رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. قائمة كاملة بالكليات والمعاهد المتاحة لطلاب دبلوم صنابع    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 18 يوليو    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الجمعة 18-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 18-7-2025 بعد الزيادة وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    من بينها المستشفيات، اليوم فصل الكهرباء عن الجهات الحكومية والخدمية والسكنية في بنها    خلال ساعات، عاصفة استوائية جديدة تثير الذعر في أمريكا والملايين في خطر بعد فيضانات تكساس القاتلة    رسميا، مغني الراب الأمريكي سنوب دوج يشارك مودريتشفي ملكية نادٍ كروي    مفاجآت بالجملة.. معسكر تركيا يكتب نهاية 4 نجوم مع بيراميدز (بالأسماء)    كسر ماسورة غاز بسبب أعمال حفر الصرف الصحي في قنا    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس عبر الموقع الرسمي للوزارة    إخماد حريق نشب بمخلفات داخل عقار في العمرانية| صور    توقعات الأبراج وحظك اليوم الجمعة 18 يوليو 2025.. مكاسب مالية ل«الثور» وتقدم مهني لهذا البرج    تأجيل حفل روبي وليجي سي في الساحل الشمالي.. وهذا الموعد الجديد    مدين يتعاون مع رامي صبري في ألبومه الجديد بأغنيتين مميزتين    سقوط سقف فوق رأس رزان مغربي خلال حفل بالجيزة ونقلها للمستشفى    الأهلي بين جنة إيفونا ونار أزارو وتمرد وسام أبو علي.. ما القصة؟    إعلام سوري: اشتباكات عنيفة بين العشائر والدروز بالتزامن مع ضربات جوية إسرائيلية على السويداء    وزة شيطان والدم حن، صلح أبناء شعبان عبد الرحيم بعد خلافات عائلية    جمارك مطار برج العرب الدولي تضبط تهريب كمية من الأدوية    تجديد حبس مديرة مكتب توثيق الشهر العقاري بدمنهور و2 آخرين    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    نائب الرئيس الأمريكي يؤيد خطة ترامب لتوريد السلاح لأوكرانيا على نفقة الأوروبيين    رئيس هيئة النيابة الإدارية يستقبل وزير الأوقاف    اتحاد الكرة يقيم عزاء لميمي عبد الرازق في القاهرة    خالي من السكان.. انهيار جزئي في عقار خلف مسجد أحمد بن طولون بالسيدة زينب    وزير الرياضة: استثمارات نجيب ساويرس دليل على نجاح تحويل الأندية لكيانات اقتصادية ربحية    الحزن ينهش جسد والد أطفال المنيا.. ونقله لمستشفى أسيوط    منظمة المرأة العربية تعقد دورة حول "تمكين النساء في مجال إدارة المشاريع الزراعية"    حدث منتصف الليل| مظهر شاهين يرد على تصريح "يمامة" المثير.. وتحذير من طقس الساعات المقبلة    أبرزها حبس رجال الأعمال.. وزير العمل يوضح كيف اعترض النواب على قانون العمل الجديد    الرئاسة السورية: المجموعات الخارجة عن القانون انتهكت التزامات الوساطة الأمريكية العربية    فلسطين.. استشهاد اثنين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي على الحي الياباني في