نثرت الشمس أشعتها علي منطقة غرب الكوبري بمدينة سوهاج وتنسمت الفتاة الصغيرة هواء الصباح و خرجت إلي فرن العيش الذي لا يبعد عن المنزل سوي خطوات دون حتي أن تغسل وجهها بشعر منكوش محكمة قبضتها علي قطع النقود المعدنية لشراء الوجبة اليومية من الخبز للأسرة بعد أن أكدت عليها والدتها عدم التأخير لكي يظل الخبز ساخنا طازجا عقب شراء الفول والطعمية إتماما لمهمة عمل يومية تقوم بها الطفلة هدير ذات الخمس سنوات. لم تتمتع هدير بكثير من الحرية في اللعب مع أقرانها إلا أن والدتها لعبت دائما دور حائط الصد ضد طوفان الأب وجبروته في التعامل مع هدير وشقيقاتها, حيث إنه كان يعامل بناته بسوء, بخلاف ما يلقاه الولد الوحيد من دلال ونعيم معه وكانت الأم دائما ما تندد بأفعال السب والإهانة التي كان ينتهجها مع بناته حيث كانت دائما ما تردد: ربنا هيديك بنات كتير كل ما تعترض علي نعمته بكرهك لخلفتهم. كانت هدير دائمة الشكوي من الأب إلي الأم في كل كبيرة وصغيرة خاصة عندما يقوم الأب بالنيل منها بالضرب أحيانا و بالسباب والشتائم أحيانا أخري وكانت الأم دائما ما تخفف عن الطفلة بقولها: أبوكي تعبان في المعيشة في إشارة إلي ضيق الحال ولم تكن الصغيرة تقتنع بتلك الكلمات رغم صغر سنها لأنها كانت تقارن بين أبيها وبين آخرين من آباء من هم في مثل سنها من بنات الجيران. كان الأب عمر جاحدا لأسرته يراهم مصدر تعاسته وكان لديه اعتقاد شيطاني بأنهم سيكونون مورد هلاكه لا محالة مستقبلا ولذلك فعليه ألا يهتم بهم ويصب رعايته لنفسه فقط مكرسا كل وقته لجمع الأموال بكل ما أوتي من قوة. وفجأة قرر سرقة جاره الثري الذي عمل لسنوات في ورشة ميكانيكا حتي توسعت مهنته وتجارته وأصبح لديه مركز كبير لصيانة وغسيل وتجارة للسيارات رغم أن ذلك الجار له فضل كبير علي عمر الذي عمل معه لفترة كبيرة كان يتقاضي خلالها أموالا طائلة ورغم ذلك كان دائم الشكوي من الفقر وضيق الحال وبعد تفكير عميق توصل إلي أن السرقة لن تكون طريقة جيدة للحصول علي الأموال وأعاد التفكير في الأمر مرة أخري. وبعد ثلاثة أيام شعر خلالها عمر بأن الحصول علي الأموال لابد أن يكون عبر خطة جيدة لابتزاز جاره الثري فهداه شيطانه إلي اللجوء إلي أحمد نجل عمته الذي يعتبره أقرب صديق له وفكرا سويا حتي توصلا إلي خطة يعجز الشيطان عن التفكير فيها. تفاجأت هدير بسلوك والدها اللين علي غير العادة يوقظها من نومها ويخبرها بأنه يرغب في أن تذهب معه إلي السوق لكي يجعلها تري الملاهي البدائية التي وضعها أصحابها في آخر السوق والتي كثيرا ما طلبت الطفلة الذهاب إليها ووضع الأب شرطا للطفلة عليها أن تلتزم به وهو ألا تخبر والدتها فوافقت الطفلة علي الفور ورضخت لرغبة الأب. وفي دقائق هبطا سويا من الدور الثالث بمنزلهم واستقلا سيارة الميكروباص وتظاهر الأب بالمفاجأة عند رؤيته لنجل عمته أحمد الذي قابلهما بابتسامة صفراء وطلب من الأب عدم دفع الأجرة وفي غضون دقائق قليلة كانا سويا في منزل أحمد نجل عمته وشريكه في الخطة وببرود شديد فتح أحمد باب منور صغير في منزله الجديد تحت الإنشاء الواقع في منطقة نائية علي أطراف المدينة حينها بدأت الفتاة تسأل عن مواعيد الذهاب إلي السوق وعن أسباب تواجدهم في ذلك المنور المهجور حتي بدأت في البكاء وهنا انقلب الأب إلي شيطان وصفعها ليسكتها وشعرت بأنها بين شيطانين والتزمت بأوامرهما. خرج الأب وشريكه تاركين الطفلة