تنفيذي الغربية يوافق على تغيير الأحوزة العمرانية لست قرى و12 عزبة    وزير النقل يبحث مع رئيس الوكالة الفرنسية للتنمية التعاون في تطوير البنية الأساسية للسكك الحديدية والجر الكهربائي    الرئيس السيسي وأمير قطر يؤكدان الحرص على وقف إطلاق النار في غزة    تعرف على غيابات بيراميدز أمام إنبي في الدوري المصري    مي القاضي: عاوزه أشتغل مع محمد رمضان والمخرج محمد سامي    لقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا.. هل يسبب متلازمة جديدة لمن حصل عليه؟ أستاذ أوبئة يجيب    طريقة عمل عصير ليمون بالنعناع.. يروي عطش الحر وينعش القلب    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    إعلام عبري: حزب الله هاجم بالصواريخ بلدة بشمال إسرائيل    لوقف النار في غزة.. محتجون يقاطعون جلسة بمجلس الشيوخ الأمريكي    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الأهلي يهزم الجزيرة في مباراة مثيرة ويتأهل لنهائي كأس مصر للسلة    ستبقى بالدرجة الثانية.. أندية تاريخية لن تشاهدها الموسم المقبل في الدوريات الخمسة الكبرى    طليقة قاتل جواهرجي بولاق ابو العلا: «اداني سبيكة 2.5 جرام وسلاسل ل بناته»    مصرع زوجين وإصابة طفليهما في حادث انقلاب سيارة بطريق سفاجا - قنا    «التعليم» تحدد موعد امتحانات نهاية العام للطلاب المصريين في الخارج 2024    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    3 ألحان ل حميد الشاعري ضمن أفضل 50 أغنية عربية في القرن ال 21    الخميس..عرض الفيلم الوثائقي الجديد «في صحبة نجيب» بمعرض أبو ظبي للكتاب    بالأبيض.. لينا الطهطاوى رفقة هنا الزاهد وميرهان في ليلة الحنة    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    رئيس الوزراء يهنيء السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    هيئة سلامة الغذاء تقدم نصائح لشراء الأسماك المملحة.. والطرق الآمنة لتناولها في شم النسيم    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    دورتموند يستعيد نجوم الفريق قبل مواجهة سان جيرمان بدوري الأبطال    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    مدبولي: العلاقات السياسية بين مصر وبيلاروسيا تسهم في دعم التعاون الاقتصادي    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    كراسي وأحذية وسلاسل بشرية.. طرق غير تقليدية لدعم فلسطين حول العالم    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    حمد الله يتحدى ميتروفيتش في التشكيل المتوقع لكلاسيكو الاتحاد والهلال    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدوتة أول مجلس شعب في التاريخ

ليست هذه هي المرة الاولي‏,‏ التي تحاول فيها أمريكا الدس بأنفها بخصوص انتخابات مجلس الشعب المصري‏,‏وليست المرة الاولي التي ترد فيها مصر وبشدة‏,‏ بأنها لم تقبل ولن تقبل بأي ضغوطات
من الخارج‏,‏ مهما كان نوعها وأيا كان مصدرها‏,‏ واضعة نصب اعينها‏,‏ المثل المصري
القديم‏:‏ ان العالم كله يرهب الزمان‏,‏ لكن الزمان نفسه يرهب الاهرام‏.‏وان دل هذا علي شيء‏,‏ فإنما يدل علي انه لعل بلدا من بلاد الارض‏,‏ لا تصدق علي حضارته صفة الاستمرارية كما تصدق علي مصر‏,‏ فقد جمعت الي القدم والعراقة‏,‏ دوام الاتصال والاستمرار‏,‏ ونظام الحياة النيابية نموذجا‏,‏ والذي يعد ابتكارا مصريا صميما‏,‏ بخلاف ما هو متعارف عليه كذبا‏,‏ بأن مجالس الشيوخ‏,‏ قد خلفتها حضارة اليونان‏,‏ وعند هذا الحد نجد العون في كل من سجل الاثار المصرية‏,‏ وسجل التاريخ المصري‏.‏