خان يونس    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    عم الأطفال الخمسة المتوفين بالمنيا: الطفل يكون طبيعيا 100%.. ويموت خلال ساعة من ظهور الأعراض    متحدث الصحة: لا أمرض معدية أو فيروسات وبائية في واقعة "أطفال المنيا"    انخفاض مفاجئ في أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    ارتفاع طن اليوريا العادي 1026 جنيها، أسعار الأسمدة اليوم في الأسواق    رسميا.. عدد أيام إجازة ثورة 23 يوليو 2025 بعد ترحيلها من مجلس الوزراء (تفاصيل)    حزب الله: الظلم الكبير الذي تعرض له جورج عبد الله وإبقاؤه محتجزا رغم انتهاء محكوميته وصمة عار لفرنسا    بمشاركة 9 جامعات.. غدا انطلاق فاعليات ملتقى إبداع السادس لكليات التربية النوعية ببنها    «لا أحد معصوم من الخطأ».. نجم الإسماعيلي يعتذر بسبب قميص بيراميدز    «حزب الوفد مذكور في القرآن».. مظهر شاهين يهاجم يمامة: كتاب الله ليس وسيلة للدعاية    «الزمالك بيرمي الفوطة عكس الأهلي».. تعليق مثير من الهاني سليمان بشأن مواجهة القطبين    شاهد بالصور.. أعمال إصلاحات هبوط أرضى بمحور الأوتوستراد    رئيس جامعة المنيا في جولة مفاجئة بمستشفى القلب والصدر    100% نسبة تنفيذ.. قوافل دمياط العلاجية تقدم خدماتها ل 41 ألف مواطن في 2025    أحمد مالك وسلمى أبو ضيف يتعاقدان علي عمل جديد    إسرائيل ترفع الإنفاق الدفاعى 12.5 مليار دولار لتغطية الحرب على غزة    أخبار × 24 ساعة.. الخميس المقبل إجازة مدفوعة الأجر بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    مشيرة إسماعيل: حياتى كانت انضباطًا عسكريًا.. وعاملونا كسفراء بالخارج    "أم كلثوم.. الست والوطن".. لقطات لانبهار الفرنسيين خلال حفل أم كلثوم بمسرح أولمبيا    الهلال يتفق على تمديد عقد بونو حتى 2028 بعد تألقه اللافت    طبيب مصري بأمريكا لتليفزيون اليوم السابع: ترامب يحتاج جراحة لعلاج القصور الوريدي    محافظ الإسماعيلية يبحث الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ.. 135 مركزًا انتخابيًا لاستقبال مليون ناخب    ما حكم التحايل الإلكترونى؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    ما حكم استخدام إنترنت العمل في أمور شخصية؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: تقديم العقل على النص الشرعي يؤدي للهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدتان
شعر‏:‏ عزمي عبد الوهاب

تنام الأشياء كما تركناها بالأمس ...‏ وأنت واقفة هكذا تمشطين شعر غيمة توقفي قليلا تحت سماء سوداء بكت نجومها حتي النفس الأخير‏...‏ انظري‏!‏ الصورة ناقصة فيها رجل ابيض شعره في الظلام فترك السرير
وعانق البرد‏...‏
كان نداء غامض
يسحبه من البيت النائم‏:‏
أشجار الحديقة حمراء
لا تمنح الرجل السكينة
والبلاد التي انسحبت من البهجة
ضيعت سكة الرجوع
وكأنه الليل
وكأنه الشتاء
وكأنها المرأة الأولي
وكأنه الرجل الأخير
تلك هي المأساة
