تسللت ابتسامة عابثة إلي وجه التاجر وهو يسحب هاتفه المحمول من جيب سترته ونظر إلي شاشته وازدادت ابتسامته وهو يضغط زر الاجابة, وبدأ الاستماع إلي محدثه الذي كان يصف له فرسا وقع عليه ومرت الدقائق وعبارات الاعجاب والانبهار تخرج من فم التاجر, وأنهي المكالمة بالاتفاق علي موعد المشاهدة حتي يختار ما يريد, وبعد فترة أنهي تدخين الشيشة علي المقهي الشهير المجاور لنشاطه التجاري الواسع بمنطقة الساحل, وقام متجها إليه وهو يشعر بالرضا في قرارة نفسه علي اتفاقه مع الميكانيكي علي اللغة الخاصة بينهما في أحاديثهما التليفونية, لتغطية ممارسته للمتعة الحرام حتي لا ينكشف أمره, ومر اليوم علي التاجر وهو يمني نفسه بقرب منتصف الليل ليعود إلي رذيلته, وأخذت الأحلام تداعب خياله والأوصاف التي ذكرها سليم تسلب لبه, وقبل منتصف الليل بساعة وضع هاتفه الخاص أمامه وركز بصره عليه في انتظار رنين الميكانيكي حسب الاتفاق, وبعد نصف ساعة ارتفعت النغمة المميزة لهاتف التاجر فانتفض مسرعا وأوصي عماله بالانتباه جيدا وغلق الأبواب عقب انصرافه, واتجه إلي شقته الفاخرة, وأسرع يعد أدوات سهرته الماجنة ومرت دقائق وعادت ترتفع النغمة المصاحبة لظهور اسم الميكانيكي علي هاتف التاجر للمرة الثالثة في هذه الليلة, فقام بهدوء من مكانه ونحي طبق الفاكهة جانبا واتجه صوب باب الشقة التي انبعثت موسيقي ناعمة حول اطاره من السماعات الدقيقة الملتصقة به, وانفرج الباب وظهر سليم أخيرا وأحني رأسه في حركة تمثيلية داوم علي اتفاقها, مشيرا لمن خلفه بالدخول وفجأة سد مدخل سيدة ترتدي العباءة الخليجية يفوح عطرها مزكما للأنوف, وفي حركة مدروسة دلفت مسرعة في خطوات واسعة إلي الصالون من دون أن تلفت إلي التاجر الذي كان سليم يرمقه في خبث حتي التقتت نظراتهما فأسرع التاجر يدس المعلوم في يده المفتوحة واقتاده حتي الخارج مودعا وهو يغلق الباب خلفه بالمفتاح, وأسرع يتجه لمن تنتظره في الداخل.. هكذا كانت أيام وليالي التاجر شديد الثراء الذي لم يكن يعتمد علي سليم وحده لتوريد الساقطات بل عرف من تلوثوا بالرذيلة جنيهاته وعرفوا كيف يستدرون عطاياه التي لا تنتهي لاشباع غرائزه في شقته المزينة بالتحف النفيسة, وفي إحدي الليالي الكئيبة علي صدر سليم بدأت فاقته تدق فوق رأسه والاسئلة تتصارع في مخيلته عن سبب فقره المستمر, بالرغم من الأموال الطائلة التي يقبضها بكفه ليلة بعد أخري عبر اقتياده للساقطات لعملاء الحرام, ومرت علي ذاكرته رضا طليقته التي عرف من أصدقائه أنها تمارس الحرام منذ فترة, فقام إلي هاتفه واتصل بها ودار الحديث بينهما وطال عن معاناته من فقره الشديد مهما تحصل علي أموال, فاقترحت عليه أن يصحبها لتاجر بالساحل تعاملت معه من قبل وتعلم أن ثروته طائلة, وانتهت المحادثة بالاتفاق علي سرقة التاجر والتخلص منه للاستيلاء علي ثروته الكبيرة, بالاستعانة بسائق من معارفها, ونام سليم ليلته ونفسه تحدثه أنه يعرف تاجر الساحل حق المعرفة ويعلم غناه الفاحش وأغمض