أنهيت صلاة العشاء واتجهت إلي والدتي التي كانت تتتمتم شفتاها بالدعاء لي وهي تراقبني في أثناء الصلاة وقبلت يديها مبتسما وقلت لها إن دعاءها المستمر هو الوقاية التي لاتقهر في عملي الخطر وأذكر أن صوت أمي في هذه اللحظة ارتفع بآيات الحفظ والحماية وألقيت دعابة هنا وهناك مع أخي واتجهت مكملا طريقي إلي غرفتي استعدادا للمهمة الملقاة علي عاتقي مع زملائي. هكذا بدأ الملازم أول محمد طه هاشم الضابط بقطاع العمليات الخاصة حديثه للأهرام المسائيعن اصابته أثناء القبض علي تكفيري المرج في واقعة تفجير الإرهابي جسده أمس, ومن غرفته رقم503 بمستشفي الشرطة بمدينة نصر بالدور السادس اعتدل الضابط وخرج صوته بطيئا يروي التفاصيل المثيرة التي لم تمر عليها سوي ساعات, وقال من عاداتي أن أبدأ يومي بقراءة آية الكرسي فور خروجي من المنزل, وقبل أي مأمورية أدعو بدعاء الاحتساب وأن يكون عملي خالصا لوجهه الكريم. وأذكر أني بدأت الاستعداد للمأمورية في تمام الساعة الثانية والنصف وكانت بالتعاون والتنسيق مع ضباط الأمن الوطني وضباط مباحث قسم المرج والزملاء من العمليات الخاصة. بعد ورود معلومات مؤكدة بوجود أحد العناصر الإرهابية القتالية المطلوب ضبطها وإحضارها بعد العديد من عمليات البحث والتحري بإقامتها بعقار في منطقة المرج, وسكت الضابط يسترد أنفاسه ثم خرج صوته عاليا وهو يقول علمت أن المتهم مطلوب ضبطه لقيامه بقتل أمين شرطة ومجند بقسم شرطة النزهة ولاستيلائه علي طبنجة الشهيد بعد مصرعه, وحسب الخطة بدأ الوصول إلي العقار المحدد في تمام الثالثة صباحا, وبالتنسيق مع الزملاء الضباط بعد دقائق معدودة كنا نقف أمام أسرة المتهم داخل شقته وفوجئنا باختفائه, ونفت زوجته وولده وابنته رؤيته أو علمهم بمكانه, وأثناء بحثنا في المكان لاحظنا أحد النوافذ مفتوحة علي مصراعيها, وأسفلها شبشب وبدراسة الموقع تبين أن النافذة تصل إلي السطح وبالإنصات تناهي إلي مسامع جميع الضباط صوت أقدام تجري أعلي البناية, وعلي الفور هبطنا إلي الشارع للاتجاه للقبض علي المتهم عبر سطح العقار المجاور وصمت الضابط محمد طه واعتدل لفتح ذراعيه شارحا تفاصيل اصابته في الحادثة قائلا: صعدت مع زميلي النقيب معتز والملازمين أحمد البشاري وأحمد سيد إلي سطح البناية المقابلة وشاهدنا خياله يتحرك بالرغم من الظلام الشديد فأيقنا بوجوده ومحاولة هروبه, فتحركت خطوة إلي الأمام وسمعت صوت طلقات فالتفت فلمحنا المتهم يقف خلف سور صغير فصحت به أثبت مكانك لكنه أطلق طلقتين بالفعل في اتجاه زميلي النقيب معتز, فأطلقت عليه أكثر من رصاصة وأصابته إحداها ففوجئنا به بعد اصابته بالطلقة الأخيرة يترك سلاحه الناري وهو طبنجة ويفتح ذراعيه ويشد بيده شيئا ليتحول السطح إلي كتلة نارية أضاءت المكان ويتطاير جسده إلي أشلاء علمنا من زملاء البحث الجنائي أنها تطايرت إلي مئات الأمتار وشعرت أن جسدي ينزف دما وعندما أطمئننا بعدم وجود أي مرافق أو شريك له بدأت في النزول ومن شدة الحماس وسخونة الجسد جراء المواجهة مع الإرهابي نقلتني أقدامي مع الزملاء إلي أسفل العقار وما إن هبط معهم حتي هويت قدماي وسقطت أرضا من شدة الإصابة ولم أدر بنفسي إلا علي فراش المستشفي بين زملائي وأسرتي في هذا المكان, وعلمت من الأطباء أن إصابتي عبارة عن شظايا في الرأس وخدوش بالوجه وكدمة في الساعد الأيمن ولا أملك إلا حمد الله ولكني أسجل دهشتي فيما يعتقده التكفيريون حتي يصل بهم الأمر بتفجير أنفسهم والأبرياء من حولهم من دون أي ذنب. وختم حديثه وصوت أمه بجواره يرتفع بعبارة حسبي الله ونعم الوكيل. رابط دائم :