أن تنام الأشياء كما تركناها بالأمس‏:‏
أنت في شباك تمشطين غيمة
تحت سماء تبكي
والرجل ذو الشعر الأبيض
خارج الصورة تماما
والأشجار
في الحديقة
حمراء‏..‏ حمراء

.............‏
تمنحين جسدك اسما آخر
واليد التي امتدت إلي أحمرك
معني سوقيا
قد يكون ما بينكما الآن
له رائحة الخيانة
قد يكون‏!‏
لكن الخيانة لا تأتي من الغرباء
أولئك الذين يديرون ظهورهم للعالم
حتي لا يسقطوا
تحت الأقدام الغليظة‏..,‏
كيف مشيت هذه المسافة
وأنت تحملين خطيئة غيرك ؟‏!‏
حتي أخجلتك‏'‏ سورة الحشر‏'‏
فناديت علي من ماتوا‏,‏
ودخلت الصورة وحيدة‏..,‏
أيتها النائمة
في سرير الخرافة
الدموع لا تحمي وردة من السقوط
والغرباء ودعاء جدا
يضيعون في المسافة
بين الصوت والصوت‏..,‏
ألأنه لم يسع لوصل صوت بين ضفتين
‏(‏كما فعل صديقه وديع سعادة‏)‏
تتركين الخيال الذي صنع علي عينيك
يذوي في الشرفة؟‏!‏
كان نظيفا كهواء
رأيته في غرفة العمليات
قبل أن تعلقي جسدك
بين الملابس الخضراء الحمراء الصفراء
وتقطعين الطريق إلي المستشفي
روحا بيضاء
لا تخافي
فالغرباء لن يروا شعرك الأسود
الغرباء طيبون
تأتيهم الخيانة من حائط
استندت ظهورهم إليه
ذات ليلة حمقاء
فسقطوا قبل الوصول
إلي شباك امرأة
تحب الله كثيرا
وتكره الغرباء
كثيرا أيضا‏!‏
محاولة للكتابة عن أرملة صغيرة
كأننا نتحدث كل من مكان
وكأن المسافة التي قطعناها في سنوات
عادت كما كانت
بدليل أنك تقولين الآن‏:‏

(‏ لا أستطيع أن أحتمل غيابك لليلة‏)‏
فأكتب‏:‏ بيت تسكنه امرأة وحيدة
وتكتبين‏:'‏ إنها حواراتي السرية مع السماء‏'‏
أحاول ترميم شروخ
أطلت من سقف البيت
ساعة أغلقت مسام روحك
بجسدي‏,‏
وطردت الوحشة من رأسك
بحواسي‏,‏
فهل فشلت
لأن الكلاب التي هششتها في الشوارع
عاودت النباح‏..,‏
وأنت عاودت الكتابة‏:‏
‏(‏لا تغالطني إذن بعد الليلة
حين أزعم أنني امرأة
وحيدة‏)‏
من الواضح أنني إنسان فاشل
لا يجيد التعامل مع النساء
فيدافع عن نفسه ببراءة ذئب
كأن يكتب عن تبدلات سيدة
وحيدة
وقفت أمام البحر
بوجه أرقته الرغبة
طوال ليلتين من السهر
وكتبت‏:‏
‏(‏رأيت الشمس تموت في حضن الفراغ
مثلي تماما
حين أذوب فيك‏,‏
قبلاتي لكل جزء منك
إلي أن أعود السبت‏)‏
لكن السبت لم يأت كالعادة
فقط كتبت‏:‏
‏(‏عندما أشعر بأنك
لن تكون لي
أبكي كثيرا أثناء النوم
لأن الحياة من دونك‏=‏ الموت‏)‏
وبمنطق الفاشلين
فكرت في حل
يتيح لي أن أكون في مكانين
فأمشي ليلا
إلي غرفة أسميتها‏'‏ بيت الأشباح‏'‏
أترك رأسي علي الوسادة
وظهري ممدد إلي جوارك
كفاي تتحركان بنعومة
لا تناسب عنفوانك
هواء الغرفة صار أنفاسي‏;‏
فاحتفظي بلهاثي
حتي أعود إلي شرايينك
معبأ برائحة جذور البرسيم
التي تستطيعين تمييزها
من بعيد‏..,‏
هل تحبين الليل
حين أنسلخ من نهاراتي الغبية
لأنام علي بحيرة من شبق
لا يحتمله جسدك؟
تخيلي أيتها الوحيدة
أن ما كتبته الآن مرشح لأن تلوكه الرياح
وأشباه الرجال الذين يعاودون السقوط
من سقف البيت ثانية
ولأنني مغرم بالاقتراحات