عينيه وأحلام الثراء تداعب خياله. وفي عصر اليوم التالي أدي سليم دوره ببراعة كالمعتاد وأسهب في وصف فرس جديد كما تعود مع التاجر الذي نجح الميكانيكي في إسالة لعابه.. ومرت الساعات سريعة وأدي الشياطين الثلاثة ما اتفقوا عليه, وتركت رضا الباب مواربا حتي يسهل دخول سليم الذي اختار اللحظة المناسبة وظهر للتاجر, وارتفع صوته وهو يسب التاجر معاتبا أنه لم يعلم أن القادمة إليه هي طليقته, ولكن التاجر نهر سليم وحذره, ولكنه قفز فوقه ممسكا فانلته الداخلية ولفها حول رقبته في سرعة وضغط شديدين حتي فارق الحياة فانطلقا يعبئا الحقائب البلاستيكية بحوزتهما بما غلا ثمنه وخف وزنه. وكان اللواء جمال عبد العال مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة قد تلقي إخطارا من المقدم علاء خلف الله رئيس مباحث الساحل يفيد تلقيه بلاغا من أسامة اسكندر56 سنة تاجر, باكتشافه مقتل شقيقه كمال59 سنة تاجر ومقيم بالساحل, ولا يشتبه في أحد. وبانتقال وبفحص العميد عبد العزيز خضر رئيس مباحث قطاع الشمال والعقيد علاء فاروق مفتش المباحث وجدت الجثة ملقاة علي ظهرها بأرضية غرفة النوم, ووجدت فانلة داخلية ملفوفة حول العنق, وتبين بعثرة بمحتويات غرفة النوم وسرقة جهاز تليفزيون وهاتف محمول ومكواة وخلاط. وبناء علي توجيهات اللواء أسامة الصغير مساعد أول الوزير لأمن القاهرة, واللواء جمال عبد العال مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة, بسرعة ضبط مرتكبي الحادث وكشف غموضه أسفرت جهود البحث عن أن آخر مشاهدات للمجني عليه كانت مع محمد سليم45 سنة ميكانيكي مقيم بمنطقة شبرا الخيمة, وتبين أنه اعتاد اقتياد الساقطات إلي المجني عليه, وأنه وراء ارتكاب الواقعة بالاشتراك مع رضا محمد33 سنة ربة منزل ومقيمة بالقليوبية وطليقته بالاتفاق مع شريكهما الثالث مصطفي عبد الفتاح50 سنة سائق ومقيم بشبرا والذي انتظرهما في سيارته للمساعدة في هروبهما. وعقب تقنين الاجراءات تمكن الرائد المصطفي إبراهيم والنقباء أحمد القاضي ومازن جمال من ضبطهم وبمواجهتهم أمام اللواء عصام سعد مدير المباحث الجنائية, اعترفوا بارتكابهم للجريمة, وأضافت المتهمة رضا بأنها ترتبط بعلاقة جنسية بالمجني عليه ولعلمها بثرائه خططت للتخلص منه والاستيلاء علي متعلقاته بالاشتراك مع باقي المتهمين, وأقرت أنها توجهت إلي مسكن المجني عليه وعقب دخولها حضر طليقها سليم وافتعل مشادة كلامية مع القتيل ثم غافله وخنقه باستخدام الفانلة الداخلية المعثور عليها بمكان الحادث حتي تأكد من مفارقته للحياة واستوليا علي المسروقات المشار اليها و1000 جنيه وفرا هاربين مستقلين السيارة التي كانت تنتظرهما بقيادة مصطفي المتهم الثالث إلي أن تم ضبطهم, ثم بارشادهم ضبط المسروقات و650 جنيها, وأضافوا بانفاقهم باقي المبلغ علي متطلباتهم الشخصية وبعرض المضبوطات علي شقيق المجني عليه, تعرف عليها واتهمهم بارتكاب الواقعة. تحرر ملحقا للمحضر الأصلي, وتولت النيابة التحقيق. رابط دائم :