المستشار محمود فوزي: العمل بقانون الإجراءات الجنائية الجديد اعتبارا من أكتوبر 2026    عيار 21 يعاود الارتفاع من جديد.. إقبال ملحوظ على شراء الجنيه الذهب بأسواق دمياط    نائب المحافظ يتابع معدلات تطوير طريق السادات بمدينة أسوان    محافظ الأقصر يستمع إلى شكاوى المواطنين.. ويوجه بحلول عاجلة لعدد من المشكلات الخدمية    وزير الخارجية: الاهتمام العالمي بما يحدث في السودان يكاد يكون منعدمًا    بعثة الجامعة العربية لمتابعة انتخابات مجلس النواب تشيد بحسن تنظيم العملية الانتخابية    مانشستر سيتي يراقب نجم ريال مدريد    إحداهما مجانية.. القنوات الناقلة لمباريات ملحق أفريقيا لكأس العالم 2026    مصادرة 7.4 طن مياه معدنية مجهولة المصدر و1.5 طن سكر وزيت بالإسكندرية    غرامة 500 ألف جنيه والسجن المشدد 15 عاما لتاجر مخدرات بقنا    الصحة: مصر خالية من التراكوما وتواصل ريادتها فى القضاء على الأمراض    أمور فى السياسة تستعصى على الفهم    محمد رمضان يقدم واجب العزاء في وفاة إسماعيل الليثي    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    «كوب 30» ودور النفط فى الاقتصاد العالمى    محافظ شمال سيناء يتفقد قسام مستشفى العريش العام    قبل مواجهة أوكرانيا.. ماذا يحتاج منتخب فرنسا للتأهل إلى كأس العالم 2026؟    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    كندا تفرض عقوبات إضافية على روسيا    جارديان: برشلونة يستهدف هاري كين    وزير العدل الأوكراني يقدم استقالته على خلفية فضيحة فساد    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    كرة يد - بعثة سموحة تصل الإمارات مكتملة تحضيرا لمواجهة الأهلي في السوبر    المتحف المصري الكبير ينظم الدخول ويخصص حصة للسائحين لضمان تجربة زيارة متكاملة    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    رسميًا.. ستاندرد بنك يفتتح مكتبًا في مصر لتعزيز الاستثمارات بين إفريقيا والشرق الأوسط    طريقة عمل فتة الشاورما، أحلى وأوفر من الجاهزة    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    خالد النبوي يهنئ محمد عبدالعزيز لتكريمه بمهرجان القاهرة السينمائي: أهداني أول دور    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    موعد مباراة مصر وأوزبكستان الودية.. والقنوات الناقلة    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدوتة أول مجلس شعب في التاريخ

ليست هذه هي المرة الاولي‏,‏ التي تحاول فيها أمريكا الدس بأنفها بخصوص انتخابات مجلس الشعب المصري‏,‏وليست المرة الاولي التي ترد فيها مصر وبشدة‏,‏ بأنها لم تقبل ولن تقبل بأي ضغوطات
من الخارج‏,‏ مهما كان نوعها وأيا كان مصدرها‏,‏ واضعة نصب اعينها‏,‏ المثل المصري
القديم‏:‏ ان العالم كله يرهب الزمان‏,‏ لكن الزمان نفسه يرهب الاهرام‏.‏وان دل هذا علي شيء‏,‏ فإنما يدل علي انه لعل بلدا من بلاد الارض‏,‏ لا تصدق علي حضارته صفة الاستمرارية كما تصدق علي مصر‏,‏ فقد جمعت الي القدم والعراقة‏,‏ دوام الاتصال والاستمرار‏,‏ ونظام الحياة النيابية نموذجا‏,‏ والذي يعد ابتكارا مصريا صميما‏,‏ بخلاف ما هو متعارف عليه كذبا‏,‏ بأن مجالس الشيوخ‏,‏ قد خلفتها حضارة اليونان‏,‏ وعند هذا الحد نجد العون في كل من سجل الاثار المصرية‏,‏ وسجل التاريخ المصري‏.‏
