في جو من الهدوء أو السكون الداعي للقلق وثبات كل شيء من حولي ظهرت حركة بسيطة ولكن كانت هذه الحركة هي مدي الإحساس بالانتظار والتشويق والقلق. وكانت هي حركة عقارب الساعة التي أحسست في ذلك الوقت أنها أخذت في التباطؤ وكأنها طفل عائد إلي بيته يحمل نتيجة غير مرضية لوالديه. حاولت الهروب من يلك العقارب إلي أي شيء يضيع الوقت حتى يأتي لميعاد المنتظر وهو ميعاد اتصالها حسب ما وعدتني بالرد علي في تمام الساعة السادسة وكان ذلك اليوم هو أطول أيام حياتي حتى أني أحسست أن الأرض توقفت عن الدوران حتى تقلقني ومرت الثواني والدقائق المتكاسلة تتوكأ علي بعضها البعض حتى دقت السادسة. وكأني لم أري الساعة في هذه الصورة من قبل كانت في أجمل منظر رأيته في حياتي وكانت دقات الساعة ما هي إلا أجمل لحن سمعته أذناي وأنعش قلبي وأعاد إليه النبض الجميل وكأنه يرقص فرحا بهذه الدقات التي انتظرتها طويلا ولكن لم يدق جرس الهاتف وذلك ما دعاني للقلق وفكرت في أشياء كثيرة! أولها أنها لن ترد علي وهذا يعني الرفض وثانيها أن هذه الساعة غير مضبوطة ورجحت الأخيرة لعلي أتعلق بأمل حتى لا أبدأ الألم والعذاب مبكرا فأحضرت جهاز الراديو لأحاول أن أعرف منه الساعة ولكن تذكرت بأني لن أتأكد منه إذ يجب أن أنتظر حتى السادسة والنصف وكان الوقت في تلك اللحظات سريع جدا حتى فاض بي الغضب وأخذ يخرج علي تصرفاتي حتى أني اتصلت بالساعة الناطقة ولم أرفع سماعة الهاتف! وأنا أكرر ذلك العمل الأحمق دق جرس الباب فقلت من أتي في تلك اللحظة السيئة؟ من جاء ليحمل معي كل تلك المشاعر المليئة بالألم وفقدان الأمل أيقظني ذلك الجرس وكأنه ناقوس يدق ليصحوا الغافلون حتى لا يجرفهم السيل ويضيعوا في بحر الهموم. وجمعت قواي حتى استطعت أن أصل إلي الباب ونظرت من العين بالعين التي امتلأت بالدمع لأري من الطارق ولم أري أحد وكأن أحد دق الباب ليوقظني ويذهب إلي طريقه وهممت بالرجوع ولكن! دق الجرس مرة أخري وفتحت الباب وإذا بها تقول (إيه مش عاوز تفتح لي الباب ولا إيه؟) وفي وسط ذلك الذهول قلت لها بلهجة شديدة اللهفة (إيه الأخبار؟ قالت. اطمئن اعتبر نفسك استلمت الشغل!). محمود عبدالعليم الزكي العمار الكبري - القليوبية رابط دائم :