تستمع إلي نصائح من سبقوك بالزيارة والسلام علي الرسول الكريم والصلاة في الروضة الشريفة, وهناك من يقترح عليك أن يكون ذلك في منتصف الليل حين يهدأ الزحام نسبيا والبعض يري في فترة الصباح الباكر بعد الشروق الوقت الأنسب, وتحاول بعد كل صلاة أن تقترب ولكن المؤكد أن موعد الزيارة والسلام هي بميقات معلوم مكتوب لك. في الواحدة بعد منتصف الليل بدأت الزيارة والدخول في الحشود المتدفقة ليس باجسامها فحسب وانما بدعائها ودموعها وابتهالها وطلب الشفاعة من الأمين المصطفي صلوات الله وسلامه عليه, وعند الخطوط الخلفية المحيطة بالروضة الشريفة تكون المشقة الأكبر, وتقل رويدا رويدا كلما دنوت من قبر الرسول وحيث يجاوره الصديق أبو بكر والفاروق عمر بن الخطاب وبجوار الغرفة المشرفة وبين المسافة بينها مع المنبر يختلف كل شيء من حولك, وتدخل الرهبة إلي قلبك وعقلك لأنك في حضرة الرسول الأعظم, ووسط العدد الهائل في تلك الساعة المتأخرة تلوح بضع سنتيمترات تصلي فيها, وسبحان الله العظيم القادر علي اسعاد المرء في لحظات لا توصف من المشاعر والاحاسيس, وتتدفق الكلمات علي لسانك بكل ما ادخرته استعدادا بما يليق بالمناسبة واللقاء مع خير خلق الله. وتتكرر المشاهد التي لا تجد تفسيرا لها سوي ترديد سبحان الله, ففي قلب الروضة الشريفة تبدو المساحات أكثر اتساعا, وكأنك قد قبلت دعوتك وها أنت ضيف رسول الله صلي الله عليه وسلم. تنظر حولك.. الرجال والشيوخ والمرضي والقعود, كلهم علي قلب رجل واحد, ترتفع الهمسات بالدعاء وهناك من تخرج مشاعره عن السيطرة فتفيض دموعه وآهاته حبا وتأثرا بروعة المناسبة الفريدة في حياة المسلم.. وتجلس للتذكر والدعاء لكل من تحب ولكل من حملك أمانة الدعاء, ويتسارع الوقت والزمن ويزداد الزحام استعدادا لصلاة الفجر ويكون ذلك قبل الآذان بما يزيد علي ساعتين والخروج من الروضة الشريفة أسرع بكثير من الدخول إليها لأن هناك من يساعدك حتي يحل محلك, وتبدأ رحلة أخري في مسار آخر لزيارة قبر المصطفي, وتنظر إلي داخله فتري بقلبك وجهه البشوش كالبدر المضاء وصاحب الخلق العظيم والقدوة الحسنة والصفات التي فضلته علي النبيين من قبله. ولا تجد ما تقوله سوي السلام عليك يا رسول الله, يا أحب خلق الله, السلام عليك يا من تشفع لامتك يوم البعث العظيم, السلام عليك وعلي صحبك الكرام وآل بيتك الاشراف. وتخرج من باب البقيع وإلي جواره باب جبريل عليه السلام وبعده باب النساء. ويخفق القلب, وتطمئن النفس, وتعود للدخول إلي المسجد النبوي استعدادا لصلاة الفجر بعد أن تشرفت بالسلام والصلاة في الروضة الشريفة. muradezzelarab@hotmailcom