلية كثيرة, وهناك أطراف جنوبية لن تسمح بالتزوير, وسيكون للشماليين أيضا رأي, وقد لايعترفون وقتها بالنتائج ومايترتب عليه, والمجتمع الدولي أيضا سيكون حساسا تجاه هذا الأمر. ** وهل سيجري الاستفتاء في موعده المقرر في التاسع من يناير المقبل ؟ * الاستفتاء لايمكن أن يتم في موعده لأسباب كثيرة, وهناك قضايا عديدة إذا لم تحسم لا يمكن إجرائه, في مقدمتها قضية ترسيم الحدود علي الأرض والترتيبات الأمنية وانتشار الجيش, ومعالجة قضية أبيي بصورة تضمن تعايش المجموعات السكانية وتصويتها جميعا في الاستفتاء المتزامن بالمنطقة مع استفتاء الجنوب, وأيضا تسوية قضايا مابعد الاستفتاء مثل البترول والجنسية والمواطنة والديون, ولابد أيضا من رؤي واضحة للعلاقة بين الشمال والجنوب في حالتي الوحدة والانفصال, فضلا عن الجانب الفني الذي لم يكتمل بعد من التسجيل وبطاقات التصويت وغيرها, وكل هذه أزمات تحتاج إلي معالجة للوصول إما إلي دولة واحدة قوية مستقرة أو دولتين متجاورتين متعاونتين. ** لكن الجنوبيين يعتبرونه موعدا مقدسا وكذلك المجتمع الدولي ؟ * لن يجري الاستفتاء في مواعيده إن لم يستوفي الشروط المطلوبة لإجرائه, لأنه إذا تم بدون ذلك سيكون مثار صراع بين الأطراف في الشمال والجنوب, وداخل الجنوب,إن الغرض من عقد الإستفتاء ليس هو قيام دولة أو دولتين, بل هو الاستقرار والسلام أي عدم العودة للحرب. ** وهل يمكن أن تندلع الحرب في السودان مرة أخري في ظل التهديدات المتبادلة وسباق التسلح بين الشمال والجنوب ؟ * لا أعتقد ذلك... مايحدث فقط هو دق لطبول الحرب, لكن ليس هناك قدرة لأي من الطرفين أو رغبة في الحرب, فكل من المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لديه من المشكلات مالايعد ولايحصي, ولكن بالطبع إذا لم تحل مشكلات أساسية قائمة بين الطرفين ستظل نار الفتنة موجودة, وسيظل ممكنا تفجير الأوضاع بسهولة. ** وهل سيتأثر الشمال اقتصاديا في حال إنفصال الجنوب ؟ * لابد أن تقف الدول العربية مع السودان في كل الأحوال, هناك بالطبع مخاوف اقتصادية, واعتقد أنه لابد في حال الإنفصال أن يظل هناك تعاونا بين الشمال والجنوب لصالح الطرفين. ** وكيف تنظر للدور الدولي تجاه قضية الاستفتاء ؟ * أولا المجتمع الدولي لم يقم بالوفاء بتعهداته تجاه تنمية وإعمار الجنوب التي تعهد بها, وظل يرسل الإشارات السلبية التي ساعدت علي تصعيد حدة الخلافات في السودان, وسيكتشف إخواننا في الجنوب يوما أن المجتمع الدولي يبحث عن مصالحه لامصالحهم, ويجب أن يعلم المجتمع الدولي أنه دعمه للنزعات الإنفصالية في السودان ستكون له عواقب وخيمة, وقد يؤدي إلي قيام دولتين فاشلتين, وقديؤدي إلي انتقال العدوي لدول الجوار, بمايهدد الإقليم ودول القارة والعالم, وهومايوجدمناخا ملائما للتنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وجيش الرب وغيرها, وهوماقد يشكل تهديدا للمصالح الدولية في القارة الافريقية, واتساع دائرة القرصنة والسلوك الخارج علي القانون, وتهديد السلم والأمن الدوليين. ** وماذا بشأن قضية دارفور ؟ * لابد من حلها قبل إجراء الاستفتاء بالجنوب, وإلا فستصبح مسمار جحا, شوكة في خاصرة الشمال وورقة ضغط عليه, وأشير هنا إلي استقبال حكومة الجنوب لمتمردين من دارفور وفتح معسكرات لتدريبهم في الجنوب. ** هل تقف المحكمة الجنائية الدولية في رأيك حجر عثرة في سبيل تسوية سلمية في السودان ؟ * المحكمة الجنائية هي أداة من أدوات الاستعمار الجديد, وهي تعقد الأوضاع في السودان كله,وتحول دون تحقيق السلام والاستقرار في دارفور, ولوكانت هناك عدالة دولية بحق لحصل الرئيس عمر البشير علي جائزة نوبل للسلام لأنه هو الذي وقع اتفاقية السلام التي أوقفت أطول الحروب في أفريقيا, ولكن لاتوجد عدالة, ومايجري تجاه دولنا هو كيل بمكيالين, يحاسبون الضعفاء, ولايحاسبون أمريكا علي أفعالها النكراء في العراق أو اسرائيل علي جرائمها في المنطقة. ** وماالذي جري تحديدا في دارفور... ألم تكن هناك أي جرائم ؟ * لا أستطيع أن أقول أنه لاتوجد جرائم أو إنتهاكات, لكنها لايمكن أن ترقي لما تقول به المحكمة الدولية من إبادة وغيره, هي جرائم حدثت في إطار حرب قبلية, وكان يمكن أن يحاكم مرتكبوها في ظل قانون طبيعي, وهل من ارتكبها هو الرئيس البشير... هذا ليس صحيحا علي الإطلاق, الأمر مختلف تماما. ** كيف يمكن أن يواجه السودان أزماته الحالية المتفاقمة ؟ * أعتقد أنه قد حانت لحظة توحيد الصف الشمالي. ** كيف يمكن ان يتم ذلك وقد فشلت محاولات سابقة في هذا الخصوص ؟ * أعتقد أن مسئولية توحيد الصف الشمالي تقع علي عاتق حزب المؤتمر الوطني, ويجب أن يقوم بذلك مهما كان الثمن. ** توحد من أجل ماذا ؟ * أهم مافي الأمر هو ضرورة التمسك بوحدة السودان نرغم كل المؤشرات السلبية, ولابد من مشاركة كل القوي السياسية في ذلك مهما كان وزنها, والمهم أن نحافظ علي وجود الوطن وكيانه, ثم بعد ذلك نبحث عن السلطة. ** وهل تتوقع أن تستجيب الأحزاب المعارضة في الشمال لحزب المؤتمر وهم يحملونه كل المسئولية فيما يحدث؟ * نعم سيستجيبون فظروف السودان اليوم لاتحتمل المزايدات, ولاينبغي أن يظل مصير البلد ومستقبله وقفا علي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ولابد من إشراك الآخرين معهم, لأنها قضايا تهم الجميع وستؤثر علي البلد كله, وأعتقد أن كافة الأطراف في السودان مدعوة الآن لتحمل مسئولياتها والالتقاء علي مصلحة الوطن, وليس علي مصالح حزبية ضيقة. ** كيف تنظر لجبهة المعارضة السودانية التي تأسست مؤخرا بلندن وتدعو لإسقاط النظام ؟ * الجبهة العريضة هي عمل أقرب للعمالة للخارج, ماالذي يدفع هؤلاء المعارضين للوجود في الخارج, ولماذا لايقولون رأيهم من داخل السودان... هذه عمالة مدفوعة الأجر, ولاتخدم أي قضية وطنية.