هناك رأي بات يعتقد في صحته الكثير من علماء المصريات‏,‏ انه في الفترة التي سبقت عصر الاسر الحاكمة ما بين عامي‏4500‏ 3500‏ ق‏.‏م قد كان معروفا بين العشائر‏,‏ التي هي أول طوائف نجدها في المجتمعات الاولي‏,‏ ان كل عشيرة تمتلك المنطقة التي تنزل بها‏,‏ وكان يشار الي كل منها باسم احد الرموز الدينية التي يحترمها رجال العشيرة كذلك كانت القوارب التي تمخر عباب النيل تزين بمثل هذه الشعارات‏,‏ وكان الصيادون والفلاحون يتجمعون في هذه القري‏,‏ التي صارت فيما بعد مدن المقاطعات للدفاع والتعاون المتبادل وللامن العام‏,‏ ولا شك في انهم كانوا يخضعون في هذه المجتمعات‏,‏ لمن كانوا اشدهم بأسا او اذكاهم او اكثرهم غني أو أعرفهم بالسحر‏.‏
وبالنتيجة بزغ فجر مجالس الكهول أو الشيوخ‏,‏ ويمكن ان نسمي هذا حكومة رأسمالية من الشيوخ ذوي النفوذ‏,‏ الذين يجتمعون علي هيئة مجلس للبث في الامور المهمة‏,‏ وهذا المجلس مقصور عليهم فعلا دون الشباب‏,‏ وتضارع هذه المجتمعات الشورية مجلس الشيوخ في المجتمعات المتحضرة وقد نستطيع ان نرجع الي هذه الايام السحيقة في القدم‏,‏ تقسيم مصر القديمة الي اثنين واربعين مقاطعة مستقلة‏,‏ يلتف الشعب فيها حول قرية اكثر اهمية من سواها‏,‏ ففيها السوق والمحكمة ومعبد الكائن المؤله‏,‏ ومقر الرئيس او الرؤساء‏,‏ وبهذا صارت العشائر جماعات اقليمية‏,‏ واحتفظت المقاطعات التي خلفتها بأحد الكائنات المؤلهة‏,‏ ومما لاريب فيها‏,‏ ان تجمع القري حول الكائنات المؤلهة التي ستصبح فيما بعد الهة المقاطعات‏,‏ يدل في مظهرها علي انها امتداد للعشائر تلك العشائر التي كان الاهلون يعيشون فيها في كنف الكائنات المؤلهة‏,‏ وادارة مجلس الشيوخ الذين كانت التقاليد تضفي عليهم حكام مصر قبل الملوك‏,‏ اما وقد اصبحت العشيرة قرية‏,‏ فانها تشغل مقاطعة باسمها‏,‏ تدار من قبل مجالس الشيوخ‏..‏ وهكذا نري ان القانون الدستوري الصوفي العائلي‏,‏ والقانون الدستوري الاقليمي‏,‏ يتداخلان ويؤثر كل منهما في الاخر‏.‏
وهناك عدد من الدلائل‏.‏ يميل الي اثبات ان مجالس الشيوخ العشائرية هي اقدم صور النظام السياسي التي يمكن ان نلقاها‏,‏ عندما نصعد الطريق الذي يقود السلطان المركزي في المجتمعات البدائية في مصر الاسرات الحاكمة‏.‏
إن الملكية الفرعونية المتشامخة‏,‏ التي استقر بها المقام عند مدخل التاريخ‏,‏ والتي تخفي صفحة وجهها المهيبة العصور التاريخية السابقة لها‏.‏ لقد بات من المؤكد الان‏,‏ علي ضوء أبحاث علماء ما قبل التاريخ انه لم يتم بناؤها دفعة واحدة‏,‏ بل قام صرحها خلال آلاف السنين‏.‏
كانت مصر كما رأينا مقسمة الي عشائر موزعة بين قبائل متعاونة‏,‏ لكنها تتجه شيئا فشيئا من دولة ديمقراطية تعيش في رعاية الديانة التوتمية ومجلس الشيوخ الي دولة استبدادية بحتة‏,‏ تعيش في كنف فرعون‏,‏ لم يكن في مختلف العصور بشر كبقية البشر‏,‏ بل اله او ابن للاله وتبع ألوهية الملك المصري اختلاف كبير في مركزه وسلطاته مطلقة لا تحدها حدود او تقيدها قيود سوي رغبة الملك الالهية في تطبيق الحق والعدالة بين الناس والسير بموجبها‏,‏ وبعبارة اخري‏,‏ كان الملك يقف علي رأس الهرم‏,‏ الذي يمكن ان يمثل مركز الملك بالنسبة