هناك مشكلة في التعليم الجامعي. هذا أمر لا شك فيه. زيادة السكان وتغير الثقافة وأوضاع الطبقات الاجتماعية تزيد الطلب علي التعليم الجامعي. عدد الطلاب المسجلين في المرحلة الجامعية الأولي ارتفع بين عامي1999 و2009من222 ألف إلي291 ألفا طالب بنسبة زيادة مقدارها31% الإقبال علي الدراسات العليا في الجامعات المصرية يزيد بمعدلات أسرع بكثير من معدلات الزيادة علي التعليم الجامعي. في الفترة1999 2009 زاد عدد الطلاب المسجلين للحصول علي درجة الماجستير في جامعات مصر من50 إلي88 ألف طالب, بنسبة زيادة قدرها76% ما حدث مع طلبة الماجستير حدث شيء يشبهه مع طلبة الدكتوراه الذين زاد عددهم من19 إلي29 ألفا, بنسبة زيادة قدرها53% مقابلة الطلب المتزايد علي الدراسات العليا يحتاج إلي زيادة مماثلة في عدد أعضاء هيئات التدريس, الأمر الذي لم يحدث, فعدد أعضاء هيئات التدريس لم يزد في نفس الفترة سوي من30 إلي39 ألف, بنسبة زيادة قدرها30% فقط. من الخير لأي مجتمع أن تكون لديه القدرة علي إنتاج كل هذا العدد الكبير من حملة شهادات الماجستير والدكتوراه. لكن الظروف المحيطة بالدراسات العليا في مصر لا تجعل هذه الأعداد الكبيرة مصدرا للفرح, وإنما سبب في مزيد من القلق. فالدراسات العليا هي آخر مراحل التعليم, وخريج هذه المرحلة, خاصة صاحب شهادة الدكتوراه, لن يكون مطلوبا منه الجلوس علي مقاعد الدراسة مرة ثانية, فقد وصل في العلم إلي ذروته, وله أن يتباهي علينا بعلمه, ويطالبنا باحترامه واحترام آرائه, فهي تأتي من خبير معه شهادة بذلك. المشكلة هي أن كثيرا من هؤلاء معهم شهادات لكن ليس لديهم ما يوازيها من المعرفة والعلم ونضوج العقل. فالكثير من الطلاب المسجلين في الدراسات العليا في جامعاتنا هم من الشباب الذين قرروا مواصلة التعليم ليس حبا في العلم وإنما بديلا عن البطالة و تأخر الزواج, وهروبا من بيوت ضيقة فيها آباء لا يكفون عن تسميم البدن بكلام عن الوظيفة والعريس اللذين تأخرا وفي كل مرة يتخرج فيها واحد من هؤلاء بمستوي محدود من المعرفة, ووفقا لمعايير تقييم منخفضة, وفي غياب فضول أصيل للمعرفة, فإن مؤسسات تعليمنا العالي تتلقي ضربة قاسية تبقي آثارها علي جسدها المنهك عقودا تالية.