كشفت دراسة علمية حديثة أن مصر بالفعل "أم الدنيا" وهو ما أعلنته الأبحاث الوراثية التي أثبتت بما لايدع مجالا للشك أن أول هجرة للإنسان العاقل الذى استطاع الوصول إلى أوروبا وآسيا جاءت من الشمال عبر "مصر" منذ حوالى 55 ألف عام، وهو ما يجعل هذه الدراسة تجيب على العديد من التساؤلات عن الطريق الذى أخذه "الإنسان العاقل" فى وقت مبكر خلال فترة الانتشار فى القارة الأفريقية، وهو ما يدل فى النهاية على أن أكثر الأوروبيين والآسيويين الذين يعيشون اليوم أقرب وراثيا لسكان مصر أكثر من إثيوبيا. وأشارت الدراسة وفقا لما نشرته صحيفة "ديلى ميل البريطانية" إلى أن مصر هى المحطة الأخيرة للأشخاص الذين هاجروا من أفريقا منذ 55 ألف عام، بدلا من اتخاذ الطريق الجنوبى من خلال إثيوبيا، حيث يعتقد العلماء أن البشر قد سافروا من إثيوبيا عبر مضيق باب المندب إلى شبه الجزيرة العربية، ومع ذلك فإن البحث الجديد يشير إلى أنهم اتخذوا الطريق الشمالى من مصر إلى شبه الجزيرة العربية ومن ثم الخروج إلى آسيا وأوروبا وهو الطريق الأكثر احتمالا، كما أن نتائج البحث تدعم أدلة أن أوائل البشر الذين غادروا أفريقيا تواصلوا مع البشر البدائيون فى بلاد الشام فى ذلك الوقت. وقال الدكتور توماس كيفيسيد، أستاذ "علم الإنسان" بجامعة كامبريدج البريطانية، وأحد المشاركين فى البحث: "فى حين أن نتائجنا لا تعالج الخلافات حول توقيت التوسع خارج أفريقيا، فإنها ترسم صورة واضحة فيها أن الهجرة الرئيسية من أفريقيا اتبعت الشمالية، بدلا من الطريق الجنوبى"، فيما أضاف زميله الدكتور "لوكا باجانى" المختص من جامعة كامبريدج بعلم الوراثة، والناشط مع معهد "ولكام تراست سانغر" البريطانى: "أن النتيجة الأكثر إثارة من نتائجنا هى الأكثر إثارة وأهمية بما توصل إليه البحث الذى شارك فيه زميل لهما، هو الدكتور كريست تايلر- سيمث، من "معهد ولكام" أيضا، الذى كشف ما كان مخفيًا بحجاب عن تاريخ "أوراسيا" ومن فيها، وأدى إلى فهم أكثر "للتطور الذى حدث لمليارات من السكان" على حد ما قال فى البحث المتضمن نتائج فحوصات على جماجم لأسلاف فى أزمنة سحيقة. وأضاف "من المثير أنه فى عصر الجينوم وDNA الذى يسمح لنا لاستكشاف وفهم الأحداث القديمة من قبل 60000 عاما"، وذلك فى إشارة منه إلى طبيعة وطرق هجرات "الإنسان العاقل" التى تعرف إليها معدو البحث من تحليل كامل "الجينوم" الوراثى المأخوذ عيناته من225 شخصا فى مصر وإثيوبيا. وقد أظهرت دراسات سابقة أن السكان الحديثين فى هذه البلدان لديهم الجينات التى جاءت من غرب آسيا، لذلك فقد اقتنع الباحثون هذه المساهمة الأوروبية الآسيوية الحديثة للجينوم، كما وجد الباحثون أن ما تبقى من مناطق "الجينوم" من العينات المصرية كانت السكان أكثر شبها الذين يعيشون خارج أفريقيا من المناطق المتبقية فى عينات الإثيوبية. وقدر الباحثون أيضا أن الناس الأوروبيين وسكان آسيا على ما يبدو انشق عن "الجينوم" المصرية منذ حوالى 55000 سنة، فى حين كانت آخر مشاركة سلف مشترك مع سكان الإثيوبية قبل 65000 عام، وهو ما يشير فى النهاية إلى أن مصر كانت من الأرجح أن تكون البوابة التى انتشر من خلالها الإنسان العاقل من أفريقيا إلى جميع أنحاء العالم.