منذ ديواني‏'‏ بأكاذيب سوداء كثيرة‏'‏
وأفرح بدخول مفردة جديدة
إلي عالمي الصغير
أفكر في أن تكون تلك القصيدة
عن أرملة صغيرة
تتهيأ للنوم
بخطي ملولة‏,‏
تغادر حجرة المكتب‏,‏
وقبل أن يذهب الليل إلي بلاد بعيدة
تقف أمام باب الشقة
تنظر في العين السحرية
‏(‏لا أحد بالخارج‏)‏
مزلاج الباب ثابت في مكانه
تربت عليه بحنو
‏(‏ أنت حارسي الأمين‏)‏
صنبور الماء يهدد بالغرق
بات إصلاحه ضرورة
‏(‏هكذا تمتمت‏)‏
والهاتف لا يزال مرفوعا من الخدمة‏,‏
الأرملة الصغيرة تنتظر مكالمة من شخص ما
‏(‏ليست مهمة علي أية حال‏)‏
وبعينين ساهمتين
تمسح الحوائط مطمئنة
حسنا
كل شيء في مكانه منذ سنوات
كل شيء سيبقي علي حاله لسنوات
آن أن تستريح الأرملة الصغيرة
بعد يوم من الغضب علي موجهة الصحافة‏,‏ مدير المدرسة‏,‏ زملاء العمل‏,‏ زحام المواصلات‏,‏ ومن ثم التوقيع في دفتر التأخير يوميا‏,‏ واجبات الصغيرتين المدرسية‏,‏ طعام الأسبوع الذي يناسب ظروف سيدة عاملة‏.‏
المشاريع المؤجلة تنهض فجأة
تجلس علي كرسي
في الصالة
والأرملة الصغيرة تحاول إلغاء المسافة بين الأمكنة
ما ألذ الإسكندرية في الشتاء‏:‏
رائحة اليود
زخات المطر علي الكورنيش
وامرأة تهرب من البلل المثير
إلي صدر رجل
يحيط كتفيها بدفء ذراعيه‏..,‏
أف
الأرملة الصغيرة
صارت تكره الأفلام الرومانسية
بعد أن استعبدها حلم
في فيلم‏'‏ آيس كريم في جليم‏'‏
إنها الآن علي بعد خطوة من السرير
تتكلم بصوت له حفيف
تخشي أن يسمعه الجيران‏:‏
‏(‏الأحلام تروح وتجيء
تترك في الروح جروحا لا تلتئم‏)‏
تلك الأرملة الصغيرة
يجب أن تنام
فغدا ينتظرها يوم جديد من الغضب
علي الأشياء التي تبقي علي حالها‏..,‏
والذئب البريء
الذي يبحث عن بدائل
لقصيدة
عن امرأة
وحيدة
لا يزال يصنع الفخاخ
لاصطياد أحلام
باتت عصية علي المجيء‏!‏
سيرة ذاتية لشخص جدير بالكراهية
أربعون عاما من الحروب الصغيرة
وهو يفعل الأشياء ذاتها
يقطع الشوارع
بروح شاحبة
وكأنه علي شفا موت مجاني‏,‏
يلتقي ذات الوجوه
العائدة من معارك خاسرة‏,‏
إنه بائس
لا جديد لديه
يصحو يوميا في الظهيرة
يمسح عن وجهه
ست ساعات من النوم المتقطع
بالماء الفاتر‏,‏
ثم يبقي علي طرف السرير
مغمض العينين‏,‏
يخطو نحو المرآة
لا يري أحدا علي سطحها المصقول
ولا يثير ذلك لديه أدني اهتمام
فالمرآة لا تري
يزيل عن شعره غبار الكوابيس
محدثا نفسه‏:‏
‏(‏ كأنني أنام في الشارع
رائحة الشواء‏,‏ والدخان‏,‏ والضوضاء
في الخارج
تتسلل عبر النافذة‏,‏
وفي الداخل
يقاوم الصغار النعاس
بجلبة البحث عن كتاب ضائع
في مكان لن يصلوا إليه‏)‏
كأنه ينام في الشارع
منذ أربعين عاما‏,‏
شروده لا يغري بالاقتراب
يبدو مكتفيا بذاته
متصالحا مع نفسه‏,‏
وأن رأسه صارت عبئا علي كتفيه
لذا يتحرك بسأم نحو نهاية
يزعجه التفكير فيها
وهو في طريقه إلي المترو‏,‏
يذهب إلي عمله بشكل آلي
لا يفكر في شيء محدد‏,‏
يجلس إلي المكتب
يريح رأسه بين راحتيه للحظة
كما يليق بمحبط
يطالع أوراقا تحتفي بالرطانة
لا معني لما يفعله