هناك رأي بات يعتقد في صحته الكثير من علماء المصريات‏,‏ انه في الفترة التي سبقت عصر الاسر الحاكمة ما بين عامي‏4500‏ 3500‏ ق‏.‏م قد كان معروفا بين العشائر‏,‏ التي هي أول طوائف نجدها في المجتمعات الاولي‏,‏ ان كل عشيرة تمتلك المنطقة التي تنزل بها‏,‏ وكان يشار الي كل منها باسم احد الرموز الدينية التي يحترمها رجال العشيرة كذلك كانت القوارب التي تمخر عباب النيل تزين بمثل هذه الشعارات‏,‏ وكان الصيادون والفلاحون يتجمعون في هذه القري‏,‏ التي صارت فيما بعد مدن المقاطعات للدفاع والتعاون المتبادل وللامن العام‏,‏ ولا شك في انهم كانوا يخضعون في هذه المجتمعات‏,‏ لمن كانوا اشدهم بأسا او اذكاهم او اكثرهم غني أو أعرفهم بالسحر‏.‏
وبالنتيجة بزغ فجر مجالس الكهول أو الشيوخ‏,‏ ويمكن ان نسمي هذا حكومة رأسمالية من الشيوخ ذوي النفوذ‏,‏ الذين يجتمعون علي هيئة مجلس للبث في الامور المهمة‏,‏ وهذا المجلس مقصور عليهم فعلا دون الشباب‏,‏ وتضارع هذه المجتمعات الشورية مجلس الشيوخ في المجتمعات المتحضرة وقد نستطيع ان نرجع الي هذه الايام السحيقة في القدم‏,‏ تقسيم مصر القديمة الي اثنين واربعين مقاطعة مستقلة‏,‏ يلتف الشعب فيها حول قرية اكثر اهمية من سواها‏,‏ ففيها السوق والمحكمة ومعبد الكائن المؤله‏,‏ ومقر الرئيس او الرؤساء‏,‏ وبهذا صارت العشائر جماعات اقليمية‏,‏ واحتفظت المقاطعات التي خلفتها بأحد الكائنات المؤلهة‏,‏ ومما لاريب فيها‏,‏ ان تجمع القري حول الكائنات المؤلهة التي ستصبح فيما بعد الهة المقاطعات‏,‏ يدل في مظهرها علي انها امتداد للعشائر تلك العشائر التي كان الاهلون يعيشون فيها في كنف الكائنات المؤلهة‏,‏ وادارة مجلس الشيوخ الذين كانت التقاليد تضفي عليهم حكام مصر قبل الملوك‏,‏ اما وقد اصبحت العشيرة قرية‏,‏ فانها تشغل مقاطعة باسمها‏,‏ تدار من قبل مجالس الشيوخ‏..‏ وهكذا نري ان القانون الدستوري الصوفي العائلي‏,‏ والقانون الدستوري الاقليمي‏,‏ يتداخلان ويؤثر كل منهما في الاخر‏.‏
وهناك عدد من الدلائل‏.‏ يميل الي اثبات ان مجالس الشيوخ العشائرية هي اقدم صور النظام السياسي التي يمكن ان نلقاها‏,‏ عندما نصعد الطريق الذي يقود السلطان المركزي في المجتمعات البدائية في مصر الاسرات الحاكمة‏.‏
إن الملكية الفرعونية المتشامخة‏,‏ التي استقر بها المقام عند مدخل التاريخ‏,‏ والتي تخفي صفحة وجهها المهيبة العصور التاريخية السابقة لها‏.‏ لقد بات من المؤكد الان‏,‏ علي ضوء أبحاث علماء ما قبل التاريخ انه لم يتم بناؤها دفعة واحدة‏,‏ بل قام صرحها خلال آلاف السنين‏.‏
كانت مصر كما رأينا مقسمة الي عشائر موزعة بين قبائل متعاونة‏,‏ لكنها تتجه شيئا فشيئا من دولة ديمقراطية تعيش في رعاية الديانة التوتمية ومجلس الشيوخ الي دولة استبدادية بحتة‏,‏ تعيش في كنف فرعون‏,‏ لم يكن في مختلف العصور بشر كبقية البشر‏,‏ بل اله او ابن للاله وتبع ألوهية الملك المصري اختلاف كبير في مركزه وسلطاته مطلقة لا تحدها حدود او تقيدها قيود سوي رغبة الملك الالهية في تطبيق الحق والعدالة بين الناس والسير بموجبها‏,‏ وبعبارة اخري‏,‏ كان الملك يقف علي رأس الهرم‏,‏ الذي يمكن ان يمثل مركز الملك بالنسبة لبقية افراد الرعية‏,‏ وبذلك كان ينبوع العدالة والشريعة‏,‏ وبيده