منطقة عمليات

مصارعة الثيران بقلم : د‏.‏ محمد عبدالسلام

ماذا حدث لكي يتم تغيير تقاليد قديمة‏,‏ ارتبطت بها صورة بلد كامل مثل إسبانيا؟ فهناك تمرد من جانب بعض المقاطعات علي الاستمرار في ممارسة الرياضة الأكثر شعبية فيها‏,‏ وواحدة من أشهر الرياضات المثيرة في العالم‏ وهي مصارعة الثيران‏,‏ التي ارتبطت بإسبانيا لدرجة أن تعبير‏'‏ الماتادور‏ وهو مصارع الثيران أصبح الوصف السائد لفريق إسبانيا القومي‏
ولشركات إسبانيا الكبري‏,‏ ولجزء من شخصية الدولة‏,‏ علي الرغم من أن شخصية المصارع لم تعد أفضل تعبير عن واقعها الحالي‏.‏
كلمة السر الأولي هي الشعبية‏,‏ فلقد كانت المسألة محل نقاش هناك‏,‏ وكان النقاش يحتدم مع كل واقعة مؤسفة تقع لأحد المصارعين‏,‏ كما حدث عندما اخترق قرن ثور فم مصارع أخيرا‏,‏ ولم يعد مقبولا من الناحية النفسية لدي كثيرين أيضا‏,‏ أن يشاهدوا تلك اللقطات الأخيرة التي تمر بها حياة الثيران‏,‏ عندما تتكاثر الأسهم في ظهورها‏,‏ ثم تترنح وتسقط علي الأرض‏,‏ ووفقا لعريضة تقدم بها نحو‏180‏ ألف شخص من مواطني مقاطعة كتالونيا الشهيرة‏,‏ فإنها رياضة‏'‏ ذات طابع همجي‏,‏ عفا عليها الزمان‏'.‏ والأهم أنها فقدت الكثير من شعبيتها في السنوات الأخيرة‏,‏ كما تشير أرقام‏'‏ شباك التذاكر‏'.‏
لكن الطريقة التي يتم بها إنهاء التقليد القديمة ملفته للانتباه أيضا‏,‏ فلم يتم بحث إنهاء هذا الوضع علي المستوي القومي مرة واحدة‏,‏ وترك الأمر للمقاطعات وفق ظروفها‏,‏ فهناك نشاط اقتصادي كامل يعتمد عليها‏,‏ فيما يتعلق بتربية وتدريب الحيوانات‏,‏ وفرق إعداد المصارعين‏,‏ وإدارة حلبات اللعبة نفسها‏,‏ كما لايعلم أحد هل سيفضل السائح زيارة إسبانيا بدون ثيران أم لا‏,‏ وتثبت بيانات التصويت في برلمان كتالونيا‏(68‏ صوتا مقابل‏55‏ صوتا مع امتناع‏9‏ عن التصويت‏)‏ أن القرار كان شديد الصعوبة‏,‏ وأن المسألة لم تكن حاسمة‏,‏ خاصة مع وجود واحدة من أكبر الحلبات في برشلونة‏.‏
إن ما أدي نسبيا إلي تمرير القرار بتلك الصورة‏,‏ هو أنه لم يتم التعسف في التنفيذ‏,‏ إذ تم تأجيل ذلك إلي عام‏2012,‏ لكي تتاح الفرصة لاقتصاديات اللعبة لكي توفق أوضاعها في اتجاهات أخري‏,‏ ويقينا ستمثل تلك المهلة فترة رواج غير عادية‏,‏ باعتبار أنها ستكون الفرصة الأخيرة لكثيرين لرؤية ما لن يشاهدوه بعد ذلك‏,‏ وبالتالي سيتم توفير أموال كافية لإحداث التحول‏,‏ كما أنه في النهاية ستصبح تلك الحلبات متاحف للزيارة كذلك‏,‏ كما هو الحال في حلبة المصارعين الكبري‏,‏ التي تعد أشهر معالم روما‏,‏ والتي كانت تشهد يوما ما‏,‏ مقتل مصارعين بشر علي الهواء‏,‏ أو قبل أن يظهر‏'‏ الهواء‏'.‏
‏abdelsalam@ahram.org.eg‏