ساعات قليلة ويهل علينا شهر الصوم المبارك وغدا نتنسم عبق رمضان وتغلفنا لياليه الكريمة وتحيط بنا نفحاته الطيبة. وتصفو النفوس وتخشع القلوب وتلهج الألسنة بالدعاء ان يجعله شهرا مليئا بالخير والبركات ويأتي الشهر الفضيل كعادتنا التي طبعنا بها ايام الصوم وقد احتشدت البرامج الرمضانية سواء المسموعة منها أو المرئيه لتملأ السماوات المفتوحة والفضائيات التي بلا حصر بعديد المسلسلات والكثير من برامج المسابقات والحوارات وكأن الشهر الفضيل ما يأتي كل عام الا لنجعل منه مجالا لمثل هذه البرامج التي لو وزعت علي شهور العام كله لما كان هناك من فراغ أو ملل ولأصبحت الخريطة البرامجية في حالة من التوازن. فمن العجيب مثلا ان تبث الشاشات العشرات من المسلسلات في رمضان فقط في حين انها علي مدار الشهور التالية تظل تعيد وتجتر هذه المسلسلات, ومع ذلك فإننا نقدر الجهد المبذول من ابناء الاذاعة والتليفزيون حيث شمروا عن سواعدهم منذ بضعة شهور يفكرون ويخططون لبرامج الشهر الفضيل وأزعم ان الاذاعة بشبكاتها المختلفة ستفاجئنا ببرامج مبهرة فيها من الجدة الشيء الكثير ولعلي اقف امام احدالبرامج التي ستقدمها شبكة الاذاعات الاقليمية التي سينهمر منها خير عميم علي آلاف الأسر في كل المحافظات فقد اتفقت رئاسة الشبكة مع أهل الخير علي ان تصاحبهم في توزيع صدقاتهم علي المحتاجين فهي اذن مجرد ناقل لعملية التوزيع فقط لاغير في حين يقوم بالتوزيع أهل الخير بأنفسهم بعد ان تكون كل اذاعة اقليمية قد دلتهم علي الاسر المحتاجة بعد فحص دقيق مع المسئولين في المحافظات والجمعيات الاهلية, ويقول الاذاعي اسماعيل الشنشناوي رئيس الشبكة ان صدقات هذا العام بلا حصر وبلغت من الاموال والصدقات العينية ما يصل الي خانة عشرات الملايين من الجنيهات, ونعود الي الشهر الفضيل والطقوس التي دخلت عليه في مجال الاعلام فهناك كما قلنا عشرات المسلسلات التي سيحتار المشاهد أيا منها يختار وسيتشتت ذهنه ويلهث وراء هذا المسلسل وذاك ثم هناك برامج المسابقات وهي كثيرة وأغلبها غث وهدفها الربح عن طريق الاتصال التليفوني والمشترك في السباق يدفع ويكسب أصحاب البرنامج الي غير ذلك عن البرامج التي تتوه أثناء البث فمن مثلا يتعلق بالشاشة أثناء تناوله الأفطار ومن سيترك صلاة المغرب والتراويح ليجلس امام التليفزيون أو بجوار الراديو يشاهد ويسمع إضافة الي الاعلانات التي بلا حصر التي تصدع الرؤوس وتزهق النفوس ولعلي أعود بذاكرتي الي مطالع خمسينات القرن الماضي عندما كانت الاذاعة تستقبل الشهر الفضيل بالتعظيم والتهليل وكانت تعد العدة له قبل مجيئه بأسابيع عديدة ولكن الاذاعة لم تكن تلاحق المستمع آناء الليل وأطراف النهار كان هناك توازن في البرامج واحترام لقدسية الشهر الفضيل مثلا كان الارسال الاذاعي في رمضان يتوقف عقب أذان المغرب, وكان المذيع منا ينهي فترة الارسال عقب انهاء الأذان علي وعد منه للمستمع باللقاء عند أذان العشاء كانت هناك فسحة من الوقت تصل الي حوالي ساعة وثلث الساعة تترك للمستمع لكي يتناول إفطاره ويؤدي صلاته ويستريح بعض الشيء وعند حلول موعد أذان العشاء كان الارسال يبدأ لتستمر البرامج حتي اذان الفجر وعقب صلاة الفجر تتوقف الاذاعة لتعود في الساعة السادسة والنصف من الصباح وأزعم اننا لوعدنا الي هذه القاعدة التي ظلت الاذاعة تتبعها حتي قبيل منتصف الخمسينات لما اهدرنا الكثير من الطاقة والنفقات في بث برامج قد لايتابعها الا الأطفال لأن بقية افراد الاسرة مشغولون في تناول افطارهم واداء فروض دينهم ولكن هيهات هيهات فالزمن تغير والاعلانات فرضت نفسها علي الاعلام ولم يعد ممكنا العودة الي الوراء. وكل عام وانتم بخير