لبقية افراد الرعية‏,‏ وبذلك كان ينبوع العدالة والشريعة‏,‏ وبيده السلطة التنفيذية المطلقة‏,‏ ولا يعني ذلك زوال كل اثر لمجالس الشيوخ‏,‏ اذ يبدو انها لم تتوار تماما‏,‏ بل بقيت بقية منها اشبه بصدي ضعيف لفكرة غاية في القدم‏,‏ وهكذا يمكننا القول علي وجه اليقين‏,‏ انه قد قامت في مصر الفرعونية في جميع العصور مجالس للشيوخ‏,‏ وقد نسبت اليها نصوص الاهرامات الدينية في الاسرة السادسة‏,‏ لكننا لا نعرف عن شئونها الا النذر اليسير‏,‏ بيد ان الذي نعرفه تماما‏,‏ عن طريق بعض النصوص الفرعونية‏,‏ انه قد قامت في مصر خلال حكم الاسرات الفرعونية جمعيات السارو وهم مشاهير الاعيان الذين تتألف منهم الجماعات الكبيرة المحلية المعروفة بلفظ كنبتيو والاصل في ظهور السارو‏,‏ اعتيادهم منذ القدم علي ان يجتمع فريق من الاعيان والشيوخ علي رؤوس الطرق الموصلة من القري الي المدائن في ايام الاسواق‏,‏ ومفاوضتهم في احوالهم الحاضرة المقصودة بالذات في هذا الاجتماع‏,‏ وكانوا بواسطة اتحادهم في الرأي‏,‏ يعتبرون كوسطاء بين العمال والسلطة المحلية واشتهر هؤلاء وعرفوا بالذكاء والدراية وصاروا قدوة يعول علي رأيهم فانتخبوا في الجمعيات الحكومية الممثلة لاعضاء الهيئة المركزية ولم يتيسر لنا الوقوف علي طريقة تعيين هؤلاء الاشخاص المدعوين كنبتيو بيد انهم كما كانوا اعوانا للوزراء كانوا ايضا الاعضاء الحقيقيين للادارة المحلية‏,‏ وينظرون كأول درجة في القضايا والخصومات المعروضة عليهم‏,‏ ويعاونون الحكومة المركزية في اصلاح اغلاطها‏.‏
وكانت تلك الجمعيات او المجالس تتطلب وصولا لصواب الرأي في المسائل المعروضة عليها انتداب خبراء فنيين منهم‏,‏ للأخذ بتقاريرهم في الحقائق التي ينشدونها‏,‏ وبهذا ثبت ان الاستعانة باراء‏,‏ الخبراء كانت معروفة في ذلك العصر الموغل في القدم باسم سنحرو ومن فوائد الاستعانة بتلك الجمعيات‏,‏ منع حيف الرؤساء علي صغار العمال‏,‏ الذين كان لهم علاوة علي ذلك حق التظلم للملك مباشرة اذا كانت قراراتها مجحفة بهم‏.‏ وباتباع هذه النظم‏,‏ استطاع الافراد الفقراء المعروفون باسم نمحو ان يعرفوا بحقوقهم ويعملوا علي المحافظة عليها‏,‏ بعد ان كانوا يغرقون في بحر النسيان والاحتقار والازدراء‏.‏
وهكذا يمكننا القول‏,‏ رغم ندرة المعطيات التاريخية المتوافرة لدينا حتي الان ان مجلس الشيوخ او مجلس نواب الشعب‏,‏ انما هو ابتكار مصري صميم‏,‏ يرجع اصلا الي ما قبل كل تنظيم سياسي‏,‏ وان اول جماعة منظمة‏,‏ وكانت خاضعة للكهول او الشيوخ لا للملك‏,‏ فنحن اذن امام نظام عشائري اعاد الفن السياسي‏,‏ بناءه‏,‏ ثم اصابه التحوير فيما بعد‏,‏ وهكذا كانت حكومة الكهول اذن في ذاكرة المصريين ذات اصل متوغل في القدم‏,‏ ربما يرجع الي عهد اولي القري في العصر الحجري الحديث وبعبارة اخري قد ظهرت المسيرة النيابية في مصر‏,‏ قبل ان تظهر الحياة النيابية بل قبل ان تظهر امريكا ككيان سياسي بأكثر من ستة الاف عام مضت‏.‏
وبعد كل هذه الخواتم التوثيقية‏,‏ التي ندر ان تمتلكها امة علي وجه الارض‏,‏ فهل يعقل أن يأتي أناس لا تاريخ لهم اصلا‏,‏ ويفرضوا علي بلد‏,‏ كانت الحياة النيابية من معطياتها للبشرية‏,‏ ويفرضوا عليها ضغوطاتهم‏,‏ بخصوص اصلاح انتخاباتها النيابية‏..‏ فياله من تطاول علي حقائق التاريخ‏,‏ لا يجرؤ عليه الا نخاسو التاريخ‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.