لقد اثبتت الدراسات والأبحاث علي توتر العلاقات بين أكبر اقتصادين آسيويين علي خلفية الأزمة التي سببها احتجاز اليابان لزورق صيد صيني قرب جزر يتنازع الطرفان السيادة عليها, تستعد الصين لتسيير مظاهرات مناهضة لليابان اليوم وهو يوافق الذكري79 لاحتلال اليابان لمناطق شرق الصين. الأمر الذي يثير المخاوف من تكرار المظاهرات المعادية لليابان والتي اندلعت عام2005 احتجاجاعلي تدشين مناهج دراسية يابانية جديدة لتاريخها الاستعماري في المنطقة وتخللتها آنذاك أعمال عنف. كانت طوكيو قد أفرجت عن14 من الصيادين الصينيين بعد ضغوط قوية من بكين, إلا أنها احتفظت بربان قارب الصيد الصيني الذي اصطدم بزورقين تابعين لخفر السواحل الياباني في السابع من سبتمبر الجاري قرابة جزر صغيرة متنازع عليها في بحر الصين الشرقي, بعد إجازة إحدي المحاكم اليابانية تمديد فترة احتجاز الربان الصيني بتهمة تعمد صدم زورقي خفر السواحل اليابانيين وإعاقة مسئولين حكوميين عن أداء مهامهم. وتسمي اليابان تلك الجزر سنكاكو وتسميها الصين دياويو وتدعي ملكيتها وتتهم اليابان بعدم إعادتها إليها بعد الحرب العالمية الثانية وانتهاء فترة الاحتلال الياباني لأراضيها. وكانت اليابان قد اعتذرت الشهر الماضي علي لسان رئيس وزرائها ناوتو كان عن ذلك الحكم الاستعماري, وذلك قبل نحو أسبوعين من الذكري المائة لضم كوريا إليها. ويري الخبراء والمحللون أن الأزمة الدبلوماسية الحالية بين الصين واليابان جاءت في أجواء شديدة التعقيد بالنسبة للعلاقة بين الجارتين, فبدون اتفاق مكتوب أصبحت الصين واليابان حليفين اقتصاديين يحتاج كل منهما الآخر وإن بدرجات متفاوتة, في الوقت نفسه فإن الملفات السياسية الشائكة بين البلدين مازالت مفتوحة لتثير المشكلات من وقت لآخر. ويعتقد هؤلاء أن مثل هذا التحالف الاقتصادي بين الجانبين, قد يساهم في تجاوز الأزمة الناشئة بينهما, مستندين في ذلك إلي الحوار الاقتصادي الصيني الياباني الثالث والذي عقدت جولاته في بكين في الثامن والعشرين من أغسطس2010. ويهدف إلي تعزيز التنسيق الثنائي بين ثاني وثالث أضخم اقتصادين في العالم, وكانت الصين انتزعت ترتيب اليابان كثاني أكبر اقتصادات العالم خلال الربع الثاني من العام الجاري. واتفقت اليابان والصين خلال هذا الحوار علي تعزيز التبادل التجاري بينهما, خاصة بعد أن شهدت المبادلات بين أقوي اقتصادين في آسيا تراجعا ملحوظا إثر الأزمة المالية العالمية. وأشار نائب رئيس الوزراء الصيني وانغ كيشان إلي أن الجانبين تعاونا بنجاح في مجالات توفير الطاقة وحماية البيئة والأمن الغذائي وإنشاء المنطقة التجارية الحرة بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية, مؤكدا علي أن العلاقة بين الاقتصادين الصيني والياباني هي علاقة اعتماد متبادل, حيث تجاوز التبادل التجاري بين البلدين حاليا المعدلات التي كان عليها قبل الأزمة المالية العالمية. وارتفع حجم التجارة بين طوكيو وبكين من مليار دولار في عام1972 إلي نحو267 مليار دولار خلال عام2008, غير أن الأزمة الاقتصادية العالمية في العام الماضي أدت إلي تراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة تجاوزت14%. ويشير خبراء الاقتصاد إلي أن التحالف الاقتصادي بين اليابان والصين, لا تدعمه فقط تلك الحوارات الاقتصادية, وإنما تزيد من قوته وفعاليته الاستثمارات والتبادلات المشتركة بين البلدين, فالشركات اليابانية أصبحت ثالث أهم مستثمر في الصين بعد رجال الأعمال الصينيين الذين يعيشون خارج الصين والشركات الأمريكية. ففي عام2004 بلغت الاستثمارات اليابانية في أسهم الشركات الصينيةأكثر من66 مليار دولار. وقد جاءت الاستثمارات اليابانية إلي الصين علي ثلاث مراحل: الأولي جاءت في الثمانينيات وكانت مجرد محاولة لجس النبض. وبدأت الموجة الثانية من الاستثمارات اليابانية في الصين خلال الفترة من عام1993 حتي1995 عندما بدأ الاقتصاد الصيني ينمو بمعدل مرتفع. ورغم ذلك ظلت الاستثمارات اليابانية محدودة سواء من حيث الحجم أو من حيث المجالات التي تعمل فيها.