السلطة التنفيذية المطلقة‏,‏ ولا يعني ذلك زوال كل اثر لمجالس الشيوخ‏,‏ اذ يبدو انها لم تتوار تماما‏,‏ بل بقيت بقية منها اشبه بصدي ضعيف لفكرة غاية في القدم‏,‏ وهكذا يمكننا القول علي وجه اليقين‏,‏ انه قد قامت في مصر الفرعونية في جميع العصور مجالس للشيوخ‏,‏ وقد نسبت اليها نصوص الاهرامات الدينية في الاسرة السادسة‏,‏ لكننا لا نعرف عن شئونها الا النذر اليسير‏,‏ بيد ان الذي نعرفه تماما‏,‏ عن طريق بعض النصوص الفرعونية‏,‏ انه قد قامت في مصر خلال حكم الاسرات الفرعونية جمعيات السارو وهم مشاهير الاعيان الذين تتألف منهم الجماعات الكبيرة المحلية المعروفة بلفظ كنبتيو والاصل في ظهور السارو‏,‏ اعتيادهم منذ القدم علي ان يجتمع فريق من الاعيان والشيوخ علي رؤوس الطرق الموصلة من القري الي المدائن في ايام الاسواق‏,‏ ومفاوضتهم في احوالهم الحاضرة المقصودة بالذات في هذا الاجتماع‏,‏ وكانوا بواسطة اتحادهم في الرأي‏,‏ يعتبرون كوسطاء بين العمال والسلطة المحلية واشتهر هؤلاء وعرفوا بالذكاء والدراية وصاروا قدوة يعول علي رأيهم فانتخبوا في الجمعيات الحكومية الممثلة لاعضاء الهيئة المركزية ولم يتيسر لنا الوقوف علي طريقة تعيين هؤلاء الاشخاص المدعوين كنبتيو بيد انهم كما كانوا اعوانا للوزراء كانوا ايضا الاعضاء الحقيقيين للادارة المحلية‏,‏ وينظرون كأول درجة في القضايا والخصومات المعروضة عليهم‏,‏ ويعاونون الحكومة المركزية في اصلاح اغلاطها‏.‏
وكانت تلك الجمعيات او المجالس تتطلب وصولا لصواب الرأي في المسائل المعروضة عليها انتداب خبراء فنيين منهم‏,‏ للأخذ بتقاريرهم في الحقائق التي ينشدونها‏,‏ وبهذا ثبت ان الاستعانة باراء‏,‏ الخبراء كانت معروفة في ذلك العصر الموغل في القدم باسم سنحرو ومن فوائد الاستعانة بتلك الجمعيات‏,‏ منع حيف الرؤساء علي صغار العمال‏,‏ الذين كان لهم علاوة علي ذلك حق التظلم للملك مباشرة اذا كانت قراراتها مجحفة بهم‏.‏ وباتباع هذه النظم‏,‏ استطاع الافراد الفقراء المعروفون باسم نمحو ان يعرفوا بحقوقهم ويعملوا علي المحافظة عليها‏,‏ بعد ان كانوا يغرقون في بحر النسيان والاحتقار والازدراء‏.‏
وهكذا يمكننا القول‏,‏ رغم ندرة المعطيات التاريخية المتوافرة لدينا حتي الان ان مجلس الشيوخ او مجلس نواب الشعب‏,‏ انما هو ابتكار مصري صميم‏,‏ يرجع اصلا الي ما قبل كل تنظيم سياسي‏,‏ وان اول جماعة منظمة‏,‏ وكانت خاضعة للكهول او الشيوخ لا للملك‏,‏ فنحن اذن امام نظام عشائري اعاد الفن السياسي‏,‏ بناءه‏,‏ ثم اصابه التحوير فيما بعد‏,‏ وهكذا كانت حكومة الكهول اذن في ذاكرة المصريين ذات اصل متوغل في القدم‏,‏ ربما يرجع الي عهد اولي القري في العصر الحجري الحديث وبعبارة اخري قد ظهرت المسيرة النيابية في مصر‏,‏ قبل ان تظهر الحياة النيابية بل قبل ان تظهر امريكا ككيان سياسي بأكثر من ستة الاف عام مضت‏.‏
وبعد كل هذه الخواتم التوثيقية‏,‏ التي ندر ان تمتلكها امة علي وجه الارض‏,‏ فهل يعقل أن يأتي أناس لا تاريخ لهم اصلا‏,‏ ويفرضوا علي بلد‏,‏ كانت الحياة النيابية من معطياتها للبشرية‏,‏ ويفرضوا عليها ضغوطاتهم‏,‏ بخصوص اصلاح انتخاباتها النيابية‏..‏ فياله من تطاول علي حقائق التاريخ‏,‏ لا يجرؤ عليه الا نخاسو التاريخ‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.