في المنور بعد أن أحكما إغلاق المكان وبدأ الأب في تنفيذ مخططه بأن تظاهر أمام الجميع بتغيب نجلته الصغيرة وهرع إلي قسم الشرطة يحرر محضرا بتغيبها وبعد يومين من البحث كان الأب قد اتهم جاره الثري بخطف الطفلة مما أصابه بالذهول من هول المفاجأة بأن تأتي له الطعنة من رجل عطف عليه وشغله معه في ورشته. بدأ أحمد في تنفيذ المخطط بأن قام بالاتصال بجمال الميكانيكي الثري وطلب منه100 ألف جنيه مقابل إعادة البنت لأسرتها وتبرئته من تهمة خطفها في محاضر الشرطة. وبعد أن حكي جمال للشرطة ما حدث تتبع رجال المباحث الهواتف المحمولة وطالبوه بمماطلة المتهم حتي يتم التوصل إليه وضبطه. فوجئ الأب بثبات جاره جمال وعدم خشيته من التهديد له بالسجن بعد اتهامه بخطف الطفلة هدير التي بدأت في نوبة بكاء متواصل في محاولة لاستعطاف والدها وصديقه من أجل إطلاق سراحها إلا أن الأب ضاق ذرعا ببكائها وخشي أن يفتضح أمره فيكون مصيره السجن فبدأ في إرهابها بضربها ضربا مبرحا إلا أن بكاءها لم ينقطع بل زاد أكثر حتي سدد لها طعنه بمطواة فقتلها. استكمالا للمخطط الشيطاني قرر الأب قص أجزاء من شعر طفلته وقرطها الذهبي وكلف أحمد شريكه بوضعهما داخل سيارة الميكانيكي لإلصاق التهمة بجمال حتي يتم القبض عليه وتلتصق به الجريمة. وخلال أيام معدودة من البحث ومراقبة الهواتف المحمولة تمكن رجال المباحث من فك طلاسم القضية وعثرت الشرطة علي جثة الطفلة داخل منزل أحمد وسقط القناع عن الأب المجرم الطماع وشريكه بعد أن اعترفا أمام رجال المباحث بجريمتهما. كان اللواء إبراهيم صابر مساعد وزير الداخلية مدير أمن سوهاج قد تلقي بلاغا من عمر احمد عبد اللاه يفيد بغياب نجلته هدير5 سنوات وتلقيه اتصالا هاتفيا من شخص مجهول يطلب فدية مقابل إعادتها وعثوره علي جثتها داخل منور منزله. تم تشكيل فريق بإشراف العميدين حسين حامد وعصمت أبو رحمة مدير ورئيس المباحث الجنائية للتوصل للجناة, حيث تم فحص علاقات وخلافات الطفلة وتجنيد المصادر السرية وتواصلت تحريات المباحث إلي أن وراء الجريمة والد المجني عليها وأحمد جمال الدين نجل عمته. وأضافت التحريات بقيام والد الطفلة بالادعاء بخطف المجني عليها ومحاولة إلصاق الواقعة للمدعو جمال عشري35 سنة ميكانيكي لابتزازه وطلب منه مبالغ مالية مقابل التنازل عن اتهامه وفي سبيل تنفيذ مخططهما قاما بشراء عدد ثلاث شرائح تليفون هاتف محمول لاستخدامها في الاتصال بأشقاء أمها وطلب مبالغ مالية منهم مقابل إطلاق سراحها. وأضافت التحريات أنه أثناء قيام الأول بإخفاء المجني عليها بمخزن خال بعقار ملك شريكه في الجريمة ولدي قيامها بالصياح والاستغاثة تخلص الأب منها وقتلها ثم عاد وتقابل مع المتهم الثاني وابلغه بما حدث. وتم إعداد عدة أكمنة للمتهمين وضبطهما وبمواجهتهما اعترفا بارتكاب الواقعة وأكدا قيام الأول بتسليم الثاني القرط الذهبي وتوكة الشعر الخاصة بالمجني عليها ووضعها داخل سيارة جمال عشري لإلصاق التهمة به وأضافا بقيام الأول بالاتصال بشقيق زوجته من أحد الشرائح الهواتف المحمولة التي تم شراؤها وإبلاغه باختطاف المجني عليها وقاما بالإرشاد عن ثلاثة هواتف محمولة وثلاث شرائح وتبين من الفحص استخدام تلك الشرائح علي الهواتف المضبوطة بالاتصال بخال المجني عليها وطلب فدية مقابل إطلاق سراحها. تم تحرير محضر بالواقعة وأخطرت النيابة فقررت حبسهما4 أيام علي ذمة التحقيق رابط دائم :