أن يقف رجل بقامة وحجم البابا شنودة وهو له ما له ويحظي بتقدير كل المصريين من دون استثناء لمواقفه الوطنية الجليلة ويعرب عن أسفه لتصريحات الأنبا بيشوي ويعتذر لجرح شعور المسلمين.. فعلينا أيضا أن نتوقف قليلا أمام هذا الاعتذار ومعانيه ودلالاته. قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية, رأس الأقباط المصريين الأرثوذكسيين في كل مكان. يتواضع ويكبر في أعين الناس والمجتمع كله ويقرر ذلك الموقف دون خجل أو كبرياء أو تعال.. فإنه يضعنا جميعا نحن المصريين في مأزق بالغ, ويفرض علينا تحمل مسئولياتنا كل في موقعه. الاعتذار والاستعداد للترضية نتيجة جرح شعور المسلمين يعني وبمنتهي البساطة أننا بل كبراؤنا سوف يكونون مطالبون بالاعتذار إذا ما تهور أرعن أو متشدد أو متطرف وتجرأ وأهان العقيدة المسيحية أو أيا من كهنتها. الاعتذار لايعني عفا الله عما سلف, ولننظر للأمام بحثا عن المستقبل, وإنما يعني ان المخطيء تحمل عواقب افعاله, وليس أي مخطيء وإنما هو كبير القبط الرجل ذو القداسة في عين شعبه, وذو الاحترام واالجلال والتقدير في أعين المسلمين.. كنت اتمني أن يكون اعتذار قداسة البابا لكل المصريين وليس للمسلمين فقط, فالجرح اصاب عقائد الشعب أجمع, واعتذار البابا لايعني انه المخطيء أو يتحمل عواقب غيره, وإنما يعني انه أيضا شعر بالجرح وأحس بعمق الطعنة فقرر أن يتحمل مسئوليته ويبادر بموقفه حماية للوطن من الفتنة. سوف نكون مطالبين أيضا بالاعتذار, وسيكون فضيلة شيخ الأزهر مطالبا بالاعتذار إذا ما صدرت إهانة أو تسبب احد بجرح لعقائد الأقباط ومشاعرهم الدينية, وهي مسألة ليست سهلة ولايجوز التعامل معها ومع تداعياتها باستهانة. ليست الخشية من تبادل الاعتذارات إذا ما اخطأت الاطراف الأخري, وإنما الخشية أن يعتاد البعض توجيه الاهانة لعقائد الآخرين متصورا بذلك أنه يخدم دينه وعقيدته, وهو في حقيقة الأمر يوقع بها أشد الضرر, ويلحق بها أبلغ الإهانة. البابا شنودة اعطانا درسا وطنيا جديدا في تحمل المسئولية.. له منا كل تقدير واحترام. [email protected]