زيارة الرئيس مبارك لباريس قبل توجهه لواشنطن لحضور إطلاق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تكشف عن الروابط التي تحكم العلاقة الاستراتيجية التي تربط بين بلدين, والروابط التي تربط بين قياديتين, كما أن التوقف في باريس للتشاور مع الرئيس الفرنسي يعبر عن هذه الحقيقة, فمصر كدولة محورية في المنطقة تلتقي هنا بفرنسا العضو المهم والمؤثر في الاتحاد الأوروبي, والشريك في الاتحاد من أجل المتوسط, وذلك في إطار البحث عن السبل الممكنة لدفع المفاوضات المباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. الاتحاد الأوروبي علي الرغم من علاقاته الوثيقة بالمنطقة وعلي الرغم من أن نحو70% من تجارة إسرائيل الخارجية مع الاتحاد الأوروبي, وعلي الرغم من أن الاتحاد الأوروبي هو الذي يدفع نصيب الأسد علي حد تعبير برنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي في المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية إلا أن دول الاتحاد غائبة عن إطلاق المفاوضات المباشرة, وقد تكون هذه الزيارة للتأكيد علي الالتزام الأوروبي بدعم وإنجاح هذه المفاوضات. المباحثات بين الرئيسين تتناول بالتأكيد هذه السبل لدعم المفاوضات والدور الأوروبي في هذا الموضوع من أجل التوصل لاتفاق سلام, كما تأتي هذه المفاوضات في إطار التزام فرنسا باستضافة المؤتمر الثاني للمانحين من أجل الدولة الفلسطينية المستقبلية, وبشكل آخر يمكن أن تكون هذه الزيارة تعويضا نسبيا أو جزئيا عن غياب أوروبا عن إطلاق المفاوضات المباشرة. بعد المفاوضات سينطلق الرئيس إلي واشنطن, وأجد أنه من المناسب الإشارة إلي ما ذكرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن القلق الذي يسود الخارجية الإسرائيلية من المشاركة المصرية والأردنية في المفاوضات, حيث إن نتانياهو كان يريد مفاوضة الرئيس الفلسطيني مباشرة ودون مرجعية مصرية أو أردنية. إن مشاركة مصر في هذه المفاوضات الصعبة وغير المضمون نجاحها هو شكل من أشكال إعادة المشكلة الفلسطينية إلي الحاضنة العربية التي تقوم مصر بالدور الرئيسي والمحوري فيها.