ولا طموح لديه في الوظيفة‏,‏
اشتكي لصديقته إحساسه باللاجدوي
فصرخت‏:‏ إنها القصيدة‏..‏ اكتبها واسترح‏,‏
لنفترض أنه استجاب لا إراديا
لتلك الصرخة المفاجئة
طيب‏..‏ ماذا بعد ؟‏!‏
إنه يصحو وينام‏,‏ يتكلم ويصمت‏,‏
يلتقي وجوها ويودع أخري‏,‏
يتذكر وينسي‏,‏
يأكل ويشرب كواجب وظيفي
سأم‏..‏ سأم‏..‏ سأم
يدفعه إلي حافة الغثيان
تلازمه مقاطع من‏'‏ صلاح عبد الصبور‏':‏
كنا علي ظهر الطريق عصابة من أشقياء
متعذبين كآلهة
بالكتب والأفكار والدخان والزمن المقيت‏'‏
و‏:‏
‏'‏ يا صاحبي إني حزين
طلع الصباح فما ابتسمت ولم ينر وجهي الصباح‏'‏
أو‏:‏

'‏ كم أنت قاس موحش يا أيها الإله‏'‏
أحد أصدقائه لفت انتباهه
إلي أنه كثيرا ما يستخدم أدوات النفي
حاول البحث عن تفسير
وبالرطانة التي يمجها
تقمص هيئة شخص آخر
وقال‏:‏ يا عزيزي‏,‏ ربما يعود الأمر
إلي الرغبة في حذف الآخرين
أو الصراخ في فضاء مزدحم‏:‏ إنني وحيد
إنه يكذب
معتقدا أن الكذب يمنحه حيوية سرية
يفتقدها‏,‏
مع أن الموضوع بسيط للغاية
فهو إنسان سلبي
اعتاد حياة مملة علي مدار أربعين عاما‏,‏
لا يحب المفاجآت حتي لو كانت سارة
صديقته قالت له‏:‏
‏(‏ حارس الفنار العجوز‏,‏ أرهقه الترحال‏,‏
فارحمه‏,‏ وكافئه بامرأة ترتدي الأسود‏,‏
لكنها تري الوجود مزدحما بالألوان‏)‏
هي لا تدري أن أزمته الحقيقية في الإقامة
لا الترحال‏,‏
إيقاع حياته الرتيب
حرمه من شجاعة أن يمد إليها يديه‏,‏ حين وقعت كالذبيحة
بين أنياب الأبوة الزائفة للعم الجليل‏,‏ والأخ غير الشقيق‏,‏
وابن العم‏,‏ وصاحب البناية المتهالك‏,‏ ومدير المدرسة
المتصابي‏.‏
لابد أنها ألغت من برنامجها اليومي التفكير فيمن دعته
حارس الفنار العجوز‏,‏ فهو لا يختلف كثيرا عن هؤلاء‏,‏
فقط يستطيع أن يتحدث عن آليات الكتابة‏,‏ وحرية المحب
في أن يقبل محبوبته في ميدان عام‏,‏ حتي لو ثقب الرصاص
ظهره‏,‏ ثم يتحدث بصورة جارحة عن ثقافة آبائه‏,‏ التي
لا تنتصر لفكرة تعدد الزوجات‏.‏
إنه يستمرئ حالة الواحدية
التي عاشها عمره كله
كأنه قطار
إذا حاد عن مساره
وقعت كارثة
لقد نجت صديقته
رغم أن البدائل المتاحة أمامها
غير مقنعة
كانت ستدخل جحيمه الروتيني‏,‏
وكان سينصرف معذبا بقدرته علي ظلم نفسه
والله‏!‏
أحيانا
يراه الواحد شخصا جديرا بالرثاء
وضعوا حياته بين يديه‏,‏
وقالوا له‏:‏ كن كما تشاء
لكنه لم يكن‏,‏
واكتفي بالبكاء علي أربعين عاما تولت‏,‏
أمامه فرصة أخيرة
لو أنه يجرؤ علي إتيانها
احقيقة أنه هو نفسه يفكر فيها
من آن لآخر
فماذا يضيره لو أنه تخلص من أسماله‏,‏ ومشي عاريا‏,‏
ينام علي شاطئ بحر أو رصيف‏,‏ يمشي في صحراء‏,‏
أو يمكث تحت شجرة في حديقة عامة‏,‏ وبمرور الوقت‏,‏
يصير جزعا لها‏.‏
لكنه جبان
لا يجيد التصرف في حياته
ولذا
سيظل يبكي أربعين عاما من الحروب الصغيرة
وحبيبة ضيعها تحت ذرائع تافهة
مثل تناقضاته الخفية‏,‏
وثقافة آبائه
الذين لم يعيشوا الحياة أصلا‏!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.